بيت الفن
نظمت مؤسسة أونا- دار الفنون بالدار البيضاء، مساء أمس الأربعاء، لقاء فكريا حول الإصدار الجديد للكاتب والباحث الجمالي الدكتور، محمد الشيكر، الذي اجترح له اسم “الكتابة وتجربة الحدود”.
وساهم في هذا اللقاء المفتوح باقتدار كل من الناقد الأدبي والمترجم مصطفى النحال، والشاعر والتشكيلي العراقي علي البزاز، والشاعر والناشر محمد مقصيدي.
حضر اللقاء جمهور نوعي يضم أدباء وفنانين وباحثين تابعوا مداخلات الأساتذة المساهمين بشغف وتفاعل كبيرين.
استهل مصطفى النحال اللقاء بقراءة أكاديمية عميقة للكتاب المحتفى به، وعمل على استخلاص أبرز المقومات الجمالية والأنطولوجية لما يدعوه د. محمد الشيكر بكتابة تجربة الحدود أو الكتابة القصوى، وختم مداخلته بتثمين عمل المؤلف، والثناء على مجهوده الفكري والفلسفي. فيما انصرف الشاعر والفنان العراقي علي البزاز إلى الإعراب عن انهمامه بكتاب محمد الشيكر “الكتابة وتجربة الحدود “، إلى حد أنه وجد كما يقول ترجمة فلسفية واستتيقية لتجربته الوجودية القائمة على الاغتراب المستديم، وعلى العبور الدائب للحدود والخرائط الجغرافية والسجلات الثقافية. لذلك عمل علي البزاز في قراءته للكتاب المحتفى على المراوحة الحصيفة والمبدعة بين مضامين منجز محمد الشيكر، وبين تجربته الأنطولوجية الخاصة. أما مداخلة الشاعر محمد مقصيدي فكانت عبارة عن اقتراب ذكي من مقتربات كتاب الدكتور محمد الشيكر، ومن مرجعياته الفلسفية المعتمدة، كما عمل مقصيدي على ربط الكتاب المحتفى بالمتن الفكري العام والذي يجوس بين الأفقين الجمالي والفلسفي. وأخذ صاحب الكتاب المحتفى به الكلمة في الأخير في تفاعل مثير مع الحضور.
وتناول الناقد الجمالي والكاتب محمد الشيكر في هذا اللقاء المفتوح استراتيجية الكتابة الأدبية وتجربة الحدود، من خلال النبش في أعماق الأشياء والعالم والتجريب.
وتطرق صاحب الكتاب الصادر ضمن منشورات “شرفات” لدار النشر”الزمن” إلى ظاهرة أدبية سماها “حدود الانمحاء وانمحاء الحدود” في علاقتها بالكتابة، فضلا عن التفصيل في ظاهرة أدبية أخرى سماها، أفول امبراطورية الكاتب في مجال الكتابة الأدبية، مبرزا أن الكتابة الأدبية تتحدد في الإبيستيمي الحداثي، كتجربة جمالية قصوى، غير أنها ليست تجربة بيوغرافية للذات إزاء ذاتها أو إزاء الوجود والزمن.
وتابع أن الكتابة الأدبية، في البراديغم الجمالي الحداثي، هي بخلاف ذلك، تجربة حدودية، محايدة ولا شخصية، تضع الأنا على ” عتبة الغياب “، تقود الذات الى الانمحاء والتشظي والتيه والشتات، حيث يفقد الزمن منظومته الاسنادية، ويفقد الوجود وحدته الأنطولوجية، ويتحلل الأنا من هويته ككوجيطو.
في هذا النمط من الكتابة، يضيف محمد الشيكر، لا تعود الذات حضورا إزاء موضوعات العالم، ولا تغدو اللغة أداة لتمثيل الواقع المرجعي واستعادته بصورة ميمية، بل تصبح منذورة لفتنة الغياب.. غياب الزمن والكينونة، وخرائط الأشياء والأحياء .
تجدر الإشارة إلى أنه صدرت لمحمد الشيكر مؤلفات أخرى منها كتاب ” الفلسفة الألمانية، هايدغر ضد نيتشه”، وفي الجماليات نذكر تحديدا “الفن في أفق ما بعد الحداثة التشكيل المغربي نموذجا”، إلى جانب عدة دراسات وترجمات منشورة بعدد من الصحف والمجلات الوطنية والعربية.