تجاهل ذكرى رحيل الكاتب في الـ30 من غشت
شريف الشافعي
تعرض الكاتب المصري نجيب محفوظ للكثير من المضايقات في حياته سواء من قبل السلطة التي منعته من نشر بعض كتبه مثل روايته “أولاد حارتنا” التي هاجمه بسببها شيوخ الأزهر فتأخر نشرها في مصر من سنة 1959 إلى 2006 بعد وفاة الكاتب، أو من قبل بعض الظلاميين الذين بلغ بهم الأمر أن حاولوا اغتياله فعلا في حادثة الطعن التي قام بها شابان سنة 1995، ويتواصل الأمر حتى بعد وفاة الكاتب العربي الوحيد الحائز على جائزة نوبل للآداب، إذ طالت عائلته وشخصه الكثير من الإساءات، آخرها تجاهل وزارة الثقافة المصرية لذكرى رحيل الكاتب في الـ30 من غشت.
مرت ذكرى رحيل الكاتب المصري نجيب محفوظ دون احتفاء يذكر من المؤسسات الثقافية في مصر، حيث لم يفتتح المتحف الخاص بالكاتب الذي تعطلت أشغاله، وربما هذا ما حدا بوزارة الثقافة المصرية الإعلان هذه الأيام عن إحياء جائزة تحمل اسم نجيب محفوظ بعد سنوات من توقفها، في حلة جديدة، وكأنه نوع من التعويض عن التقصير تجاه الكاتب.
يبدو أن المؤسسة الرسمية أرادت أخيرا تقديم ما يمكن وصفه بـ”اعتذار دبلوماسي” أو “ترضية رمزية” لنجيب محفوظ وأسرته بعد هذه الأمور والملابسات كلها، من خلال جهتين كبيرتين تتبعان وزارة الثقافة المصرية، الأولى هي المجلس الأعلى للثقافة، والثانية صندوق التنمية الثقافية.
وأعلن المجلس الأعلى للثقافة عن عودة “جائزة نجيب محفوظ للرواية”، التي كانت تنظم بشكل دوري وتوقفت في عام 1999 لأسباب غامضة. وذكر الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة حاتم ربيع في بيان له في مطلع شتنبر الجاري أنه تقرر رفع القيمة المالية للجائزة من 25 ألف جنيه إلى 40 ألفا (أقل من 2300 دولار/ الدولار يساوي 17.6 جنيه مصري).
ملامح جائزة نجيب محفوظ، في ثوبها الجديد، لم تتشكل بعد، ومن المقرر صياغتها بشكلها النهائي قبل حلول ذكرى ميلاد نجيب محفوظ في 11 دجنبر المقبل، وتتولى ذلك “لجنة القصة” بالمجلس الأعلى للثقافة.
لم يتضح من معالم تلك الجائزة سوى أنها ستكون مفتوحة للروائيين العرب وليس للمصريين فقط، وفق المجلس الأعلى للثقافة، الأمر الذي دفع كتابا ومبدعين ومثقفين إلى المطالبة بزيادة الترفيع في قيمتها المالية، فجائزة عربية تحمل اسم الأديب العربي الوحيد الحاصل على “نوبل” بقيمة مالية لا تتجاوز 2300 دولار أمر لا يليق، خصوصا في ظل وجود جوائز عربية أخرى تمنح الروائيين مئات الآلاف من الدولارات.
يشار إلى أن هناك جائزة أخرى تحمل اسم نجيب محفوظ، يمنحها سنويا قسم النشر في الجامعة الأمريكية بالقاهرة منذ عام 1996، وقدرها 1000 دولار فقط، لكن قيمتها الأبرز تتعلق بترجمة العمل الفائز إلى اللغة الإنجليزية، وتسويقه عالميا بلغات متعددة، بما يدر عائدا ماليا متجددا للمؤلف.
الجهة الثانية، التي أخذت على عاتقها “ترضية” اسم نجيب محفوظ، وتقديم “اعتذار دبلوماسي” له، هي “صندوق التنمية الثقافية”، وذلك بالإعلان (على نحو أكثر جدية هذه المرة) عن قرب افتتاح “متحف نجيب محفوظ” في تكية أبو الذهب الأثرية بالقاهرة الفاطمية، وانتهاء “التجهيزات الأولية” للمكان خلال شهرين على أقصى تقدير.
أخلت وزارة الآثار مكان المتحف تمهيدا للانتهاء من أعمال الترميم وغيرها، وفق الدكتور أحمد عواض رئيس “صندوق التنمية الثقافية”، الذي أشار في بيان له إلى الانتهاء من أعمال الكهرباء والمصاعد والتكييف، موضحا أنه “تتبقى فقط أعمال العرض المتحفي والتجهيزات الفنية للمتحف، التي يتم تصنيعها الآن وفق أحدث النظم العالمية”، ومن المقرر إنجاز تلك المهام خلال شهرين على أقصى تقدير.
يذكر أن ذكرى رحيل محفوظ (30 غشت الماضي) كانت موعدا مقررا للانتهاء من الأعمال والتجهيزات بالمتحف، تمهيدا لافتتاحه في وقت لاحق، لكن أمورا إدارية وبيروقراطية عطلت الأشغال.
وزارة الثقافة المصرية، بدورها، وعدت بافتتاح المتحف قبل نهاية العام الجاري 2017، إما في أكتوبر (ذكرى حصول محفوظ على نوبل) وإما في دجنبر (ذكرى ميلاد محفوظ).