“كذب أبيض / كذب بالألوان”..شذرات حلم مجهض وذاكرة منسوفة

كذب أبيض شريط شبه روائي هاوي بنسخ ولصق هجين، بلا سينما ولا فن، وجوائزه هي تطبيل على ماء السراب… أي كذب بالألوااان...

أتى كذب أبيض بدون رؤية فنية حتى لا أقول سينمائية، فهو مجرد ذاكرة “ذات براغماتية حالمة” بلا معنى ولا هدف...

كذب أبيض وخديعة انطلت على العديد من المتتبعين السينمائيين، لكن المتمعن للعمل بعيدا عن أضواء الإعلام المبهرجة الزائفة، ونقد باعة الخردة البراقة، ينجلي له الكذب المعسول…

هشام الودغيري

معالجة موضوع الذاكرة سينمائيا هو تدريب صعب للغاية، سواء كتابة أو تقنية إخراج، أو فنية أداء، أو صوت، أو موسيقى، وديكور، وأيقونات ورموز. حبكة تمثلات الذاكرة بالسينما لها قواعدها وضوابطها، ولا تقبل المزايدة العبثية ولو من جانب ادعاء مقاربة مخيال فني.

أصل الصورة السينما

ينطلق شريط “كذب أبيض” من صورة للمخرجة/السيناريست أسماء المدير وهي طفلة ذات 7 سنوات في ليلة رمضانية، ليلة 27 المعروفة بليلة القدر، حيث تذهب الفتيات الصغيرات في أبهى حللهن بفساتين تقليدية، ونقوش الحناء على الأيادي والأرجل، من أجل أخذ صورة تذكارية عند مصور الحي (“استوديو السعادة”). تلي التقاط الصورة التذكارية طقوس احتفالية من قبيل الركوب على هودج العروس (العمارية)، وحصان مسرج برفقة فرقة موسيقية شعبية، وذلك من باب التبرك بالليلة، ومن قبيل الفأل الحسن من أجل مستقبل مشرق.

من هنا كان مدخل الشريط إعلانا عن خط سيرة ذاتية لشخصية مبهمة/عادية من سواد العوام، بمعطى رمزية ليلة القدر الدينية وبعدها الاحتفالي الشعبي (أتى بتصوير هواة لا يرقى حتى لمصوري الأعراس تقنيا).ثم ننتقل لفضاء منزل به الجدة والمخرجة/الممثلة وهي تسوي لجدتها آلة تصحيح السمع.

صورة تذكارية، مع احتفالية دينية، زائد آلة تصحيح السمع، كلها معطيات استهلال سردي/بصري تلتقي تسلسلا لبسط (من المفروض) ما سيأتي من توالي مشاهد وأحداث، سنعلم فيما بعد أنها مجرد بعثرة أوراق لا تتجانس مع بنية السيناريو كوحدة حكائية ولو من باب العبث.

ثم تتلاشى الصورة التذكارية للطفلة، لننتقل لأستوديو/ورشة فبركة تماثيل دمى وديكور دور وواجهة حي شعبي بشكل مصغر Miniatures، ستكون شخصيات/فضاء/مسرح لحكي مسار الشريط، بدءا بالاحتفالية الدينية (ليلة 27 رمضان / ليلة القدر)، ثم الانتقال إلى ما وراء حيطان البيوت خاصة بيت الجدة، ويتسلسل الحكي ما بين الشخوص (آدمية ودمى) والبنايات والأزقة المصغرة، وبين الأب والأم و”با عبد الله”وهم يصنعون الدمى مع ما يتطلب ذلك من توابع وملابس، والشأن كذلك مع ديكورات الحي والمنازل والمقبرة.

من هنا ننتقل لمعطى فيلمي آخر هو “تصوير التصوير”  Making of، ونلج شبه ربورتاج تلفزي عن صنع الدمى والديكور من طرف والد المخرجة وأمها وبا عبد الله (تأكيد صدقية حرفية الأسرة في صناعة الدمى والمنمنمات، الشيء المجانب للحقيقة كون الأب بناء، ولا علاقة للأسرة بالفن أو الصناعة التقليدية، والتحاقهم بطاقم الشريط أتى في آخر لحظات ما قبل الإنتاج كمنقذين وليس كمعززين).

هذا المعطى التبريري يغلف السرد ويتحايل على المشاهد، بطريقة مرادها الظاهر هو بلورة تصور تصوير الأحداث بشكل مغاير Otherwise، وفي باطنه مجرد تقشف إنتاجي بئيس لتجنب التصوير في ديكور حي، وكل ما يتطلب ذلك من لوجستيك ومجهود إخراجي ومالي.

الإبداع أساس التصور الفيلمي

الشريط هو محاولة تقديم عمل غارق في شخصنة الأنا الأعلى، بمقاربة الصورة الفوتوغرافية بالتقنية السينمائية، لكن غاب عنها إبداع/ ابتكار/ استكشاف أسئلة وتقنيات جديدة، مرتبطة بالانتقال من الصورة إلى تمثل الحدث كسرد سينمائي.

يتناول “كذب أبيض” كفكرة موضوعات قوية وحساسة، يقود إلى تفكير ذي صلة بالصور والقوى، بالذاكرة والنسيان، بالاختفاء والطمس. نتذكر الضرر الناجم عن التلاعب بالصور والتقارير الكاذبة في الأنظمة الديكتاتورية (النازية كمثال)، نستحضر الشغف الذي يمكن أن يمتلكه المصور لالتقاط كل تفاصيل الحرب أو الكارثة كسارق للنظر، كفاعل إنساني، كمناضل، كجندي مسلح بآلة التصوير الفوتوغرافي… لكن الشريط لا يعير أي اهتمام بالأمر (جهلا أو تجاهلا؟)، وتقتصر المخرجة على اللعب العفوي بآلة التصوير كلاقطة فيديو، وبناء وتأثيث “قصر” حلمها الطفولي بديكور مسرحي بمجسمات مصغرة، تختزل فيه لعبة ورق متلاشية/غير ذات أهمية (صور ذكريات هلامية دفينة)، يستوجب سترها/ طمسها بلفافات بلاستيك وتركها للنسيان، كمعطى رسمي وتواطئي لنسف القضية (جبر ضرر ضحايا “انتفاضة الكوميرا” العالقة لحد كتابة هاته السطور (المشهد الأخير).

الشريط هو حيوات ذاكرة طفلة بمعية جدتها، يأخذ خلفية تبريرية ظاهرها المعلن، ولو بخجل، ذاكرة أحداث انتفاضة “الكوميرا” في مقاربة “تصور ذاتي / تصور الآخر – Self-Perception /Perception of others”، هذا التصور ينطلق من الذاكرة الذهنية إلى الذاكرة الجسدية، ومن مفترض كون الجسد هو بيت ذاكرتنا وهو هيكل نصب آثار ماضينا، لكن الحاصل في الشريط، جسد مغيب (مشهد “با عبد الله”العم/ الجار وهو يحكي تفاصيل الزج به بالمعتقل، لا يظهر أثر ذلك على جسده، ولا في تمثيله الخشبي، ولا بعملية الإخراج)، حدث منسوف (حرقة الذكرى الأليمة لـ”انتفاضة الكوميرا” لا تستشف لا من السرد الفيلمي ولا الحوار، لأنه وبكل موضوعية سرد هش مع حوار ملقن، وليس حوارا مؤسسا من أعماق وآلام التجربة)، تشخيص فظ من طرف أشخاص لا علاقة لهم بالتمثيل ولم يهيؤوا لذلك (وآنا أشاهد هذا المقطع استحضرت وجه الممثل المغربي مصطفى الزعري على وجه الشبه، كما تذكرت الممثلة المغربية عائشة ماه ماه، وبنظري كان اللجوء إليهما سيعطي الشريط لمسة مهنية إيجابية).

الممثل حامل الفيلم

الشريط لم ينجح في تغليف/ توليف صراع “أحداث 81” بصراع الجدة/ الحفيدة، ولم يفلح في أن يشاركنا مشاعر بطلتاه المتناقضتان شكلا وخطابا. تتلاشى الفكرة/ النواة مع تقدم الشريط إلى غاية تجاهل حياتهما الخاصة، والنط نسفا ومسخا وتحقيرا على “أحداث 81” بتقنية تصوير ربورتاج نشرة أخبار تلفزة جهوية. إضافة إلى ذلك، تصور المخرجة عالمها الصغير باهتمام توثيقي تلفزي هاوي تغيب عنه التفاصيل الأصيلة والكاشفة، سواء في إيماءات الشخصيات أو الحوارات أو الأماكن (“علي الصافي” اعتمد الكشف عبر المنولوغفي شريطه “قبل زحف الظلام – Before the Dying of the Light” إنتاج 2020، “غسان حلواني”  اعتمد الكشف عبر المكان في شريطه التجريبي التحفة “طِرس، —– رحلة الصعود إلى المرئي – Erased, —– Ascent of the Invisible” إنتاج 2018 … مثلا).

الحفيدة/ المخرجة هي محبطة، عالقة في التقاليد ولكنها مستعدة لإطلاق العنان لعنفوانها/ حماقاتها بمجرد أن تتاح لها الفرصة، لكن الجدة دائمة بالمرصاد (مشهد كسر اللوحة الزجاجية، أقحم نشازا عن الموضوع والتسلسل، سرديا وبنيويا). الجدة هي الحاكم العام، هي حارس الذاكرة المعتقلة والمطموسة، هي ساحقة الأبيسية Patriarchy والذكورية والرأي والتعبير بكل أشكاله، هذا في خلفية المتفرج السينيفيلي فقط وليس بتاتا مشاهد أو ملموس في الشريط.

السينما العربية غالبا ما لا تعرف التحدث عن الجنس، الاغتصاب، القمع إلا بأسلوب واحد: الصراخ مقرونا بالعنف اللفظي. من هذا المنطلق يمكن اعتبار مشاهد الجدة تصوير ناجح للصراع (تنخرط الجدة مع الحفيدة في علاقة صراع أجيال قوي لفظيا، مع نبرة لم ترق إلى درجة درامية مطلوبة في مثل هذه الحالة)، لكنه مجرد تمظهر مسرحي هاوي، لا يقدم أي عنصر معزز لتأمل صراع “أحداث 81″، سواء على المستوى التاريخي أو السياسي أو الفلسفي، أو كمقاربة عارفة/ مفكرة لشكل سينمائي جيد أو جديد.

غياب شبه تام لمقومات الدراما، الشخصية/ النفسية، الحرب/ الصراع، الموت/ العذاب، العائلة/ الوطن، الاختيارات المستحيلة/ المعيش الساحق، تم إفساد/ نسف كل تلك الأمور برمتها، بسبب الإفراط في تصوير التصويرMaking-of، وغياب نحث التشويق بالصورة والتقطيع.

السينما الوثائقية ذاكرة ورؤية

معالجة موضوع الذاكرة سينمائيا هو تدريب صعب للغاية، سواء كتابة أو تقنية إخراج، أو فنية أداء، أوصوت، أو موسيقى، وديكور، وأيقونات ورموز. حبكة تمثلات الذاكرة بالسينما لها قواعدها وضوابطها، ولا تقبل المزايدة العبثية ولو من جانب ادعاء مقاربة مخيال فني. فمثلا تواجد علامة تشوير طرقي بالشريط، “GVD”  أو سطوب STOP باللغة التركية لا مجال لإقحامها في الشريط وتكرارها في التركيب. دخول شخص خارجي لرسم وجه الجدة على إطار زجاجي شفاف (أتذكر وثائقي لهنري جورج -كلوزو حول بيكاسو: “لغز بيكاسو” – 1955) ثم كسرها، دون سابق تقديم ولا وضع منطقي للمشهد في السرد، مشاهد تدخل الدمى العسكرية بخوذة عليها نجمة، وهي على غير حال الخوذات العسكرية المغربية، بل تحيل تحديدا للعسكر اليوغوسلافي بستينيات القرن الماضي عهد الديكتاتور المارشال تيتو. وكل ما ذكرته مجرد مراجع ثانوية/ فالتة، عوض خدمة مراد الطرح، تأسس للبس في الفهم البنيوي والمرجعية الثقافية والسينيفلية المشتركة لدى المتفرج.

ولتقريب الصورة أكثر للقارئ، تصوروا معي لحظة كون هذا الشريط هو مشروع في إطار معرض متحف عن “شهداء الكوميرا”، والنماذج كثيرة على يوتيوب، هل كان سيعرض بغرض توثيق الحدث وتقديمه للمشاهد (ولو برؤية شخصية) ليأخذ فكرة تقريبه/ مقاربته فعلا لما وقع (حتى عملية تصوير المقبرة الجماعية أتت مفبركة، ولم تكن لا بالجودة التوثيقية ولا الفنية السردية المطلوبة، مما أفرغ المشاهد من أحاسيس هول وقع المأساة الإنسانية على المشاهد.

بعد مشاهدة شريط “كذب أبيض” أول مرة بقاعة المعهد الفرنسي بالرباط، صادفت ليلتها شريطا وثائقيا فرنسيا على القناة الثالثة الفرنسية (“لننقذ الأطفال”  Sauvons les enfants(63 دقيقة)، إخراج  Catherine Bernsteinإنتاج 2021، يحكي عبر تقنية الربورتاج والدمى والديكورات المصغرة أحداث تهجير 600 يهودي من مدينة ليل الفرنسية نحو أوشفيتز ببولندا بالقطار، حيث تم إنقاذ 40 طفلا من طرف عمال السكك الحديد. هذا الوثائقي اشتغل أيضا بتقنية الدمى والمجسمات المصغرة، لكنه بخلاف “كذب أبيض” صور وأخرج بطريقة تقنية سينمائية جد متفوقة وبإحساس فني عالي، دون بهرجة).

وهنا لا أتحدث عن مصداقية الشهادة/ الوثيقة التاريخية/ المتحفية، بل أريد التسطير على مصداقية المشاعر والأحاسيس، بدءا من الكتابة حتى عملية التوضيب مرورا طبعا بتقنيات الإخراج، التي من المفروض أن ينقلها لنا الشريط، وهي العملية الغاااائبة بـ”كذب أبيض”.

كما أتذكر هنا فيلم “العنصر الخامس” The Fifth Element، إخراج لوك بيسون Luc  Besson   (1997)، حيث البطلة تستعرض بشاعة الأحداث التاريخية للبشرية أثناء مشاهدة صور فيديو وتصفح كتب برمشات عين سريعة، مع حلول المشاهد لا شعوريا مكانها، في مشاركة تدمرها من هول بشاعة ما اقترفته البشرية من مآسي وكوارث في حق الإنسانية والطبيعة.

وبهذا تكون المخرجة (ماشي الصحافية) أسماء المدير قد فوتت على المتفرج خلق تجربة جمعية قوية، مشاعريا وتوثيقيا وتاريخيا وجمالية، كذاكرة لحدث مأساوي مشترك مجتمعيا وإنسانيا.

لذا، أتى “كذب أبيض” بدون رؤية فنية حتى لا أقول سينمائية، فهو مجرد ذاكرة “ذات براغماتية حالمة” بلا معنى ولا هدف، في كنف أسرة ميكروسكوبية بمجتمع مقموع وبئيس.

السينيفيليا تراكم واع لا يمكن جهله أو تجاهله

سأجازف وأقابل جدلا “كذب أبيض” بالآليات السينمائية الدقيقة لفيلم Blow Up إخراج أنطونيوني (1966)، حيث تم التفكير في جميع الخطط وترتيبها وحسابها بتسلسل لا تشوبه شائبة، به تأمل جمالي حول الزمكانية، والعين والعقل، والمجهول والغيب، واللاواعي والحدس.

كما ذكرني “كذب أبيض” بخواء موضوع فيلم “الكسوف” L’Éclipse لأنطنيوني (1962) في استغلاله لتقنية الكسوف للمرور من فقرة مشاهد إلى أخرى، على عدم ترابطها الفقري في بناء السيناريو، حيث هي مربوطة بخيط شخص الممثلة الرئيسية في فكرها وحركاتها وأحاسيسها، كل ذلك في قالب جمالي تبسيطي، وأناقة إيطالية كلاسيكية ممزوجة بعشق للترف البراغماتي، مع توظيف أيقونات مليئة برموز فنية وثقافية تمزج بين ما قبل التاريخ والحاضر المعاصر، تتماشى مع تقنية التصوير بالأبيض والأسود. في مقاربة ما قبل غودارية في تحرير الحكي الفيلمي بالصور، وبخلفية تبريرية انطلاقا من عوالم المضاربات المالية لبورصة روما، وترك المشاهد حرا في ربطها بعوالم مضاربات بورصة العشق.

نفس الأسلوب في “بلو آب” Blow-Up (1966)، مع تطوير في مستويات الموضوع والشكل، مع اختلاف في التصوير بالألوان، والارتكاز على عنصر رجالي، بخلفية جمالية تبريرية في عوالم التصوير الفوتوغرافي للموضة النسائية، وربطها في مقابلها التصوير الصحافي ببعده الاستقصائي البحثي على الطريقة البوليسية.

أما الحديث، مقاربة ومقارنة، مع سينما التحريك  Animation Cinemaفلا مجال.

من هنا أتساءل، ماذا باعت المدير في فيلمها غير صراعها النرجسي مع جدتها؟ ويا ليثه كان محبوكا بمهارة وذكاء، إذ تعثرت في إخراج هذا الصراع الأبيسي في حلة درامية مؤثرة وفاعلة، خصوصا واعتمادها في ذلك على خلفية تبريرية غير واعية/ عارفة، بالرجوع إلى أحداث 1981 الأليمة، الشيء الذي لم تتوفق في إحيائه دراميا، وتوثيقه كما يجب سينمائيا، كمشترك جمعي، وأغرقته في مكين-أوف Making-of هاوي وطويل، من أجل تبرير التبرير الفارغ، وهو أمر لا يهمني سينيفيليا ولا يخدم قضية الضحايا والمختفون.

شريط شبه روائي يميل للوثائقي، عنها وبها ومنها (المخرجة). موضوعه، تجريب لعبة استرجاع ذكريات طفولة، انطلاقا من صورة عند مصور الحي على خلفية شاطئ بجزيرة هاواي (موضة تلك الحقبة)، في مقابل طرح تحريم الصورة بالبيت الذي تهيمن عليه الجدة الأبيسية (مرجعية دينية)، للسقوط في موضوع “أحداث 81″، بذريعة وجود صورة لـ”مليكة الجارة” التي ذهبت ضحية رصاص طائش إبان الأحداث … تلك الأحداث التي لم تعثر لها المخرجة سوى على صورة واحدة وحيدة (في حين توجد صور أخرى للانتفاضة الشعبية على قلتها). ليستمر سرد الراوية/المخرجة على ثنائية غير متوازنة عن غياب صور الأحداث القمعية، ومحاولة استعادتها بإنشاء مسرح للأحداث بصنع مجسمات مصغرة للدور والحي والناس، مع توازي صعود الصراع النفسي/ الجيلي مع الجدة تحت أنظار الأب والأم المسالمين/ المتخشبين، وحضور هامشي للجارين (وهما ليس بجارين كذلك بالواقع) اللذان كانا من ضحايا الأحداث (عبد الله الزويد، وسعيد مسرور رئيس “جمعية 20 يونيو 1981”.

ما تميز به الشريط هو الانتقال بين الفقرات المشهدية عبر تقنية “السرد خارج الإطار” والقفز الحاذف Ellipse الغير مرتبط إلا بالمضمر، مع ترك ملئ فراغات ومفارقات السرد بالاستنتاج الشخصي للمشاهد. (يمكن القبول بهذه المقاربة السردية  Narrative ellipseلكن بالانضباط لشروطها التقنية والجمالية، وهل فعلا كانت المخرجة واعية بذلك؟.

هذا التميز على هفواته، يضع تساؤلا جوهريا: هل ذلك هو المراد أم هو محض مصادفة؟ (علما بغياب سيناريو تقليدي مكتوب بشهادة فريق العمل، مع الإشارة أنه لا علاقة للشريط بما يعرف بـ Cinéma of reality  الذي عادة يكون بلا سيناريو ويكتب في أثناء المونتاج)، وكثرة المشاهد واللقطات المصورة (في حوار صحفي مع المخرجة تتحدث فيه عن 300 ساعة خامة مصورة Rushs، وفي حوارات أخرى ومع الجمهور بقاعات العرض بالمغرب تتحدث عن 500 ساعة، زيادة على كون الشريط صور على فترات متباعدة زمنيا (ابتداء من 2013) نظرا لظروف الإنتاج وفترة كوفيد، كما تفيدنا المخرجة بأحد الحوارات أنها استنجدت بموضبة تونسية هي نادية بن رشيد  موضبة فيلم “تمبوكتو –Timbuktu” لعبد الرحمن سيساكو (2014) التي أنقذت الشريط من متاهة الكم الهائل المصور في غياب سيناريو مكتوب وتصور واضح سلفا، ووجدت له عمودا فقريا صالحا للعرض (على حسب قول المخرجة بحوار مع IONCINEMA، وفي أحاديث أخرى تنسب عملية التوضيب لها فقط).

سينيمانا بين صدق المشاعر واستجداء صناديق الدعم

“كذب أبيض” هو “كذب بالألوااان”، وخديعة انطلت على العديد من المتتبعين السينمائيين، لكن المتمعن للعمل بعيدا عن أضواء الإعلام المبهرجة الزائفة، ونقد باعة الخردة البراقة، ينجلي له الكذب المعسول من حيث أحداث الشريط نفسه التي تفضح بنيته الهشة، إذ أتى معزولا عن معطيات الزمكان وسياقها التاريخي، وتغليف ذلك في تصوير علاقة خاصة بين الحفيدة والجدة، علاقة شبه متنافرة وجد متوترة مقرونة بتضخم الأنا الأعلى لديهما، تخادعنا فيها عن صلب الطرح: صور “أحداث انتفاضة الكوميرا”.

من هنا يفتح باب تضارب موضوعاتي بين صورة الطفلة الصغيرة الحالمة (صورة شاطئ ميامي، تقليد الفتيات لطقوس العروسة، “أنا مخرجة ماشي صحافية”) وعلاقتها بالجدة السلطوية الديكتاتورية التي تنبذ “الصورة” كوثيقة/ شهادة/تذكار بدافع ديني (غياب الطرح الجمالي، عدم التمكن من إسقاط/انعكاس شخصيه الجدة كرمز للنظام السياسي، وهو كذلك، رغما عن جهل المخرجة الأكيد بذلك).

مقابل معطى بناء الشريط حول أحداث الكوميرا، انطلاقا من صورة غائبة/ مغيبة وغير موجودة إلا في الذاكرة الذهنية لمن عاشوها وعايشوها، وباعث شرارة الانتفاضة الشعبية (مضمرة بخجل الجبان، ومغيبة من طرف راوية مزورة خائنة) الذي كان احتجاجا جماهيريا دمويا عن غلاء أسعار المواد الغذائية الأساسية، تلك الانتفاضة الاحتجاجية التي أتت عقب نداء/ أمر مركزية نقابية يسارية بزعامة النقابي الحقوقي نوبير الأموي (1935-2021) آنذاك.

كلما هو حديث عن “أحداث 81″، هو تبرير سطحي لا يظهر الدراماتورجيا المطلوبة، ففي مشهد يسرد “با عبد الله” (عبد الله الزويد، من ضحايا 81، يلعب دور العم/ الجار) حالة تكديس الأجساد بالزنزانة لدرجة الخنق والدهس والموت، لا نشعر بهول وقع المأساة لا في أداء “با عبد الله”،الخشبي البارد، الذي يستظهر ما كتب أو لقن له (الارتباك في التمثيل واضح على وجه كل الممثلين)، مع غياب تماهي عملية الإخراج، وحركة الكاميرا، وتحريك الدمى والتوابع، في تمثل وعرض المعاناة النفسية والجسمية برؤية إخراجية حرفية. كذلك بالنسبة لمشهد القبور، سواء المجسمة منها أو الحقيقية، ومشهد ضحايا وعائلات “شهداء الكوميرا” بالحافلة، وتقزيمهم في إطار صورة ضيقة (غياب عدسات ملائمة للمكان)، مع صور الشهداء بشكل لا يخدم الموقف.

إضافة لمناقضة الطرح التضامني مع جمعية الضحايا “جمعية 20 يونيو 1981” بالتركيز على صورة الملك الراحل الحسن الثاني وتقديسه (الذي وقعت الأحداث بعهده)، وتكرار عملية تقبيل صورته “المقدسة”من طرف الجدة التي هي أصلا تحرم دخول صور الأشخاص لمنزلها ولا تقبل أخذ صورة لها.

كل هذا، وأمام افتضاح أمر تمثيل أعضاء أسرة الراوية/ المخرجة، التي لا علاقة لهم بأحداث الكوميرا ولا بفن الكراكيز أو صناعة الدمى (أب المخرجة هو بناء وزلايجي)، وتسريبات من البلاتو تقول بكون مجسمات الدمى والمنازل والأكسسوارات هي ليست من صنع أبيها، عكس ما تروجه وتسطر عليه “أسماء المدير” (تمت عملية تصور وإنجاز الديكور والدمى من طرف طاقم تقني مكون من 5 خمسة أفراد تحت إشراف نبيل غوات منتج الديزاينProduction designer في حين أشار الجنيريك إليه فقط بالأكسيسوار الديكور Propsوبمساعدة قيمة للمرحوم محمد أوتوف، هذا الأخير لم يتم تكريمه بالجنريك كما جرت العادة مهنيا. كما تمت عملية الإنارة الجد معقدة التي تتطلب مجهودا جبارا وابتكارا ميدانيا لإنارة المجسمات المصغرة من طرف عمر بلعكير فني إضاءة Gaffer، وهما فعلا عماد صناعة الشريط، مع تساؤلي عن عدم إشراك جمعية ضحايا الحدث كمنتج مشترك بالجنريك، خصوصا وقد أنتج بعض المشاهد (مشهد الحافلة ومشهد الوقفة أمام مقر “المجلس الوطني لحقوق الإنسان”)، أو على الأقل مشاركتها حضوريا بعروض الشريط بالقاعات، ولا ذكر لها بالجنريك، ولا حتى كلمة شكر بحقهم في الجنريك.

أليس كل ذلك يفسر بكون الشريط هو “كذب بالألوان” كتابة، رؤية، إخراجا، وأداء ووو على شاكلة مشهد لعبة كرة التنس بفيلم أنطونيوني “بلو آب” Blow-Up، وهو المشهد الأخير بالفيلم، حيث لا وجود للكرة فقط هناك حركة الضرب.

الاقتباس فن وليس تقليد ماسخ

لا مقارنة مع “الصورة المفقودة” (2013) The Missing Picture  للمخرج الكمبودي ريثي بانه Rithy Panh إلا في تشابه بشاعة نحث وتشكيل الدمى الطينية (تعترف المخرجة ضمنيا بتأثرها بالشريط الكمبودي، تقول في حديث لها مع موقع icsfilm.org أحب جميع أفلامه، ولا سيما S21، وهو المفضل لدي شخصيا. وأحب فيلم The Missing Picture. بالنسبة لي لم يكن الفيلم مرجعا، لكنه مخرج عظيم. من الواضح أن هناك موقفا مشابها في كمبوديا مع تاريخ مخفي، وهو ما يمكنك رؤيته فعلا من عنوان الفيلم. والفرق الرئيس هو أنني أستخدم المنمنمات والتماثيل الصغيرة كمرآة لشخصياتي”.

غير ذلك، فالأول سرد لذكريات طفل عاش أحداث ديكتاتورية “الخمير الحمر” الدموية، وقص مفصل لمآسي الشعب بشتى الطرق السينمائية المتاحة، من أرشيف فيلمي، وتلفزي، وتحريك كاميرا، ومسرحة أوضاع الدمى، بتفاصيل دقيقة وأكسسوارات كثيرة، ودراماتوروجيا محبوكة في حكي بالصور والموسيقى والمؤثرات السمعية بصرية، وهو شهادة سينمائية سياسية تاريخية جد مؤثرة عن مأساة إنسانية، ربما لو صورت بشخوص حية لما كانت بتلك القوة الدرامية والتوثيقية لمشاهد عاشها فعلا الراوي/المخرج.

شريط “الصورة المفقودة” استطاع فيه الراوي/المخرج، بكل تفاني موضوعي وإقصاء للذات (لا نشاهد وجهه وحتى وجه نحات الدمى الطينية)، شدنا بكل سلاسة وهدوء وتهييء لولوج عوالم معاناة قهر الشعب الكمبودي في أدق تفاصيل معيشهم اليومي، وجعلنا نلامس معاناة إنسانية لشعب مورست عليه أبشع أنواع القمع الديكتاتوري، وكان الطرح هو فضح نظام دموي/ ديكتاتوري بائد، كل ذلك في قالب إخراجي متوسط، لكنه مبني على نظرة گودارية في اشتغاله على السرد بالصور المشهدية.

في المقابل، كانت المدير تقلب لنا صفحات سردها المهلهل المتأرجح، بين إصرار فرض صورتها الشخصية/ الذاتية، بنرجسية أنا مفرطة التضخم، وهي تطوف بين أفراد عائلتها الصغيرة، في محاولة مشاركاتنا بنرفزة وصراخ، عالم معاناتها مع جدتها/محيطها في فرض وجودها كـ”مخرجة”(عقدة جل المخرجات والمخرجين بالمغرب). حاولت الاشتغال على ذاكرتها وذاكرة محيطها القريب من أسرة وجيران (على صغر سنها، والشيء المشكوك فيه)، لتمرر لنا معاناتها في استرجاع مشاهد انتفاضة شعبية كانت ضحيتها جارتها البعيدة/ اللصيقة “مليكة”، لكنها تصطدم بجبروت الجدة الرافض للصورة، وحيادية الأب والأم، واستسلام الجارين (ظاهر رواية الشريط).في خضم ذلك، ظل العمل حبيس إطار صور ضبابية/ فالتة عن مخيلة “المخرجة”، ولم يستطع جذب المشاهد وكسب تعاطفه وتشاركهلمعاناة المخرجة/القضية نفسيا ومعنويا ومهنيا مع الجدة (جدلا)، وفي صراعها لفرض ذاتها (مجتمعيا ومهنيا). بذلك، أضاعت “المخرجة- المدير على نفسها بلوغ المراد، وفي الطريق التبريري الذي نهجته، نسفت قضية “انتفاضة الكوميرا” وأقبرتها من جديد، جملة وتفصيلا.

وفي الأخير، طوت الصفحة وغادرت ورشة التصوير دون تحصيل نتيجة، مخفقة بذلك (على الأقل) في كسب جمهور وشريط/ وثيقة للسينما المغربية والعربية عن جدارة واستحقاق. أما جوائز “الفنكوش”، بما فيها جائزة “كان” فلا تعنيني مهنيا ولا سينيفيليا أي شيء، مقارنة مع تحفة الكمبودي “الصورة المفقودة” وعمق طرحه، وعرق اشتغاله البارع والمتعب فيه دقة وحبكة.

كل ذلك في إطار إخراجي هش يتناوب فيه الهاوي، خصوصا عند البداية، مع التجريبي المدرسي، وفيما بعد، وبطرح تستري خجول على فظاعة جرائم نظام بوليسي بائد (رغم  توقيع اعتراف الدولة المغربية بأخطاء الماضي وجبرها نسبيا للأضرار الحاصلة للضحايا في هذه المأساة، وأخريات سابقات، عن طريق آلية “الإنصاف والمصالحة” التي سنتها الدولة المغربية)، مع الاعتماد على مقاربة سردية أنطونيونية (لا واعية) في اشتغالها على النط من فقرة مشهدية لأخرى، خصوصا عند مرحلة المونتاج (أي غير مفكر فيها سلفا بالسيناريو وعند التصوير).

إنتاجيا وإخراجا أيضا، يذكرني “كذب أبيض” بشريط “تاغونجا” للمخرج المغربي مهدي عشوبة (1980)، حيث استغل شهرة ظاهرة “ناس الغيوان” (أيضا “كذب أبيض” يعتمد أساسا في شريطه الموسيقي على نفس المجموعة)، وكانت تبريرا لخيط سرده الفيلمي في البحث عن إلهام جديد لكتابة أغنية من وحي التراث، هو الآخر مقتبس من طريقة “أنطونيوني”. كما هو في الإنتاج، المبني جدا على اقتصاد التكاليف بمشاهد منتجة خارج الشريط أو مصورة كتصوير التصويرMaking-of أو كربورتاج تلفزي هاوي حي، عبر الشوارع والجغرافيات على طريقة بازوليني المعبرة عن الواقع المعيش ولو كان بشعا، دون أكسيسوارات فنية سينمائية تذكر.وهو في مجمله (أيضا) نسف للفكرة الشاعرية والنضالية الشعبية اليسارية لظاهرة “ناس الغيوان”، وتبخيس لشخصية الراحل العربي باطما كشاعر مبدع حمل هموم شعبه، باحثا في التراث الشعبي المغربي، ومجددا للخطاب الغنائي الجماهيري المعانق لهموم الشعب (التاريخ يعيد نفسه).

وبناء على ما ذكرت أعلاه، يمكنني الجزم بأن “كذب أبيض” هو شريط شبه روائي هاوي بنسخ ولصق هجين، بلا سينما ولا فن، وجوائزه هي تطبيل على ماء السراب… أي “كذب بالألوااان”.

وفي حديث آخر:

استفهام:

ما هي حصة المتخيل limaginaire في شريط “كذب أبيض” التي هي عماد كل عمل سينمائي فني، إذا تغاضينا عن مقاربة الموضوع وبنية السرد والإخراج المقتبسين، أو ليس “تصوير الحلم” هو تصوير الدواخل ومن الداخل، وكذلك دواخل الشخصيات، محاولة لإبراز شجاعة المواقف ومخاوف الانتظارات والرغبات الذاتية؟ الشيء المفقود كليا فيه.

استفسار:

ما الجديد إذا الذي أتى به الشريط في إطار “السينما التجريبية”… جدلا؟ ألم يكرس “الفقد والنسف والقبر والمسخ” خيالا وتصورا وإخراجا؟

مسألة:

هل “كذب أبيض” مستقطب من قبل أطراف معينة، للتستر على ما وقع، وتعويم ممارسات سياسية قمعية، ونسف عمل منظمات حقوقية؟ أم هو اختفاء خلف طرح “نسيان الجلاد” وطمس “ذاكرة الضحية” بتبرير الإخفاء/ المسح؟؟

الخلاصة هي كون الشريط الروائي/الوثائقي (افتراضا) أتى عن وعي/لا وعي، عن جهل/ تجاهل لتكريس وضع “طمس/نسف” حدث تاريخي عصيب بدولة المغرب الحديث، وجانب/تجنب الاشتغال على دفن الماضي والفرص الضائعة بواسطة تبخيس فاجعة إنسانية في شخص جدة/سلطة تنبذ “الصورة” (مرجعية دينية مغالطة)، في حين تمجد وتقدس “صورة” الحاكم في شخص عاهل المملكة المغربية الراحل “الحسن الثاني” (الصورة الوحيدة المقبولة ببيت الجدة والتي تقدسها لدرجة التبرك بها بالتقبيل)، وتمر مرور الكرام على ضحايا “انتفاضة الكوميرا”، وتجز بهم وبصورهم في حافلة نقل (للحافلة رموز كثيرة وذاكرة سينيفيلية متعددة، مثلا فيلم “المخدوعون” إخراج توفيق صالح عن رواية لغسان كنفاني “رجال في الشمس” – إنتاج 1963، وفيلم “678”إخراج محمد دياب– إنتاج 2010، اقتصارا عربيا)، وكأنها تقلهم بتكديس علب السردين في اتجاه مجهول (اتجاه النسيان)، دون تعبير عن المعاناة، ولا مشهدة للتعنيف اللفظي والجسدي، وللضرب بالسلاح الحي.

أخيرا، فعلا المخرجة هي الفائزة هنا بشكل نفعي، نرجسي، ارتزاقي، والخاسر هو جدار/ شاشة ذاكرتنا الجمعية الإنسانية وكل ما حققه مناضلونا ومناضلاتنا من المدنيين، والحقوقيين، والسياسيين الشرفاء، عبر مواقعهم المؤسساتية والذاتية، التي من بينها “هيئة الإنصاف والمصالحة” التي حاولت في حدود الممكنات جبر ضرر ضحايا “سنوات الرصاص” بالمغرب. أما المجتمع الثقافي، الذي من المفروض فيه مواكبة مثل هذه الاختلالات السياسية عبر توثيقها وسرد مجرياتها، بشتى الأشكال التعبيرية والفنية، ظل حبيس أفق الحدود المسموح بها سياسيا، ومقيدا بميكانيزمات آليات “الدعم العمومي” التي تفرض توجهات سلبية مضمرة بعيدة كل البعد عن العملية الإبداعية بمفهومها الثوري/الثقافي الحر (حاولت سابقا عدة أفلام مغربية مقاربة الموضوع، لكنها لم تفلح فيه بجدية الذكاء الفني المراوغ لسلطة الإدارة، حيث لم تتميز سوى تجربة المخرج الجيلالي فرحاتي بفضل فيلم “ذاكرة معتقلة” إنتاج 2004).

تقول المخرجة المدير في حوار مع موقع “فاصلة” كنت في ورشة من قبل وقلت إنني لست معروفة، فإن نجح الفيلم نجح وإن لم ينجح فسيكون مصيره سلة المهملات…

عن بيت الفن

شاهد أيضاً

مهرجان تطوان لسينما المتوسط يكشف عن لجنتي تحكيم دورته الـ30

مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط يحتفي هذه السنة بثلاثة عقود من التفاني في التعريف …