الدارالبيضاء : أحمد سيجلماسي
من أجمل الأفلام العربية الطويلة، التي عرضت ونوقشت مساء الثلاثاء 22 أكتوبر الجاري بسينما “إيدن كلوب” في إطار عروض المسابقة الرسمية للدورة الثانية لمهرجان الدار البيضاء للفيلم العربي، نذكر فيلم “يارا” (1918) من إخراج وتصوير ومونتاج وسيناريو وإنتاج العراقي عباس فاضل بمساعدة زوجته نور بلّوق في التقاط الصوت وتنفيذ الإنتاج.
الفيلم يحكي قصة حب بسيطة بين شابة وشاب، لكنها مكتوبة ومصورة بطريقة شاعرية جميلة وممتعة. إيقاعه بطيء نسبيا، لأنه يحكي رتابة الحياة اليومية بمنطقة قروية جبلية لبنانية معزولة رفقة ممثلين ليسوا محترفين.
ونحن نشاهده لا نكاد نفرق بين بعديه الروائي والوثائقي، لأنهما متداخلان، وكأننا نشاهد فيلما وثائقيا بنفس روائي. تمتعنا كثيرا بالأداء التلقائي للأبطال الثلاثة الرئيسيين (الشابة يارا، الشاب إلياس، جدة يارا) وبالفضاءات الطبيعية الرائعة التي صورت فيها لقطات الفيلم ومشاهده، كما تمتعنا بحضور الأطفال وبأصوات الطبيعة وبمختلف الحيوانات الأليفة، كالقطط والكلاب والطيور والحمار والبغلة…، وكأنها من شخصيات الفيلم الرئيسية.
إنه فيلم جميل فنيا وعميق إنسانيا، بكل المقاييس، يشرف سينما المؤلف العربية ويعكس أسلوبا في الكتابة السينمائية لدى مبدعه من مقوماته الأساسية العناية بالجزئيات والتفاصيل الصغيرة.
الفيلم الروائي الطويل الثاني، الذي عرض بحضور مخرجه ونوقش في الحصة الرابعة من عروض المسابقة الرسمية يوم الثلاثاء 22 أكتوبر، هو فيلم “الطريق المستقيم” لعكاشة طويطا، أحد رواد السينما الجزائرية المعروفين، وقد تناول فيه بأسلوب قريب من المباشرة وبكتابة سينمائية خطية ظاهرة الرشوة والفساد المستشريين في الإدارة العمومية بالجزائر، وهي ظاهرة لا يخلو منها أي مجتمع بشري. ومما تميز به هذا الفيلم الأداء الجيد لممثلين جزائريين من أجيال مختلفة من بينهم بشكل خاص القيدوم أحمد بن عيسى والشاب مهدي رمضاني والمخضرمة سامية مزيان…
يشار إلى أن الأفلام الروائية القصيرة التي عرضت تباعا يوم الثلاثاء 22 أكتوبر الجاري هي: “عبور ” للمخرج البحريني سلمان يوسف، “جوري” للمخرج السوري يزن نجدة أنزور، “طيف الزمكان” للمغربي كريم تاجواوت، “إبن الرقاصة” للمخرج اللبناني جورج هزيم.
تجدر الإشارة إلى أن عباس فاضل مخرج وناقد سينمائي وكاتب سيناريو عراقي ولد في مدينة الحلّة بمحافظة بابل بالعراق، وانتقل ليعيش في فرنسا عندما أصبح عمره 18عاما ونال شهادة الدكتوراه من جامعة السوربون في السينما.
وبعد العمل لسنوات عديدة كمحاضر وناقد سينمائي في الصحافة الفرنسية والعربية، توجه نحو الإخراج التليفزيوني ومن ثم السينمائي، وفي كانون الثاني/ يناير 2002 عاد إلى العراق لتصوير فيلمه الوثائقي “العودة إلى بابل“، ليرصد الحالة المأساوية للبلد، من خلال استعراض آثار الحرب العراقية الإيرانية وحرب الخليج الثانية والحصار المفروض من جانب الأمم المتحدة
بعد عام، ومع وقوع حرب جديدة، عاد عباس فاضل إلى العراق من جديد ليقدم موضوع فيلمه الوثائقي الثاني الذي سماه “نحن العراقيون” تأكيدا على هويته.
وفي عام 2008 أخرج فيلمه الروائي الطويل “فجر العالم“، عن جندي عراقي من الناجين من حرب الخليج، والذي صوره في مصر لاستحالة إمكانية تصويره في العراق بسبب تردي الأوضاع الأمنية.
وفي عام 2015 حاز فيلمه الجديد “وطن العراق.. السنة صفر” على جائزة أفضل فيلم في المسابقة الدولية لمهرجان رؤى الواقع، وهو الفيلم الذي قدمه على جزأين ويتناول فيه الحياة اليومية في العراق قبل وبعد الاحتلال الأمريكي سنة 2003
وحصدت أفلام عباس عدة جوائز وشاركت في مهرجانات دولية في فرنسا وإيطاليا وألمانيا وبلجيكا والبرتغال والبرازيل وكوريا الجنوبية وتونس والمغرب ولبنان والإمارات العربية المتحدة.