دار الشعر بتطوان تحتفي بإصدارات 3 شعراء مغاربة

توقيعات جديدة لإعادة الاعتبار للكتاب الشعري ووضعه بين يدي القراء من جديد…

بيت الفن

أمام جدارية فنية أبدعها الفنان التشكيلي يوسف الحداد وأخرجها المسرحي يوسف الريحاني، بفضاء دار الثقافة بمدينة تطوان، أقامت دار الشعر بتطوان، أخيرا، حفل تقديم وتوقيع ثلاثة دواوين شعرية مغربية، ضمن حلقة جديدة من برنامج “توقيعات” الذي يمثل فرصة لتقديم وتوقيع آخر الإصدارات الشعرية والنقدية والفكرية، إسهاما من الدار في تداول الكتاب المغربي ومناقشته واللقاء بمؤلفيه، والإنصات لنقاد وباحثين يقدمونه للقراء.

تميزت الاحتفالية بتوقيع كل المشاركين والحاضرين على الجدارية الفنية، قبل تقديم الدواوين الشعرية الثلاث ويتعلق الأمر بـ“قارة جديدة في قلب المحيط” للشاعر نزار كربوط، الصادر عن منشورات المتوسط بإيطاليا، وديوان “كناش شكاتي” للشاعرة الزجالة نبيلة المصباحي، الصادر عن منشورات جمعية الشعلة/ فرع تطوان، وديوان “هكذا أرتدي جسدي”، للشاعر عمر الأزمي، الصادر عن منشورات دائرة الثقافة بحكومة الشارقة.

افتتحت اللقاء الكاتبة والإعلامية المغربية سعيدة شريف، معتبرة أن ديوان “قارة جديدة في قلب المحيط” إنما جاء في صيغة “قصائد تعبر عن حالات شعرية وإنسانية، يتعامل فيها الشاعر رغم ذلك مع الشعر بحذر كبير، ويقترب منه في شؤون وتفاصيل يومية قل نظيرها، ويبتعد عنه ويتماهى معه في أسئلة وجودية وذاتية مؤرقة، تعبر بشكل أو بآخر عما يعيشه الإنسان في عالم اليوم المتناقض والمفارق لكل التوقعات”.

وبحسب سعيدة شريف، يكتب كربوط قصيدته بلغة بسيطة “تدخل في إطار السهل الممتنع، تكثف المعنى داخل النص وتقتصد في اللغة وتشذر الإيقاع. وهو برأيي ما يحدث التأثير الشعري المرجو، لأن المباغتة والإدهاش والمفارقة والتكرار والتجسيد، أو أنسنة الأشياء والحيوانات، والمبالغة، والاستعارة والصور والرمزية والتوازي، كلها أنماط لتشكيل فن القول الشعري السردي، الذي يشعر القارئ كما لو أنه أمام نص بصري”.

وتوقف الكاتب والزجال عزيز زوكار عند المرجعية التراثية الغميسة لديوان “كناش سكاتي”، منبها إلى أن الزجالة نبيلة المصباحي قد استطاعت إخراج هذه الشعرية الزجلية التراثية من إطارها الشفوي المحكي إلى المكتوب، في مغامرة إبداعية أصيلة. من هنا فإن أعمال المصباحي هي “مبادرة لاكتشاف المنجز التراثي، بما تحمله من أمثال وحكايات وألغاز وأساطير رصفتها الزجالة في تناص داخل بنية شعرية وشاعرية في تطريز احترافي بقفلات إبداعية متقنة”.

كما تحدث زوكار عن “الطابع السردي الذي هيمن على نصوص الديوان، والذي يزخر بالدلالات على مستوى البنيات الخطابية، التي تتميز بنفس حكائي مؤسس على منظومة من الأفعال التي تنجزها عوامل فردية وجماعية بحكي عميق يتحدد في مجموعة من البنيات العميقة ذات السمة المنطقية الدلالية”.

أما الكاتب والباحث يوسف الزبيري، القادم من حقل الفلسفة، فيرى أن صاحب ديوان “هكذا أرتدي جسدي” إنما يقترح علينا “أن نربي نبتة الخلود، ولكن طبيعة هذا الخلود هي من جنس الكينونة، وليست خارجة عنها أو متعالية عليها”، متوقفا عند قول الشاعر: “أعتني بالخلود الذي في محابق ذاكرتي يرتعد/ والرئات التي نزفت عطرها.. وبقايا السرابِ الذي كلما خلته يبتعد!.”. هنا حيث “تحول الخلود، تحت قلم الشاعر عمر الأزمي، إلى شأن بشري، يتلون بحالاته وأحواله، وغادر فجأة معاني “السرديات الكبرى” ولم يعد سمة أسطورية أو قصة ملحمية”. لقد فشل الإنسان في تحقيق الخلود وفق طابتعه الميتافيزيقي أو حمولته اللاهوتية، ليخرج الإنسان بذلك من طور لاهوتي يتصف بالكمال إلى طور ناسوتي سمته النقصان”.

وبعد إضاءة الدواوين المحتفى بها، تناوب الشعراء على منصة دار الشعر، بدءا بالشاعر نزار كربوط، وهو يردد: “أنا الموقع على الغلاف، قررت- بعدما فقدت القليل من قواي العقلية- طلب العفو من مخرج النشرة، خصوصا حينما لفقت لي تهمة العيش المؤبد في شريط أحمر، يقطع التلفزيون من أقصى شماله إلى يمينه. ذلك الشريط الذي يقصفنا كل صباح بالأحزان والخيبات والأخبار الحارقة”. والخلاصة، عند هذا الشاعر “في نهاية الأمر، الشاعر لا يمشي، وإنما الأرض بساط يسحب من تحت قدميه”.

أما الشاعرة الزجالة نبيلة المصباحي، فاختارت وضعنا أمام مفارقات الحياة والناس، وهي تتساءل: “فتابوت لوهام/ شحال من شطبة/ غرست نوارة في قش مكسور/ وصارت تسدي خيوطو على مرمة خشبة/ ومنين فاقت لقات الزرب راب/ ولقيح النوار معطوب/ ونشفات الساقية/ حتى لبيار/ صابها العما/ والعطش ما يغرف من بير عقيم/ والعقيم عديم/ وخا يحساب ليه زعيم”.

وتوج الشاعر عمر الأزمي هذه الأمسية الشعرية، وهو ينشد: صادَه المَوت../ حين احتَـمـى بِالفراشاتِ… صادَه!. صادَه الحَرف../ حينَ نفى قلبَه في المَجازِ البعيدِ../ وظنّ بأنّ الرّؤى ستصير بِلادَه. صاده المَوج/ حينَ ارتضى أن ينامَ على شاطئٍ/ مثقلٍ بالرّذاذِ.. لأنّ اصطيادَ الرّذاذِ لدى المَوجِ/ عاده! صاده الحدس/ حين أزاحَ عنِ القلبِ خِنجَرَه../ ثم حين رأى دمعةً في الضّلوع/ أعادَه!!

بينما ينصحنا الأزمي في قصيدة أخرى: لا تَقل: “ربّما”.. كلما قلتَها/ فاضَ فيك الأمل !. لا تَقل “ليتَنا”../ أنتَ تجرَح جرحا سَلا واندَمَل!./ لا تَسَل عن بَقايا البقايا:/ الكَمال الذي ما اكتَمَل!/ لا تَنَم في المَجازِ .. حَمامكَ مَجَّ الحروفَ وَمَلّ!. كن خفيفا/ شفيفا/ و مرَّ كطيفٍ/ كذكرى../ ولا تلتفت… لا تَسَل نَجمَةً : من أنا؟ لا تَسَل غَيمَةً: ما العَمَل؟

وتوج هذا اللقاء بلحظة توقيع الدواوين المحتفى بها، وهي اللحظة التي شدهت إقبالا كبيرا من لدن أصدقاء دار الشعر بتطوان، وحققت أهداف برنامج “توقيعات”، وفي طليعتها إعادة الاعتبار للكتاب الشعري، ووضعه بين يدي القراء من جديد.

عن بيت الفن

شاهد أيضاً

ثلاث شعراء يضيئون ليلة شعرية كبرى تنظمها دار الشعر بتطوان

الشعراء حسن الوزاني وإيمان الخطابي وعماد العروسي في ضيافة دار الشعر بتطوان…  بيت الفن تنظم …