الحفرة.. أطياف..و19 ب..أفلام تعكس نضج الفن السابع بالقارة الإفريقبية …
بيت الفن
تتواصل فعاليات الدورة الـ 23 للمهرجان الدولي للسينما الإفريقية حتى الـ 13 من ماي الجاري بعرض أفلام مختارة بعناية، تعكس نضج السينما الإفريقية، رغم ضعف إمكانيات الإنتاج، أفلام تأخذنا إلى عوالم ساحرة عبر قصص تختلف من مخرج لآخر، لكنها تتوحد حول هموم الإنسان.
من بين الأفلام التي نالت إعجاب الجمهور والنقاد على حد سواء، أثناء عرضها بالمركب الثقافي لعاصمة الفوسفاط، ضمن المسابقة الرسمية للدورة التي تحمل شعار “السينما الإفريقية.. استنهاض قارة”، فيلم “الحفرة” للروائية والمخرجة الكينية أنجيلا ونجيكو ماي، وفيلم “أطياف” للمخرج التونسي الشاب مهدي هميلي، والفيلم المصري “19 ب” لمخرجه أحمد عبد الله السيد…
“الحفرة”..عندما يقهر الرجال بعضهم البعض باسم الدين والتقاليد
الفيلم الكيني “الحفرة” للروائية والمخرجة أنجيلا ونجيكو ماي، من بين الأفلام اللافتة في المهرجان، الذي عودنا منذ تأسيسه سنة 1977 على تقديم أجود الإنتاجات بالقارة الإفريقية.
يطرح الفيلم، الذي صاغته مخرجته بحرفية عالية وبحساسية شديدة، تساؤلات عميقة حول التسامح والغفران، ومدى تقبل المجتمع لمرتكبي الخطيئة، ولماذا يقهر الرجال بعضهم البعض باسم الدين والتقاليد الاجتماعية الصارمة؟
يأخذنا فيلم “الحفرة” (2022) من خلال بطله جاستن ميريتشي إلى حكاية “جيفري” (35 سنه)، الذي خرج لتوه من السجن بسبب قتل زوجته، وانتقل للإقامة في كنيسة بقرية شيموني بكينيا، القرية التي عاش فيها طويلا مدرسا للغة الإنجليزية، لكنه يعود إليها مرغما مكسورا مهيض الجناح.
ومن خلال عمله في خدمه الكنيسة وراهبها يكتشف أن الكتاب المقدس يتحدث عن المغفرة، ولكن الممارسات اليومية التي تحيط به بعيدة كل البعد عنها (المغفرة)، وعندما يهم أهل القرية بإضرام النار في كوخه، يقرر “جيفري” التخلص من الحياة بعد يأسه من مغفرة البشر، بمن فيهم القسيس الذي يريده أن يظل خادما للكنسية وله.
“أطياف”..رحلة سينمائية تكشف الوجه المظلم لتونس
من بين الأفلام اللافتة، أيضا، في الدورة الـ23 الفيلم التونسي “أطياف” للمخرج مهدي هميلي، إنتاج تونسي – فرنسي (2022)، من بطولة عفاف بن محمود، إيهاب بويحيى، زازا، سارة الحناشي وسليم بكار.
تتمحور أحداث العرض الممتد على مدى 120 دقيقة، حول “أمل” أم تعمل جاهدة بأحد المصانع لإعالة ابنها الوحيد “مومن”، وتحقيق حلمه ليصبح حارس كرة القدم محترفا، لكنها تدخل السجن ظلما بتهمة ممارسة الدعارة، ثم تغادره بعد انقضاء مدة الحكم لتشق طريقها في مجاهل العاصمة تونس وشوارعها بحثا عن ابنها، الذي سلك طريق الانحراف.
أثناء رحلة البحث عن ابنها تكتشف الأم العالم السفلي والمظلم لتونس وتتعرف على فئات وشرائح اجتماعية مهمشة، كما تعثر على ذاتها وتتصالح مع نفسها في مواجهة مجتمع عنيف ومتطرف.
عبر “أطياف” يطرح المخرج العديد من القضايا الاجتماعية المتعلقة بالعلاقات الأسرية، بالإضافة إلى استشراء العنف والفساد في تونس، دون أن يفوت ربط القضايا الاجتماعية المطروحة في الفيلم بالواقع السياسي والاقتصادي للبلد بعد الثورة.
أحداث الفيلم ارتكزت على عنصر مهم جدا هو الزمان “الليل”، لاختراق عوالمه.. الجنس والمثلية والعنف الاجتماعي والاغتصاب والعديد من القضايا الشائكة.
“19 ب”.. عوالم صغيرة تكافح من أجل البقاء
ينهض “19 ب” للمخرج المصري أحمد عبد الله السيد على قصة بسيطة لرجل في عقده السابع، يكافح من أجل بقاء عالمه الصغير داخل بيت قديم مهجور ظل يحرسه في غياب ورثته، رغم أنه (البيت) مهدد بالانهيار مثل عالمه.
بطل الفيلم (سيد رجب)، الذي تعمد المخرج عدم منحه اسما في الفيلم شأنه شأن المبنى القديم المسمى”ب 19″، يسكن البيت الواقع في حي راق في القاهرة، لوحده مع ذكريات يستعيدها بهدوء على أنغام أغان من الزمن الجميل، تصدح من راديو مسجل قديم في شرفة تطل على حديقة تؤوي قططا وكلابا، يرعاها كأفراد من عائلته التي لا يظهر منها سوى ابنته “يارا” (ناهد السباعي) المتزوجة التي تحاول اجتذابه لعالمها، إضافة إلى جاره بواب البيت المجاور “سكر” ودكتورة تتقاسم معه شغف الاعتناء بالحيوانات الضالة.
حياة هادئة يعكر صفوها حارس سيارات شاب خرج للتو من السجن يدعى “نصر” (أحمد خالد صالح) يقرر استغلال الفيلا، وجعلها مخزنا لبضاعته المهربة، مستغلا كبر سن الحارس، الذي يجد نفسه مضطرا لمجابهة المعتدي بكل الوسائل المتاحة وبكل ما أوتي من قوة دفاعا عن عالمه الخاص.
وكأن المخرج والمؤلف أحمد عبد الله السيد، يذكرنا بأن دفاع الإنسان عن خصوصيته بات أصعب صراع يخوضه في وقتنا الراهن.
“ب 19” (2022) توج بجائزة أفضل فيلم عربي بمهرجان القاهرة السينمائي، وهو من بطولة سيد رجب، أحمد خالد صالح، ناهد السباعي، فدوى عابد، مجدي عطوان، وصبري عبد المنعم، وهو السادس في مسيرة المخرج بعد “هليوبوليس” و”ميكروفون” و”ديكور”، و”فرش وغطا”.. وهي أفلام شاركت في عشرات المهرجانات الدولية ونالت العديد من الجوائز.
12 فيلما من 10 دول تتنافس على 8 جوائز مهمة
وتتنافس على جوائز المسابقة الرسمية للفيلم الطويل 12 فيلما من 10 بلدان إفريقية، أمام لجنة مسابقة الأفلام الطويلة من البوركينابي ميدا ستانيسلاس بيميل (رئيسا) والمصرية فايزة هنداوي، والمغربي نوفل براوي، والأنغولي بيدرو سيماو كلوديو، والإيفواري ديزيري بيكرو.
وتمنح اللجنة ست جوائز هي “الجائزة الكبرى”، التي تحمل اسم (عثمان صامبين)، و”جائزة لجنة التحكيم” (نور الدين الصايل)، و”جائزة الإخراج” (إدريسا ويدراوكو)، و”جائزة السيناريو” (سمير فريد)، و”جائزة أحسن دور نسائي” (أمينة رشيد)، وكذا “جائزة أحسن دور رجالي” (محمد بسطاوي).
كما تتنافس الأفلام الطويلة على جائزة دون كيشوط، وتمنحها الجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب من خلال لجنة تتكون من عبد الرحمان لوس من القنيطرة (رئيسا) وميلود بوعمامة من وجدة، وصلاح الدين البيضاني من خريبكة.
وجائزة النقد وتمنحها لجنة تتكون من ثلاثة نقاد سينمائيين أفارقة هم المغربي عبد النبي دشين (رئيسا) والغينية فاتوماتا سانيان والبوركينابية سيتا باري.