بيت الفلسفة في الفجيرة منصة عربية لتبادل الرؤى ومناقشة القضايا العالمية بمختلف الثقافات ووجهات النظر، والبحث عن أطروحات للمخاطر التي تواجه العالم…
بيت الفن
انطلقت، صباح أول أمس الأحد 19 نونبر الجاري، فعاليات مؤتمر الفجيرة الدولي الثالث للفلسفة الذي ينظمه “بيت الفلسفة” تحت شعار “الفلسفة والعالم المعيش” بحضور مفكرين وفلاسفة وباحثين من عدد من بلدان العالم، ضمنها المغرب.
وأعرب الفيلسوف الإيطالي لوكا ماريا سكارانتينو، رئيس الاتحاد الدولي لجمعيات الفلسفة ورئيس الكونغرس العالمي للفلسفة، عن سعادته بحضور هذا المؤتمر الذي يجمع الكثير من مفكرين العالم تحت مظلة “بيت الفلسفة”، لتبادل الرؤى ومناقشة القضايا العالمية بمختلف الثقافات ووجهات النظر، والبحث عن أطروحات للمخاطر التي تواجه العالم.
وناقش المفكر الفلسطيني المقيم في الإمارات أحمد البرقاوي قضية الإنسان بوصفه مشكلة في الواقع المعيش وطرح العديد من التساؤلات من قبيل: ما معنى أن يكون الإنسان مشكلة؟ ونحن نعلم أن المشكلة سؤال ينطوي على عدة أسئلة، هل من الحكمة أن نتحدث عن الخطر الذي يعيشه الإنسان في عالمنا العربي مثل العالم الأوروبي؟ كيف يستطيع الإنسان أن يستعيد سلطته؟ ماذا يعني لنا الاغتراب؟ التقنية وما أنتجته من مخاطر للإنسان؟ وغيرها من التساؤلات والقضايا الذي أجاب عنه خلال كلمته وتفاعله مع المشاركين.
ثم عرضت الخبيرة التربوية الإماراتية نجوى الحوسني مفهومها الخاص حول ما السعادة، موضحة أنه يصعب تحديد تعريف موحد للسعادة، حيث إن كل فرد له مفهوم وتعريف خاص للسعادة. كما أكدت على أهمية استقرار الأسرة والوطن للشعور بالسعادة، واستعرضت تجربة دولة الإمارات بإنشاء وزارة السعادة، وخطتها الاستراتيجية حتى عام 2031.
أما البروفيسور نادر البزري من لبنان، فأثار في مداخلته موضوع “من الذكاء البشري إلى الذكاء الاصطناعي”، إذ اعتبر أن سيطرة هذا الأخير على الإنسان مازلت غير مؤكدة، وقال إن “المخاوف الرائجة حول سيطرة الذكاء الاصطناعي على الإنسان مخاوف كاذبة”.
وتحت عنوان “هل هناك أهمية راهنية للفلسفة العربية الوسيطة؟” جاءت مداخلة الباحث الأكاديمي المغربي إبراهيم بو رشاشن، الذي قال “نحن أمة فلسفية، لكننا صرنا نجهل جذورنا، ولم نعد نعطي أهمية لهذا التراث الفلسفي، سواء على مستوى الدراسة الجامعية، أو على المستوى العملي، حتى أصبحنا نخشى أن نقول فلسفة إسلامية، رغم إسهامنا الكبير في نشأة الفلسفة الحديثة والمعاصرة”.
وانتهت فعاليات اليوم الأول بتوقيع ثلاثة كتب من إصدارات بيت الفلسفة، كتابين لأحمد البرقاوي وكتاب لنجوى الحوسني.
يشار إلى أن الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، شهدت حضور الشيخ محمد بن حمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة، الذي أكد على مكانة الفلسفة في حياة الإنسان وعلاقتها المباشرة بقضاياه اليومية وأفكاره وضرورتها المتزايدة في واقع العالم اليوم.
كما أشار إلى الاهتمام الكبير الذي توليه حكومة الفجيرة للعلوم الإنسانية وقطاع الثقافة والفكر، بدعم وتوجيهات الشيخ حمد بن محمد الشرقي، عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة، بما يسهم في ترسيخ القيم الإنسانية وبحث القضايا الاجتماعية نحو عالم أكثر سلاما واستقرارا.
وشدد على ضرورة البحث العميق عن مفاهيم مشتركة ومعرفة جامعة، تقود العالم اليوم إلى السلام والتعايش وطرح الحلول الواعية المرتبطة بالقيم الإنسانية والاجتماعية والثقافية الإيجابية. كما أشاد بجهود بيت الفلسفة في الفجيرة لفتح آفاق متجددة للحوار الإنساني الذي يمد جسور المعرفة والتفكير والتعقل، متمنيا للمؤتمر وللمشاركين فيه تحقيق أهدافه المرجوة.
وأثناء الترحيب بالحاضرين والمشاركين في المؤتمر، أوضح الإعلامي يوسف عبد الباري أن الدول المتقدمة هي التي يمكنها توقع المخاطر والمشكلات، لتقف وتناقشها بوضوح وقوة، لافتا الانتباه إلى أن الإمارات تعد من ضمن الدول الأولى التي استشعرت تلك المخاطر، وأن الفلسفة بوصفها أم العلوم هي القادرة على تشخيص تلك المخاطر والمشكلات وتلمس الطريق من أجل إيجاد الحلول لها.
وتم بالمناسبة عرض فيلم وثائقي حول إنجازات بيت الفلسفة وتجربة دولة الإمارات في توفير حياة إنسانية عادلة.
بعد ذلك، رحب عميد بيت الفلسفة، أحمد البرقاوي، بالحاضرين مثنيا على رعاية الشيخ محمد بن حمد الشرقي لهذا المؤتمر الفريد من نوعه في الوطن العربي. ثم خصص مداخلته لحوار للفيلسوف سقراط حول أهمية وجود الفلاسفة.
جدير بالذكر أن افتتاح أعمال مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة شهد حضور محمد أحمد المر، رئيس مجلس إدارة مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم. ويوفر المؤتمر للفلاسفة المشاركين من دول شتى وحضارات متعددة فرصة للحوار الفلسفي حول المشكلات المشتركة للإنسانية جمعاء.