يمينة حمدي
دفع غلاء أسعار المواد الغذائية الكثير من نساء الجيل المعاصر إلى العودة إلى التقاليد القديمة لأمهاتهن وجداتهن، واكتشاف الحيل الذكية التي كن يعتمدنها لتخزين أطعمة تظل صالحة للأكل لفترات طويلة، بدلا من شرائها من رفوف المتاجر، وفي الوقت نفسه لا ينفقن مبالغ طائلة كما هو الشأن بالنسبة للسلع التي يقتنينها من محلات البيع بالتجزئة.
وجرت العادة في العديد من الأوساط الأسرية العربية، أن يتم تجهيز المؤن حسب فصول السنة، وتغتنم أغلب النساء فصل الصيف، لتحضير أنواع من المعجنات والمخللات وتجفيف مختلف البقوليات والخضروات والفواكه مثل الفول والحمص والعدس والفاصولياء والبازلاء والطماطم والتين والبامية والملوخية والمشمش تحت أشعة الشمس، وبعد أن تجف يقمن بتخزينها في “بيت المونة” في ظروف صحية معينة، لتكون ذخيرتهن لأيام البرد القارس وظروف الحياة الصعبة، أما بقية المواد فيحضرنها في بقية فصول السنة.
ورغم كون تلك الطرق قد تبدو بدائية للبعض، كما أن غالبية النساء لم يعدن يحبذنها بسبب كثرة مسؤولياتهن وتوفر جميع احتياجاتهن الغذائية في السوق، إلا أنها بدت للأسر الفقيرة ومتوسطة الحال داعمة بشكل كبير، كما أعادت النساء إلى عادات الأجداد في إدارة اقتصاد البيت أثناء أوقات الشدة والأزمات.
ويشجع خبراء الاقتصاد الأسر على فكرة المؤونة التي يمكن أن تساعد في توفير نسبة كبيرة من المصاريف، مؤكدين أهمية الجدوى الاقتصادية لها، فضلا عن تنوع الأطعمة الصحية وتوفرها في مواسم مختلفة.
وأجمعت نسبة كبيرة من النساء على قيمة ما يطلق عليه باللهجة العامية في بعض المجتمعات العربية “المونة” أو “العولة” في جعلهن يستغنين عن المواد الغذائية الجاهزة، التي لا يعرفن في الغالب مصدرها ومدى عدم إضرارها بالصحة، على عكس ما يحضرنه بأيديهن من أطعمة صحية، وذات جودة عالية ونكهة تعود بهن إلى الأوقات الجميلة التي كن يمضينها بصحبة جداتهن وأمهاتهن أثناء مواسم تحضير المؤن، فيتذكرن كيف كن يعلمنهن صنعة أيديهن، ويدربنهن باللين والشدة أحيانا، ليكن مستقبلا ربات بيوت شاطرات وحكيمات ومقتصدات.