معركة القصر الكبير.. رؤية إفريقية

“معركة القصر الكبير.. رؤية إفريقية” بعين باحث موزنبيقي

إصدار جديد يعيد ملحمة وادي المخازن إلى الواجهة القارية…

بيت الفن

ضمن منشورات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، صدرت أخيرا عن مطبعة سليكي أخوين بطنجة، ترجمة عربية جديدة لكتاب “معركة القصر الكبير..رؤية إفريقية”  للباحث الموزنبيقي أنطونيو هاما طاي، بقلم المترجم المغربي حسن ساعف.

كتاب “معركة القصر الكبير..رؤية إفريقية ” للباحث الموزنبيقي أنطونيو هاما طاي، الصادر في نسخة عربية أنيقة من الحجم المتوسط في 184 صفحة، فريد من نوعه لعدة أسباب، سواء لكونه يعطي للانتصار المغربي في معركة وادي المخازن بقيادة السلطان عبد المالك السعدي بعدا إفريقيا، حيث أن الانتصار  المغربي جنب على كل القارة استعمارا من الإمبراطورية البرتغالية، خلال القرن السادس عشر، أو من حيث جعل هذه المعركة مرجعا تحرريا من نير الاستعمار الأوروبي في القرن العشرين، ويضيف المؤلف الموزنبيقي في هذا الشأن قائلا “علينا أن نفهم دعم المغرب لحركات التحرر في إفريقيا على هذا الشأن”.

وفي تقديمه للكتاب كتب المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير مصطفى الكتيري “يسعدنا اليوم أن نقدم للقارئ  المغربي خاصة والعربي على وجه التعميم هذه الترجمة العربية، التي أنجزها الباحث المترجم حسن ساعف مشكورا، وقد استفرغ فيها من الجهد ما يضني ومن الوسع الكثير، بهدف تقديم نص وفي لأصله، حامل لرسالته بأمانة  ولمحتواه بصدق”.

وعن محتويات الكتاب الصادرة ترجمته العربية حديثا أورد المندوب السامي “هذا الكتاب الذي نقدم له يحمل من عناصر الجدة والتجديد ما يجعله حريا بالقراءة و التمحيص، نذكر منها: صدوره عن باحث وعسكري موزمبيقي ينتمي إلى مستعمرة برتغالية سابقا، الأمر الذي ولد لديه الرغبة والحافز والاهتمام لإنجاز دراسة حول معركة وادي المخازن أو القصر لكبير، من منظور إفريقي، بعد أن تم تناولها في دراسات سابقة في نطاق متوسطي وعربي وإسلامي.

معركة القصر الكبير.. رؤية إفريقية

وكون المؤلف باحثا ذو خلفية عسكرية، الأمر الذي ساعد على تقديم دراسة بنظرة عسكرية إفريقية لمعركة وادي المخازن، تم المزج فيها بين البحث النظري المستند على المصادر المكتوبة “أرشيف ومصادر ومراجع…” وبين البحث التطبيقي المؤَسس على معاينات ومشاهدات وأبحاث ميدانية، مما مكن من الوقوف على الجوانب التكتيكية والأبعاد الاستراتيجية للمعركة، مما منح لعناصر الدراسة طابعا تكامليا، وجعل منها إضافة نوعية إلى الدراسات المكتوبة باللغة العربية حول الحدث، التي طغت عليها الجوانب والسياقات السياسية.

وتفرد الكتاب برصد امتدادات المعركة في التاريخ الإفريقي المعاصر خلال القرن العشرين، وضمنه التاريخ الموزمبيقي، عبر استحضار الحدث من قبل حركات التحرر الإفريقية وفي مقدمتها جبهة التحرير الموزمبيقية (FRELIMO)، التي استلهمت من المعركة روحها وحددت أفقها ورسمت طريقها، خاصة أن المعركة تؤرخ لأعظم حدث عسكري شهده العالم خلال القرن الـ16 الميلادي، حيث تمكن  المغاربة خلاله  الوقوف في وجه المد البرتغالي وصده وإحباطه، وبالتالي حماية عموم القارة من اكتساح برتغالي داهم، معتبرة أن المعركة إياها عدت بحق مرجعا تحرريا من نير الاستعمار الأوروبي في القرن العشرين، ومن تم، استمدت معركة وادي المخازن طابعها “الإفريقي”، وأصبحت معركة كل الأفارقة، وإرثا مشتركا ومتقاسما، يستلهمون منه قيم التلاحم والتضامن والوحدة، وينبذون التجزئة والتفرقة والصراع”.

كما أورد مصطفى الكثيري المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير أن المؤلف لم يفته، أيضا، إبراز الدور الكبير الذي قام به المغرب في دعم حركات التحرر في الموزمبيق والمستعمرات البرتغالية والدول الإفريقية عموما، على مجموع الأصعدة وكل المستويات سواء  العسكرية منها أو اللوجستيكية أو المالية أو الدبلوماسية أو السياسية…، ومن ذلك احتضان المغرب، برعاية الملك المحرر جلالة المغفور له محمد الخامس، لـ”مؤتمر الحركات الوطنية بالمستعمرات البرتغالية، “CONCEF” بالدار البيضاء في شهر ماي 1961، الذي أسفر عن انتخاب الزعيم الموزمبيقي مرسيلينو دوس سانتوس سكرتيرا لهذه المنظمة، مما شكل استمرارا وتأكيدا للدور التاريخي الذي قام به المغرب في إفريقيا”.

وأبرز الكثيري أن مبادرة ترجمة هذا العمل المهم والقيم لباحث في حجم الجنرال أنطونيو هاما طاي، يندرج في نطاق الجهود المبذولة من قبل المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، تحت التوجيهات الرشيدة والسديدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الرامية إلى مد جسور التقارب بين المغرب وعمقه الإفريقي، وتجسيد أواصر التعاون من خلال المبادرات العلمية والثقافية المواكبة والموازية لما يقوم به المغرب على المستوى الدبلوماسي والسياسي والاقتصادي من أجل الارتقاء بالعلاقات المغربية-الإفريقية إلى مستويات تليق بتاريخها، وفتح آفاق رحبة للتعاون والتنمية بين دول القارة وشعوبها”.

وختم المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير تقديمه للكتاب قائلا “ولا يسعنا في هذا المقام إلا الإشادة بالعمل ومؤلفه الذي استطاع أن يعيد إلى الواجهة حدث معركة وادي المخازن، بما يضمن توظيف المعرفة التاريخية واستثمارها، لمصلحة القارة الإفريقية وشعوبها، في بناء حاضرها واستشراف مستقبلها، كما يطيب لي توجيه الشكر والامتنان للمترجم الذي قدم لنا نصا مترجما لعربية سلسة راقية ومنتقاة، مما سيغني لا محالة المكتبة المغربية والعربية التي هي في حاجة ماسة لمثل هذه المؤلفات”.

الجدير بالذكر، فالباحث الموزنبيقي أنطونيو هاما طاي هو ضابط سامي في الجيش الموزنبيقي، وقد سبق له شغل مناصب حكومية مختلفة في حكومة الموزنبيق منها وزير شؤون المحاربين القدامى، أما حسن ساعف، فهو مترجم مغربي صدرت له مجموعة من الأعمال في الترجمة، منها  كتاب: مسيحيو الله: تاريخ العلوج في القرنين السادس عشر والسابع عشر”، كما حاز على مجموعة من الجوائز، وسبق أن قدم أوراقا بحثية في عدة مناظرات للأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية بالمكسيك والبرازيل والتشيلي واثيوبيا وسويسرا وألمانيا والأردن وبولونيا وروسيا ومصر ومالي والسنغال و الهند وماليزيا وسريلانكا وغيرها من الدول.

عن بيت الفن