بيت الفن
أعلن بيت الشعر في المغرب عن تتويج الشاعر المغربي محمد الأشعري بجائزة الأركانة العالمية للشعر للعام 2020، في دورتها 15.
وجرى إعلان فوز الأشعري بالجائزة التي يمنحها سنويا بيت الشعر في المغرب بشراكة مع مؤسسة الرعاية لصندوق الإيداع والتدبير وبتعاون مع وزارة الثقافة، عقب اجتماع أعضاء لجنة تحكيم جائزة الأركانة العالمية للشعر، في الرباط، ويتعلق الأمر بالشاعر نجيب خداري رئيسا، والأعضاء الناقد عبد الرحمان طنكول، والناقد خالد بلقاسم، والشعراء حسن نجمي الأمين العام للجائزة، رشيد المومني، عبد السلام المساوي، نبيل منصر ومراد القادري.
وقد ارتأت لجنة التحكيم منح الجائزة إلى الشاعر المغربي محمد الأشعري، لأن قصيدته أسهمت، منذ أكثر من أربعة عقود، في ترسيخ الكتابة بوصفها مقاومة تروم توسيع أحياز الحرية في اللغة وفي الحياة، عبر ممارسة شعرية اتخذت من الحرية أفقا ومدار انشغال.
وعملت قصيدة الشاعر محمد الأشعري، التي يجسد مسارها أطوار وعي القصيدة المغربية المعاصرة بذاتها وبأزمنتها الشعرية، على تحرير مساحات في اللغة لصالح القيم ولصالح الحياة، بتحرير هذه المساحات من النزوع التقليدي المحافظ الذي يشل الحياة بشل اللغة وتقليص مناطق مجهولها.
لقد ظلت قصيدة محمد الأشعري، حسب تقرير اللجنة، وفية لما يوسع أفق الحرية في الكتابة وبالكتابة، باعتبار هذه الحرية مقاومة باللغة، بما جعل الانحياز إلى هذا الأفق، في منجزه النصي، ذا وجوه عديدة، منها التصدي بطرائق مختلفة للتقليد ولتضييق الحياة، والارتقاء باللغة إلى صفائها الشعري، وتمكين الجسد من حصته الحرة في بناء اللغة وفي بناء المعنى، وتهييء الكلمة الشعرية لأن تقتات مجهول الجسد، احتفاء به وبالحياة، وانتصارا للحرية التي هي ما يمنحهما المعنى.
في التفاعل الشعري لمحمد الأشعري مع الحياة الحرة في أدق التفاصيل؛ في اليومي وفي العابر وفي المتغير بوجه عام، حرص دوما على تحصين قصيدته من كل تجريد ذهني، وعلى صون حيويتها وديناميتها استنادا إلى تجربة تنصت لنبْض اليومي ولمتغيرات الحياة الحديثة ولانشغالات الإنسان وقلقه، وتنصت، في الآن ذاته، للمنجز الشعري العالمي، بما أمن لقصيدته خلفيتها المعرفية، دون أن تتحول هذه الخلفية إلى تجريد، لأن الشاعر محمد الأشعري انحاز إلى شعر المعنى وفق تصور يرى أن الشعر يقيم لا في اللامعنى بل بين المعنى واللامعنى، اعتمادا على لغة عربية حديثة قائمةٍ على صفاء شعري.
انحياز قصيدة محمد الأشعري إلى المعنى تحقق بالابتعاد عن المباشر وبالتجاوب الذي أقامته بين الشعر واللوحة والمعمار والسينما.
فقد نهضت قصيدته على محاورات صامتة بين الكلمة والرسم وفنون أخرى، وعلى تفاعلات حيوية بين الشعري والسردي. عبر دينامية هذا البناء النصي، كان المعنى الشعري يتخلق، في منجز محمد الأشعري، منصتا لنبْض الحياة ولمتغيراتها، برؤية حداثية تنتصر للقيم وللإنسان وللفكر الحر.
وصدرت للشاعر محمد الأشعري المجاميع الشعرية التالية: “صهيل الخيل الجريحة”، 1978، “عينان بسعة الحلم”، 1982، يومية النار والسفر، 1983، “سيرة المطر”، 1988، “مائيات”، 1994، “سرير لعزلة السنبلة”، 1998، “حكايات صخرية”، 2000، “قصائد نائية”، 2006، “أجنحة بيضاء… في قدميها”، 2007، “يباب لا يقتل أحدا”، 2011، “كتاب الشظايا”، 2012، “جمرة قرب عش الكلمات”، 2017.