البيت الوحيد الذي تملكه شاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري في العراق حتى مغادرته إلى براغ مطلع عام 1980
بيت الفن
تحول بيت شاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري في منطقة القادسية بالعاصمة بغداد، إلى متحف وطني بعد إعادة تأهيله.
و”بيت الجواهري” هو البيت الوحيد الذي تملكه الشاعر في العراق حتى مغادرته إلى براغ مطلع عام 1980، بسبب مواقفه من سياسات السلطة الحاكمة. إذ قضى حياته في بغداد مستأجرا عدة بيوت في مناطق متفرقة منها.
وكان الجواهري قد شيد بيته الوحيد على حسابه الخاص بعد أن حصل على قطعةِ أرض مساحتها 540 مترا في منطقة القادسية جنوب العاصمة، وهي من جملة أراض وزعتها الدولة على الصحافيين وقد أُنجز بناؤه نهاية عام 1971.
ومن المؤمل أن يتحول (بيت الجواهري) إلى مركز ثقافي تعقد فيه الندوات الثقافية والأمسيات الشعرية والأدبية ومعارض الرسم، وهذا سيكون برعاية “أمانة بغداد” وهي المالك الرسمي للدار بعد شرائه من الورثة.
وبالتزامن مع ذكرى رحيله الخامسة والعشرين، أعلنت “دار الشؤون الثقافية” التابعة لوزارة السياحة والآثار في بغداد عن إطلاق كتاب “ذكرياتي” لـ محمد مهدي الجواهري ويضم سيرته الشخصية التي كتبها بنفسه، وقد صدر الكتاب في جزأين.
وتعود مطالبات عائلة الجواهري والمثقفين العراقيين بتحويل البيت الذي عاش فيه الجواهري بين (1971 – 1980) إلى عام 2011، إذ تعرض البيت للإهمال والنسيان وتحول إلى مكان أشبه بالخرابة.
واستجابة للمناشدات المتكررة أعلنت “أمانة بغداد” في عام 2013 أنها تملكت البيت وبدأت بمراحل ترميمه استعدادا لجعله متحفا للشاعر ومركزا ثقافيا وطنيا، إلا أن الوعود لم تنفذ واستمر حال البيت على ما هو عليه حتى أعلنت أخيرا عن الانتهاء من ترميمه وتهيئته استعدادا لافتتاحه في الذكرى الخامسة والعشرين على رحيل صاحب “تنويمة الجِياع”.
ومحمد مهدي الجواهري شاعر وأديب عراقي ولد في النجف يوم 26 يوليوز من عام 1899 واستطاع بموهبته تحقيق ريادة شعرية في الشعر الكلاسيكي، وانخرط في العمل السياسي حتى اضطر إلى الهجرة من العراق بسبب معارضته لنظام صدام حسين في عام 1980.
ونظم الشعر في سن مبكرة، وأظهر ميلا منذ الطفولة إلى الأدب فأخذ يقرأ في كتاب البيان والتبيين ومقدمة ابن خلدون ودواوين الشعر، شارك في ثورة العشرين عام 1920 ضد السلطات البريطانية، وصدر له ديوان “بين الشعور والعاطفة” عام 1928.
وكانت مجموعته الشعرية الأولى قد أعدت منذ عام 1924 لتنشر تحت عنوان “خواطر الشعر في الحب والوطن والمديح”.
ثم اشتغل مدة قصيرة في بلاط الملك فيصل الأول عندما توج ملكا على العراق، واتجه بعد ذلك للعمل في الصحافة بعد أن غادر النجف إلى بغداد، فأصدر مجموعة من الصحف منها جريدة (الفرات) وجريدة (الانقلاب) ثم جريدة (الرأي العام)، وانتخب مرات عدة رئيسا لاتحاد الأدباء العراقيين.
واستقال من البلاط الملكي سنة 1930، ليصدر جريدته (الفرات) ثم ألغت الحكومة امتيازها وحاول أن يعيد إصدارها ولكن بدون جدوى، فبقي بدون عمل إلى أن عين معلما في أواخر سنة 1931 في مدرسة المأمونية، ثم نقل إلى ديوان الوزارة رئيسا لديوان التحرير، ومن ثم نقل إلى ثانوية البصرة، لينقل بعدها لإحدى مدارس الحلة، في أواخر عام 1936 أصدر جريدة (الانقلاب) ونظرا لآرائه المعارضة حكم عليه بالسجن ثلاثة أشهر وبإيقاف الجريدة عن الصدور.
بعد مرور شهر على سقوط حكومة الانقلاب غير اسم الجريدة إلى (الرأي العام)، ولم تتح لها مواصلة الصدور، فعطلت أكثر من مرة بسبب ما كان يكتب فيها من مقالات ناقدة للسياسات المتعاقبة، وكان موقفه من حركة مايس 1941 سلبيا لتعاطفها مع ألمانيا، وللتخلص من الضغوط التي واجهها لتغيير موقفه، غادر العراق مع من غادر إلى إيران، ثم عاد إلى العراق في العام نفسه ليستأنف إصدار جريدته (الرأي العام).
انتخب نائبا في مجلس النواب العراقي في نهاية عام 1947 ولكنه استقال من عضويته فيه في نهاية يناير 1948 احتجاجا على معاهدة بورتسموث مع بريطانيا، واستنكارا للقمع الدموي للوثبة الشعبية التي اندلعت ضد المعاهدة واستطاعت إسقاطها.
توفي الجواهري في سوريا 27 يوليوز من عام 1997، ودفن في مقبرة السيدة زينب بالعاصمة السورية دمشق، إلى جوار زوجته أمونة جعفر الجواهري، التي وافاها الأجل عام 1992، فيما وجه عدد من الشعراء والأدباء العراقيين طلبا إلى رئيس الجمهورية جلال الطالباني في عام 2012، بنقل رفاه إلى مقبرة أسرته في النجف بالعراق.