المعرض يبرز بعض المراحل التي عاشها الفنان في مساره التشكيلي
بيت الفن
يقدم الفنان التشكيلي فؤاد بلامين في معرضه، الذي افتتح مساء أمس الثلاثاء برواق “أتوليي 21” بالدار البيضاء، باقة من آخر أعماله التشكيلية، تحت عنوان (شظايا الحياة).
أعمال تنضح باللمعان والشفافية والروحانية وتعكس الحس الفني والجمالي الذي يتمتع به هذا التشكيلي المتميز المنتمي الى الجيل الثاني من رسامي الحداثة الفنية في المغرب، الذين ساهموا في تأصيل الفن التشكيلي المغربي، من خلال منحه خصوصايته ومميزاته الثقافية والفنية، وهويته الحضارية.
ويتيح المعرض، الذي حضر حفل افتتاحه ثلة من المهتمين بالفن والأدب والمولوعين بالفن التشكيلي، لزواره الاستمتاع بقرابة عشرين لوحة من مختلف الأشكال تشهد لفؤاد بلامين بقدرة كبيرة على التحكم في تقنيات الرسم وتميزه بحرية وتلقائية فريدة.
وبالمناسبة، اعتبر الفنان بلامين أن هذا المعرض هو حصيلة قرابة سنة من العمل، تبرز بعض المراحل التي عاشها الفنان في مساره التشكيلي، مضيفا أنه من خلال هذه الأعمال فهو يحاور العديد من الأشياء والأشكال والمواضيع التي سبق أن لامسها وتواصل معها في ابداعات تعود لسنوات خلت.
وأضاف أن هذه الأعمال الفنية، التي يستضيفها رواق “أتوليي 21” إلى غاية 13 يناير المقبل، هي إحياء لصلة الرحم مع الأعمال القديمة لكن بنفس جديد ونضج كبير، تعكس مساره الفني على مدى عدة عقود من خلال الاعتماد على القماش والضوء.
وفي قراءته لأعمال بلامين، قال الفنان التشكيلي، عبد الرحمان رحول، إن فؤاد بلامين يتميز بطريقة اشتغال وأسلوب خاص، مضيفا أنه الرسام الوحيد الذي يستعمل لونين (الأسود والأبيض) في لوحاته ويعبر بهما في أعماله بشكل متميز، مضيفا أنه يعتمد بشكل كبير في لوحاته على المربع وما يضمه هذا الشكل من إيحاءات.
من جهتها، تقول الكاتبة المغربية، لطيفة السرغيني في ورقة تقديمية خاصة بالمعرض “إن التجربة الفنية المتفردة للفنان فؤاد بلامين انبنت على تجربة حياتية مؤلمة”، موضحة أن هذا الفنان “يمنح حياة جديدة لكل لوحة، من خلال عزل أجزائها السليمة وتقطيعها من جديد”.
لكن هذا المنجز لم يرض هذا الفنان، تضيف السرغيني، لذلك يقرر من جديد رسم مجموعة من الأعمال الأخرى في إطار ولادة جديدة. إنها في المجمل أعمال تمخضت عن ذاكرة ضمن رؤية تنضح بشظايا الحياة.
من جهته، يرى المؤلف مصطفى كبير، تعليقا على إبداعات بلامين”أن الهدم بالمعنى الفني يمكن أن يكون مفيدا، وله طابع تجديدي، لأنه يسمح بمواصلة مسار الاشتغال، لافتا إلى أنه يتعين الاعتراف بأن العمل الخاضع لعميلة الهدم هو أصل اشتغال ذاكرة تسمح للفنان بعملية تأمل تفضي في آخر المطاف إلى استحضار عدة تقنيات من قبيل المتوازيات والأقواس.
وحسب نقاد الفن التشكيلي يمكن النظر إلى بلامين باعتباره رساما تجريديا يضع الإنسان في مرتبة أعلى من وجوده الواقعي، ذلك أن أعماله تعكس قدرته على الجمع بمرونة بين الثابت والمتحول في فضاء معماري مجرد، تطبعه علامات دالة على الذاكرة بأبعادها الجماعية والفردية
تجدر الإشارة إلى أن الفنان فؤاد بلامين، المزداد سنة 1950 بمدينة فاس، درس في مدرسة الفنون التطبيقية بالدار البيضاء، ويعود أول معرض نظمه سنة 1972 برواق “لاديكوفيرت” بالعاصمة الرباط، ولقي أول معرض له أقامه بباريس سنة 1980 ترحيبا كبيرا من لدن النقاد التشكيليين.
في باريس انهمك في الدراسة والرسم ليحصل على شهادة الدراسات التطبيقية في التاريخ ونظرية الفن من جامعة السوربون.
ولدى عودته إلى المغرب سنة 1990 درس “تاريخ الفن والتعبير التشكيلي” بالمركز التربوي الجهوي بالرباط، ليواصل في الوقت نفسه مسيرته في عالم الإبداع التشكيلي.