القاتلة عمل سينمائي عن نساء عانين ولازلن من قسوة المجتمع الذكوري…
الشخصية الرئيسية قاتلة ترى أن دورها في الحياة هو تخليص الفتيات من حياة بئيسة تنتظرهن…
بيت الفن
انطلقت عروض المسابقة الرسمية لمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط، بالفيلم اليوناني “القاتلة” Fonissa، الذي قدمته مخرجته إيفا ناثينا، بقاعة سينما “أبينيدا” وناقشته أمام النقاد وأعضاء لجنة التحكيم، وعدد من المهتمين بالسينما وجمهور المهرجان.
وفي هذا الصدد، قالت إيفا ناثينا إن قصة الفيلم تستند إلى مرجعية روائية سردية قوية مقتبسة عن عمل أدبي للكاتب ألكسندروس باباديامانتيس (1886)، الذي يعد من روائع الأدب اليوناني، مشيرة إلى أنها أعادت كتابة أحداث الفيلم بطريقة مختلفة، وصورتها برؤية فنية تشكيلية تتوافق مع الموضوع الشائك لأحداث الشريط، الذي تطلب منها بحثا علميا عميقا.
وأوضحت ناثينا أن الفيلم يدين سطوة المجتمع الذكوري، وينتصر للمرأة ويدافع عن حقها في الحياة، مشيرة إلى أن قصص الوأد المؤلمة التي تعرضت لها الفتيات في الماضي، ظلت عالقة في أذهان ولاشعور الأمهات والجدات، اللواتي ما زلن يحملن نذوبا لا يمكن التخلص منها بسهولة.
وأفادت المخرجة أنها اعتمدت على مجموعة من الأخصائيين، الذين أكدوا من خلال دراسات ميدانية أن الكثير من العقد النفسية، تتوارثها الأجيال بطريقة لا شعورية، وهذا ما جعلها، ترتكز في فيلمها على أحداث تاريخية عاشتها الجدات، لإثارة النقاش حول موضوع مازال يؤرق النساء، مشيرة إلى أن الفيلم بمثابة تكريم وجبر للضرر لكل النساء اللواتي عانين ولازلن من قسوة المجتمع الذكوري.
واعتبرت ناثينا أن الفيلم دعوة للتعامل بشكل واع مع العقد النفسية المترسبة في النفس البشرية منذ عقود، والتي قد تؤدي لجرائم خطيرة، رغم التطور الذي نعيشه حاليا على مستوى الحقوق والحريات.
وتدور أحداث “القاتلة”، الذي يعد أول فيلم روائي طويل للمخرجة ناثينا على جزيرة يونانية بائسة في حوالي عام 1886، ويسلط الضوء على الشخصية الرئيسية “هادولا”، التي فقدت زوجها يانيس فراغوس في سن مبكرة، أرملة تعلمت البقاء على قيد الحياة في مجتمع أبوي يهيمن عليه الذكور، من خلال ما ورثته عن والدتها من مهارات (قابلة ومداوية بالأعشاب).
الابتسامة فعل مفقود في هذه البيئة القاسية، حتى حفلات الزفاف يتم تقديمها على أنها طقس حزين، حيث يبدو الرجال متوحشين والنساء مكسورات. إن آفاق الفتيات محدودة منذ اللحظة التي يتنفسن فيها، وهي حقيقة أبرزها أطفال الجزيرة الذين يرددون في الفيلم أغنية “يتمنون فيها الأولاد فقط”.
تحمل “هادولا” عبئا ثقيلا في داخلها، مثل العصا التي ورثتها عن والدتها، التي ورثتها بدورها عن جداتها، ورغم أنها من المفترض أن تقبل التقليل من شأن المرأة والحط من شأنها. إلا أنها سرعان ما تنتفض بالتخلص من الفتيات الصغيرات في الجزيرة، لتحريرهن من المصير المظلم الذي ينتظرهن.
ترى هادولا أن دورها في الحياة هو دور المنقذ، الذي يخلص النساء من الحياة البئيسة والقاسية، التي عاشتها. لكن أفعالها ستضعها وجها لوجه أمام القانون، تترك القرية وتهرب نحو قدرها، ورغم وعيها بخطورة ما تقترفه من أفعال، فالصدمة التي تعانيها عبر الأجيال تتبعها في كل مكان. وتأتي النهاية كـ”فداء”.
يشار إلى أن إيفا ناثينا ولدت في جزيرة كريت، والتحقت بمدرسة أثينا للفنون الجميلة، حيث درست الرسم وفن التصميم، وعملت في العديد من الأفلام والمسرحيات، مع مخرجين بارزين، مثل جيورجوس ميكايليديس، بانتيليس فولغاريس، رولا باتيراكي، أولغا ماليا، جيانيس كاكلياس… فازت بجائزة الدولة لأفضل تصميم أزياء للعرائس، وتعاونت مع الأوبرا الوطنية اليونانية كمصممة أزياء للمخرج كوستا غافراس في عرض “كل مكان نور” الذي عرض في أوبرا متروبوليتان في نيويورك.
وتتواصل فعاليات مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط حتى 4 ماي 2024، يعرض 12 فيلما متوسطيا (إنتاج 2023 و2024)، في المسابقة الرسمية، فضلا عن عروض “خفقة قلب”، التي تتضمن 6 أفلام من أبرز الإنتاجات السينمائية، وعرض فيلم “يوم استثنائي” للمخرج الإيطالي إيتوري سكولا، والمنجز الفيلمي للمخرج المغربي فوزي بنسعيدي.
ويشارك المغرب في المسابقة الرسمية بفيلمي “أبي لم يمت” للمخرج عادل الفاضلي، و”مذكرات” محمد الشريف الطريبق، كما تتضمن فقرة “خفقة قلب” فيلم “أنيماليا” للمخرجة صوفيا العلوي، الذي تم عرضه اليوم الأحد بسينما “أبينيدا” عرض.
وتتضمن قائمة أفلام المسابقة الرسمية 12 فيلما متوسطيا معظمها تعرض لأول مرة في إفريقيا والعالم العربي وجنوب المتوسط، وتتبارى لنيل اهتمام الجمهور والنقاد والفوز بجوائز الدورة الـ29، ويتعلق الأمر بالفيلمين التركيين “قصب” للمخرج جميل أوغلو، و”فاروق” للمخرج أسلي أوزكي، والفيلم الفلسطيني “بيت في القدس” للمخرج مؤيد عليان، وكذا الفيلم اليوناني “القاتلة” للمخرجة إيفا ناثينا، فضلا عن الفيلمين الإيطاليين “الصيف الجميل” للمخرجة لاورا لوتشيتي، و”مجهول خالص” للمخرجتين ماتيا كولومبو وفالانتينا تشيكونيا، إضافة إلى الفيلمين الإسبانيين “القرن” لخايوني كامبوردا، و”نساء” لمارطا ليانا، والفيلمين الفرنسيين “فتى الملهى” لجياكومو أبروسيسي و”من عبدول إلى ليلى” للمخرجة ليلى البياتي، وأخيرا الفيلم المغربي “أبي لم يمت” للمخرج عادل الفاضلي، و”مذكرات” محمد الشريف الطريبق.
وتتنافس أفلام المسابقة الرسمية على الجائزة الكبرى “تمودا”، وجائزة العمل الأول “عز الدين مدور”، وجائزة لجنة التحكيم “محمد الركاب” وجائزة السيناريو، وجائزتي أفضل أداء إناث وأحسن أداء ذكور وجائزة النقد “مصطفى المسناوي”.