بيت الفن
يدخل فيلم “زنقة كونطاكت” للمخرج المغربي المقيم في فرنسا إسماعيل العراقي غمار المنافسة على جوائز المسابقة الرسمية لمهرجان الأقصر للسينما الإفريقية، الذي انطلقت فعاليات دورته العاشرة يوم الجمعة 26 مارس 2021 بمشاركة مغربية وازنة في معظم فقرات هذه التظاهرة القارية المنظمة تحت رعاية وزارة الثقافة المصرية، بدعم من وزارت السياحة والخارجية والشباب.
الفيلم الذي تم تصويره بمدينة الدارالبيضاء والنواحي من بطولة سعيد باي، وفاطمة عاطف وخنساء باطما وأحمد حمود، وعبدالرحمان مبيها، ومراد الزاوي…
وتتمحور فكرة الفيلم السينمائي“زنقة كونطاكت”، الذي أصر مخرجه على تصويره بتقنية 35 ملم، حول موسيقى الروك فقط كخلفية للكثير من الأحداث التي تقع في المغرب.
واستفاد “زنقة كونتاكت“من 4 ملايين و200 ألف درهم (420 مليون سنتم)، كدعم من المركز السينمائي المغربي لإنتاج الأعمال السينمائية في ختام الدورة الثالثة من سنة 2017.
يبدأ الفيلم الروائي الأول للمخرج المغربي إسماعيل العراقي (بعد بضعة أفلام قصيرة) بمومس اسمها راجية (خنساء باطمة) تركب سيارة تاكسي فيها شيخ متدين كان يستقله.
يغادر الشيخ السيارة سريعا مستعيذا بالله من الشيطان الرجيم. يدفع راجية لتسرد نكتة من شدة ضحك السائق يصطدم بسيارة أخرى فيها مغني هارد روك مهاجر عائد إلى المغرب اسمه لارسن (أحمد حمود).
من هذا اللقاء بين الناجيين من الحادثة ينطلق فيلم إسماعيل العراقي، مشكلة الاثنين هنا أنهما يقعان في الحب المغني السابق تنحسر عنه الأضواء والمومس تبحث عن خلاص لكنها لا تؤمن بأنه متوفر، لأنها مملوكة لرجل يملك قرارها اسمه سعيد (سعيد باي)، وهذا مستعد لفعل المستحيل، لكي يواصل استثمارها وقعت في الحب أو لم تقع. بما في ذلك التعرض، بطبيعة الحال، لـ”راجية” ولـ”لارسن” (يلتزم باسم ابتدعه في الغرب) بالضرب. لكن الحب الذي ربط بينهما، وسط أشواك الواقع، أقوى من الخطر الذي يتعرضان إليه. وفي مشهد عنيف آخر يقبض سعيد وشريك له على شاب سماه المخرج “أوباما”، ويعرضانه للضرب ثم يهددانه بالحرق إذا لم يخبرهما أين هرب “لارسن” و”راجية”.
الموسيقى حاضرة أولا في كيان بطل الفيلم، وثانيا عبر حب راجية للغناء وتوسمها مستقبلا أفضل تعتمد فيه على حنجرتها عوض جسدها، وفي ثنايا الفيلم في أكثر من مشهد يعكس تاريخ “لارسن” نفسه. يستخدم المخرج الموسيقى والغناء المغربيين لجانب تسجيلات وأغان غربية لدمج المشاعر المأزومة في حالة عاطفية لم يعرفها بطلاه من قبل.
هذا كله يكون عملا من الصعب مشاهدته براحة. ليس لأنه ليس فيلما للترفيه (فهذا ليس شرطا) بل لكونه يبرز القسوة كلحمة واقعية لشخصياته. في هذا النطاق تسبق الممثلة خنساء باطمة زميلها في عملية بلورة فعلية لمرحلة انتقالها من وضع عاطفي خال من الحب للحياة إلى وضع آخر بات يحتل قلبها ويشغل بالها. ما زالت بائسة ويائسة، وطريق النجاة من الماضي طويل أمامها. بدوره نجد أحمد حمود متمتعا بما يلزم لتمرير أداء جيد، لكن الشخصية ذاتها محبوسة داخل خيارات قليلة تفرض على الممثل التحرك في مكانه أكثر مما تساعده على التقدم.
هو فيلم عاطفي مغمس بعنف الواقع وباختيارات ضحاياه. تجسيد هذا العنف مقصود بذاته وليس نتيجة مراجعة نفسية أو اجتماعية معمقة. إنه واقع محبِط ليس لكل الشخصيات التي نتعرف عليها فقط، بل لنا نحن المشاهدين كون المطلوب منا مشاركة ذلك الإحباط.