بعد تألق لافت في مهرجان كان.. الفيلم الوثائقي المغربي كذب أبيض يواصل حصد الجوائز العالمية…
بيت الفن
بعد تتويجها بجائزتي أفضل مخرجة في مسابقة “نظرة ما” و“العين الذهبية” للدورة الـ 76 لمهرجان “كان” السينمائي، تواصل المخرجة المغربية الشابة أسماء المدير اعتلاء منصات التتويج بنيلها الجائزة الكبرى لمهرجان سيدني السينمائي الـ70، عن فيلمها الوثائقي “كذب أبيض”.
وعبرت أسماء المدير، أثناء تسلمها الجائزة في الحفل الختامي للمهرجان، عن سعادتها وفخرها بالتقدير الذي ناله الفيلم في مهرجان سيدني، وهو المحطة الثانية لعرض “كذب أبيض” بعد “كان”، مشيرة إلى أن الاشتغال على “كذب أبيض” تطلب منها جهدا ووقتا تجاوز 10 سنوات من العمل لنسج حكاية إنسانية تنطلق من أحداث واقعية.
ويحكي فيلم “كذب أبيض” عن عودة المخرجة إلى منزل والديها بمدينة الدارالبيضاء لمساعدتهما على الانتقال إلى منزل آخر، لتجد صورة أطفال يبتسمون في ساحة مدرسة، من بينهم فتاة صغيرة تنظر إلى الكاميرا بخجل.
إنها الصورة الوحيدة للمخرجة وهي طفلة، لكنها مقتنعة بأنها ليست الطفلة الموجودة في الصورة. وعلى أمل أن تجعل والديها يتحدثان، تنتقل المدير عبر كاميرتها من هذا الحدث الحميمي إلى حدث اجتماعي وسياسي مؤلم مرتبط بالأحداث دامية عاشتها مدينة الدارالبيضاء في يونيو 1981.
وحسب الناقد السينمائي، أمير العمري، فإن “كذب أبيض” عمل سينمائي مبتكر يمتلئ بكثير من الخيال الساحر، ليس من الممكن أن يصنف فيلما وثائقيا أو دراميا روائيا، ولعل أفضل تصنيف له هو أنه فيلم “تشكيلي” يستخدم اللوحات والصور والنماذج الخشبية والحجرية الصغيرة والدمى والعرائس في بناء جدلي مركب بديع، ينتقل بين الخاص والعام، وبين الذاتي والموضوعي، وبين الذاكرة والتاريخ.
عن هذا الموضوع تقول “أظن أنه نحن جيل التسعينيات عشنا أجمل عصر.. لم تغز التكنولوجيا بيوتنا، فكان لنا حيز كبير للتمعن ولمس ما يحصل حولنا والتفاعل معه وجعل الذاكرة تخزن أشياء مرئية، وأظن أن الفيلم هو كذلك.. هو رجوع إلى أشياء بسيطة عائلية وجعلها منطلقا للحديث عن أشياء أعمق. نعود إلى الذاكرة لنصنع الحاضر. مهم أن تكون لنا ذاكرة وأن نفخر بأحداثها مهما كانت نتيجتها. على الأقل سنفخر بأن لدينا ماضيا”.
وقالت المخرجة أسماء المدير “إن هذا الإنجاز كان يعتبر بعيد المنال حين بدأت الاشتغال على الفيلم قبل عشر سنوات، واليوم بدأت أقطف ثماره”.
وأضافت أن الهدف كان واضحا، وهو “الوصول بهذا المشروع إلى أعلى المراتب، وأولها هو ما حصل بانتقاء الفيلم في أحد أكبر المهرجانات السينمائية في العالم، فأن يعرض فيلمك في مهرجان كان هو حلم كل مخرج عبر العالم”.
وجابت أسماء المدير بفيلمها “كذب أبيض”، الذي شاركت قناة الجزيرة الوثائقية في إنتاجه، العديد من المنصات بمهرجانات دولية، وحصلت على دعم مجموعة من الجهات العالمية، بقطر وفرنسا وبلجيكا، إضافة إلى دخول منتجين ألمان، على خط المساهمة في تحقيق المشروع.
وتعد أسماء المدير من الوجوه السينمائية المغربية الشابة، التي استطاعت أن تصنع لنفسها مسارا فنيا لافتا، من خلال العديد من الإنجازات الفيلمية الروائية القصيرة، من بينها “الرصاصة الأخيرة”، و”ألوان الصمت”، و”جمعة مباركة”، و”دوار السوليما”، فضلا عن أفلامها الوثائقية الطويلة خصوصا “في زاوية أمي” الذي حاز عشرات الجوائز الدولية.
يشار إلى أن فعاليات الدورة الـ70 لمهرجان سيدني السينمائي جرى تنظيمها في الفترة من 7 إلى 18 يونيو الجاري بمشاركة 90 فيلما روائيا و 54 فيلما وثائقيا من 67 دولة.