بيت الفن
يحتضن رواق” (Le Chevalet) لوشافلي” بالدار البيضاء، إلى غاية 14 أبريل الجاري، الأعمال الفنية الجديدة للفنان التشكيلي محمد السالمي في معرض يحمل عنوان “الدار البيضاء تشكيليا”، ويندرج ضمن المدرسة التكعيبية التعبيرية.
وقالت الدكتورة والناقدة الجمالية، فوزية ضيف الله، إن محمد السالمي يشتغل على الأسلوب التكعيبي منذ حوالي 12 سنة، وقد كان في بحث مستمر، إلى أن اقتنع بهذه التجربة الجديدة، التي يقدمها في معرض شخصي يوضح أسلوبه التعبيري الجديد. لقد حاول الخروج عن الاسلوب التكعيبي لكنه احتفظ بقواعد المنظور.
وأضافت ضيف الله أن هذه الأعمال حملت هذا الاسم لكونها تحتفي بمدينة الدار البيضاء، احتفاء تكعيبيا تشكيليا. لقد حاول الفنان -وفق ما يقوله- استثمار الأسلوب التكعيبي في الاشتغال على مدينة الدار البيضاء كموضوع للوحاته وأعاد صياغة الصورة المرئية للمدينة من خلال اعتماده لأسلوب ديناميكي يُحول الكتل والمساحات الهندسية إلى سطوح متنوعة الأشكال ومتداخلة الأوضاع، تتجلى في مرئية شفافة وتتحرك نحو اتجاهات مختلفة.
وأبرزت الناقدة الجمالية أنه يبدو لنا أن اللوحات مشوهة، مفككة، متلاشية، لكنها تظهر في بناء جديد. يطبق الفنان المنهج التفكيكي الداريدي، ليجزأ المشهد، والمدينة والواقع، ليمحو تفاصيل يومية أصابها التشظي والضياع، ثم يعيد تركيبها لتظهر في بهاء مربك للعين ومربك للوجدان. إن الغاية من الهدم هي البناء، والغاية من التفكيك هي إعادة التركيب. يبدي الفنان عدم الرضى عن واقع مفتت، مشتت، لذلك يثور عليه ويمحوه، ثم يعيد تركيبه وفق تصور حركي دينامي، فيضفي على المساحات الجامدة من المدينة حركة متدفقة تخاطب الأعماق وتحمل الانسان نحو خدعة بصرية تجره إلى نفسه وتعيده إلى عمقه وأصله الذي تلاشى وسط صخب المدينة وضوضائها.
وبخصوص هذا الحدث الفني الذي يحتضنه رواق “لوشوفاليي”، يقول الفنان التشكيلي محمد السالمي، “إنه تشكيل قد يعمل على المحافظة على عناصر الفضاء الفني وفي الوقت نفسه يعمل على إضفاء الكثير من الغموض والارباك في الانشاء الفني والجمالي وكيانه التركيبي رغم التداخل في اللوحة، ورغم تشتت الفضاء فيها، فإن ذلك لا يلغي منطق الضوء (le contraste de lumière)، وتظل الالوان المتداخلة والشفافة مؤثرة في اللوحة. يضفي الفنان على اللوحة “جرعة فنية إضافية”، فيمارس ما يسميه كانط وغادامار “اللعب الفني”، فنراه يُدخل تشويهات عنيفة على الفضاء، وقد لا يحترم المقاسات عنوة وقصدا، للتعبير عن الاستلاب الذي أصاب المعمار والإنسان على حد السواء.
يكتب السالمي متحدثا عن تجربته التعبيرية الجديدة التي يعرضها “في اللوحة يتحطم الشكل الخارجي للصورة المرئية، لأجعل منه شكلا فنيا، إنها رؤية بصرية تعتمد على تفكيك الأشكال وتفتتيها إلى مكونات جزئية لتتم إعادة تركيبها بنمط أكثر حركية ودينامية، مع الاحتفاظ أحيانا على الصورة ثلاثية الأبعاد، فأقوم بهدم القواعد وأمحو كل ما بنيت”.