بيت الفن
ينظم اتحاد الفنانين التشكيليين المغاربة فرع الرباط، ملتقى افتراضيا للفنون التشكيلية، بمشاركة ثلة من الفنانين المغاربة الذين قدموا أعمالا تستجيب لأجواء الاحتفاء بالذكرى 45 للمسيرة الخضراء المظفرة.
وينطلق الحدث الفني الذي يحمل شعار «ألوان الصحراء المغربية»، إلى غاية 6 دجنبر 2020.
وقال المنظمون إنها فرصة لإحياء هذه الذكرى من خلال مجموعة من الأعمال الفنية، التي تنتمي إلى مدارس واتجاهات تشكيلية متعددة، وأضافوا أن الفنانين المشاركين لهم تجارب ناجحة في الساحة الفنية المغربية.
ومن بين المشاركين يطالعنا اسم الفنانة التشكيلية العصامية المغربية مباركة ضومر، التي تعمل وتقيم في بلجيكا، التي أكدت حضورها في هذا الملتقى الافتراضي للفنون التشكيلية، بأعمال تزاوج بين التجريد والفن الفطري الخام.
وقالت إنها لبت هذه الدعوة لأن الحدث يحتفي بالذكرى 45 للمسيرة الخضراء المظفرة. وأضافت أن ولعها بالتشكيل انطلق منذ نعومة أظافرها، وهي تتملى رسومات فاطنة كبوري، واستلهمت في بداياتها الأولى مواضيع هذه الفنانة، التي تركت إرثا صباغيا قل نظيره.
تماهت ضومر حد التجلي مع أعمال فاطنة كبوري، فرأت فيها صرحا فنيا، أنار طريقها نحو تأسيس رؤية تشكيلية خالصة، فبدأت بمواضيع قريبة إلى الوجدان الشعبي، فراحت تنبش في حكايا نساء البادية بالألوان والفرشاة. ولم يكن غريبا أن تدافع عن المرأة في كل مراحل حياتها، فرسمتها وهي طفلة فمراهقة فشابة، إلى أن بلغت من العمر أرذله.
من جهة أخرى، أشارت ضومر إلى أن اسمها معروف في الأوساط الثقافية والفنية في بلجيكا، حيث شاركت في مجموعة من المعارض في بلد الإقامة، فضلا عن مشاركتها في المغرب. راكمت ضومر تجربة فنية امتدت منذ أن وعت أن الفن قضية حياة ووجود.
جماليا انطلقت التجربة الصباغية للفنانة التشكيلية مباركة ضومر منذ صغرها، ارتبطت بالمدرسة الفطرية، فهي خريجة الحياة، إذ ارتادت عالم الإبداع بكل أساليبه التعبيرية وروافده المتعددة، في أعمالها يبرز الواقع اليومي والحياة القروية، فهي مدافعة عن المرأة القروية، ألوانها الناصعة تستدعي مرحلتنا الطفولية، وأحلامنا الشعبية التلقائية بكل تفاصيلها الصغيرة والكبيرة. أعمالها التشكيلية تنم عن حس فريد وتمكن في تركيب المشاهد البصرية، وبهذا تقدم للنقاد الجماليين والمتتبعين للحركة التشكيلية في الهنا والهناك، وحدات عينية وحسية لافتة انتباههم لكل ماهو بسيط وتلقائي خارج دائرة المجردات والتركيبات العقلانية، لقد حولت هذه المبدعة، التي انخرطت أخيرا في الاتجاه التجريدي، العام إلى خاص، وهي الوحدة الموضوعية التي تشكل العيني، مهتديا بمقولة هيغل» المضمون لا يكون حقيقيا إلا بمقدار ما يكون عينيا».
آمنت ضومر أن الفن رسالة، وأن التجديد مطمح كل فنان، فبين الفن الفطري والتجريدي تتبدى أحلام وآمال الفنانة التشكيلية، التي تحرص على تصوير ورسم الطبيعة الحية وحياة الناس في الأسواق والقرى، منتصرة للمرأة القروية وهي خلف «المنسج» تبدع بأناملها ما عجزت عنه الآلة الصناعية. متيمة باختزال الأشكال والوجوه والصور اليومية المبثوثة من فضاء الأسواق والمعيش اليومي للفلاحة والفلاح، فهي ترسم مجازا تخوم الإنسان وجغرافياته المنسية.
مباركة ضومر فنانة كسبت رهان التوفيق بين التراث والحداثة من خلال مقترب تصويري بحثا عن معالم المجال الإنساني وآثاره المرجعية.
في الأعمال الأخيرة للمبدعة ضومر تحول كبير نحو الفن التجريدي، فمقتربها التشكيلي ينضح بالكثير من المواضيع والتيمات، إلا أن الانتصار للمرأة القروية والدفاع عنها يتصدر منجزها البصري، ما يثير في لوحاتها تقنية الألوان التي تتحدث بها فهي تمزج الألوان الدافئة والباردة وتعطيها معاني تصويرية ذهنية، فأعمالها مكتملة بكل ما فيها من وحدة موضوعية.