ركز اللقاء الأكاديمي على تدارس الأثر الكبير للمغرب في المسار الفني لـ ماتيس، باعتباره فضاء جاذبا جعله فنانون كبار موضوعا لإبداعهم، وفرصة لإجراء انعطافات كبرى في مسارهم الفني والجمالي، من خلال تفاعلهم مع عوالمه المتعددة….
بيت الفن
نظمت أكاديمية المملكة المغربية في مقرها بالرباط، على مدى يومين متتاليين الخميس والجمعة 26 و27 أكتوبر 2023، ندوة دولية حول موضوع “هنري ماتيس والمغرب: المنعطف والأصداء”، أعدها المعهد الأكاديمي للفنون، التابع للأكاديمية، وسلطت الضوء على تأثير المغرب في المسار الفني لهذا الرسام العالمي الشهير.
وشكلت الندوة، المنظمة بمشاركة ثلة من الأساتذة الباحثين المتخصصين في الأعمال التشكيلية لهنري ماتيس، فرصة لتسليط الضوء على الأعمال التي أنجزها هذا الرسام العالمي في المغرب، الذي شكلت زيارتاه إلى مدينة طنجة سنتي 1912 و1913 مرحلة مفصلية في مساره الفني، وفي تجديد أسلوبه الإبداعي، وتركت آثارا ظاهرة على تاريخ الممارسة التشكيلية العالمية والوطنية.
كما ركز اللقاء الأكاديمي على تدارس الأثر الكبير للمغرب في المسار الفني لهذا الفنان العالمي، باعتباره فضاء جاذبا جعله فنانون كبار موضوعا لإبداعهم، وفرصة لإجراء انعطافات كبرى في مسارهم الفني والجمالي، من خلال تفاعلهم مع عوالمه المتعددة.
وفي كلمة له بالمناسبة، قال أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية، عبدالجليل الحجمري، إن “هذه الندوة تتناول السياقات التاريخية والسياسية والشخصية لزيارتي ماتيس إلى طنجة، وإعادة عرض أعماله المنجزة في المغرب، والآثار المتنوعة التي ترتبت عن هذه التجربة، سواء على مستوى تاريخ الفنون التشكيلية أو على مستوى الرسم في العالم”.
وأضاف أن اللوحات التي أنجزها هنري ماتيس في مدينة طنجة سنتي 1912 و1913 تعكس طريقة مختلفة في إدراك أضواء المغرب وألوانه وإنسانه، مبرزا أن “الأعمال الفنية والإبداعية التي أنجزها الأجانب في بلادنا، وكتبوا عن اكتشافاتهم لفضاءاتها وأسرارها وألوانها، تشكل جزءا من تراثنا، ما دام الأمر يتعلق بصور المغرب وبتاريخه، وبمجتمعه”.
وأشار إلى أن أكاديمية المملكة المغربية تولي أهمية كبيرة للمجالات الإبداعية والفنية في مسار الثقافة المغربية المعاصرة، وللفنون التراثية المغربية في مختلف تعبيراتها.
من جانبه قال مدير المعهد الأكاديمي للفنون، محمد نورالدين أفاية، إن “هذه الندوة الدولية تبرز علاقة بعض الفنانين الكبار العالميين بالمغرب، كموضوع وكفضاء، والذي بفضل طبيعته أثر بشكل كبير على المسار الإبداعي لمجموعة من الفنانين التشكيليين العالميين، على غرار أوجين دولاكروا وهنري ماتيس”.
وأضاف أن أكاديمية المملكة المغربية تسعى لتملك مثل هذه الأعمال الإبداعية وإدراجها ضمن التراث الفني للمغرب، مثمنا نظرة الأجانب له.
من جهته أعرب مدير الدراسات بمدرسة الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية بباريس، جاك لينهارت، عن سعادته بالمشاركة في هذه الندوة الفكرية، للحديث عن الرسام هنري ماتيس، “الذي تأثر كثيرا بعدد من العناصر المكونة للفن الإسلامي خلال زيارته إلى مدينة طنجة سنتي 1912 و1913، ما شكل منعطفا حاسما في تطور أسلوبه الإبداعي”.
وتم خلال افتتاح هذا اللقاء العلمي الدولي توزيع الجوائز على المتفوقين في مسابقتي “أفضل ملصق” و”أفضل مقال نقدي” حول أعمال هنري ماتيس، اللتين أطلقهما المعهد الأكاديمي للفنون لتشجيع الفنانين والباحثين الشباب على الاهتمام بالتاريخ الفني لهنري ماتيس، حيث آلت جائزة “أفضل ملصق” إلى الشاب ياسين أيوب، في حين فازت بجائزة “أفضل مقال نقدي” الشابة يسرا عبدالمومن.
وتوزعت أشغال اليوم الأول لهذه الندوة الدولية على جلستين تم خلالهما تقديم ومناقشة عروض متنوعة، تناولت الأولى السياق التاريخي والتصويري والأدبي للزيارة، التي قام بها الرسام الفرنسي هنري ماتيس إلى مدينة طنجة، فيما استعرضت الثانية الأثر الكبير الذي خلفته اللوحات المغربية، التي رسمها ماتيس خلال سفره الأول إلى طنجة سنة 1912، في المسار الفني للفنان وفي أسلوبه الإبداعي.
وتواصلت أشغال الندوة الدولية في الأكاديمية المغربية بتنظيم جلستين علميتين أخريين، تناولت الأولى الأسلوب الفني لهنري ماتيس، قبل سفره إلى مدينة طنجة وبعده، سواء من ناحية الألوان أو من ناحية الأضواء والأشكال، والجلسة الأخيرة تطرقت إلى أصداء الأعمال الفنية للرسام هنري ماتيس عند الفنانين العرب وفي الفن المغاربي.
تجدر الإشارة إلى أن المعهد الأكاديمي للفنون نظم طيلة سنة 2023 محاضرات تمهيدية حول الأعمال التي أنجزها هذا الرسام في المغرب، قدمها باحثون في الأعمال التشكيلية لهنري ماتيس.
ويعد هنري ماتيس (1869 – 1954) من كبار أساتذة المدرسة الوحشية، تفوق في أعماله على أقرانه، واستعمل تدريجات واسعة من الألوان المنتظمة في رسوماته الإهليجية (كانت تعنى بالشكل العام للمواضيع، مهملة التفاصيل الدقيقة)، ويعتبر من أبرز الفنانين التشكيليين في القرن العشرين.
تتضمن أعمال الفنان لوحات تصويرية ومنقوشات ومنحوتات وزجاجيات، أشهرها في كنيسة الدومينيكيين في فينشي. وتَعرِض الكثير من متاحف العالم أعماله، وخصص اثنان منها له في فرنسا: أحدهما في نيس والآخر في كاتو.