بمشاركة الوزاني والحضري ونخبة من شعراء الهايكو المغربي
بيت الفن
عاش جمهور وعشاق الشعر والموسيقى والتشكيل بمركز الفن الحديث بمدينة تطوان مع سمر ثقافي، امتزج فيه الهايكو المغربي بمشاركة الشعراء سامح درويش وفتيحة واضح وأسعد البازي وهدى بنادي، بإبدعات ومنحوتات الفنان التشكيلي عبدالكريم الوزاني، وعلى نغمات آخر الأعمال الموسيقية للفنان حميد الحضري.
وهكذا أبدع الشعراء في “ليلة الهايكو”، التي نظمتها دار الشعر بتطوان، في جعل الحمامة البيضاء تفرد جناحيها استمتاعا بلحظة شعرية فريدة، تعاقب خلالها الشعراء على منصة الإلقاء، بحضور جمهور عاشق للفن والأدب بالمدينة، والذين اقتطعوا من أماسيهم الصيفية زمنا للاستمتاع بهذا النمط الشعري الحديث الظهور بالمغرب.
وأبرز الشاعر سامح درويش أنه من النادر أن يمتزج الشعر والتشكيل والموسيقى في أمسية ثقافية باذخة، إذ فليس عبثا أن تختار دار الشعر بتطوان الاحتفاء بالهايكو المغربي في رحاب أعمال الفنان الكبير عبد الكريم الوزاني، التي تحتوي على نوع من البساطة العميقة ونوع من الطفولة المنتجة بخبرة فنان كبير.
وأضاف درويش أن اللقاء مناسبة للتأكيد على أن تجربة الهايكو بالمغرب هي تجربة تتنامى وتصنع ذاتها بأصواتها المتنوعة والمختلفة وما تطرحه من أسئلة ليس على الهايكو كشكل شعري، ولكن على الشعر المغربي بشكل عام لأنه يفتح نقاشا كبيرا حول المشهد والمنجز الشعري المغربي، معتبرا أن “الهايكو يؤكد ذاته من خلال المنجز والأسماء التي تكتبه وانتباه النقد والبحوث الجامعية لهذا اللون الشعري، الذي يعد، ربما، تعبيرا عن سرعة العصر عمقه الإنساني”.
من جانبه أكد مدير دار الشعر بتطوان، مخلص الصغير، أن ليلة الهايكو هي انفتاح من الدار على ممارسة شعرية احترفها المغاربة منذ سنوات، مضيفا أنه “على الرغم من أن الهايكو نمط شعري أصوله يابانية، غير أن الشعراء المغاربة في طليعة الذين جربوه وكتبوه وعملوا على تبيئته واستنباته في أراضي وحقول الشعر المغربي”.
وأشار إلى أن الاحتفاء بهذه الممارسة الشعرية تدل على انفتاح الشعر المغربي على الجغرافيات الشعرية العالمية من خلال الإنصات إلى شعر الهايكو كما يقدمه لنا الشعراء المشاركون في الأمسية، مشددا على أن الأمسية حاولت الجمع بين الشعر والتشكيل والموسيقى المغربية المعاصرة.
في السياق ذاته، نوه الفنان التشكيلي عبد الكريم الوزاني، من جهته، في أن جمالية اللقاء تكمن في جمعه بين الشعر والموسيقى والتشكيل في فضاء واحد وفي إطار مشروع واحد، وهو ما حفزه لتنظيم المعرض التشكيلي “ذوات”، الذي يعتبر بالنسبة به رجوعا إلى تطوان بعد 30 سنة من الغياب.
يشار إلى أن معرض الفنان التشكيلي المغربي عبدالكريم الوزاني، يمتد حتى 21 يوليوز الجاري بمركز تطوان للفن الحديث، ويحمل المعرض عنوان “ذوات”، وهو من تنظيم المعهد الوطني للفنون الجميلة بتطوان، ويأتي في صدارة سلسلة من المعارض السنوية التي سينظمها المعهد في فضاءات وأروقة مركز تطوان للفن الحديث.
وأكد مدير المعهد المهدي الزواق أن معرض عبدالكريم الوزاني إنما “يندرج ضمن تقليد فني يسعى المعهد الوطني للفنون الجميلة إلى وضع تصوره ومساره، عبر جعل مؤسسة مركز تطوان للفن الحديث فضاء لتداول المنجز التشكيلي المعاصر، والتعريف بأساليبه وتياراته ومهاراته المختلفة، عبر احتضان معارض سنوية لفنانين رواد من المغرب وخارجه”.
وتستضيف فضاءات مركز تطوان للفن الحديث العشرات من منحوتات ولوحات عبدالكريم الوزاني، وهي تمثل مراحل شتى من تجربته التشكيلية الزاخرة والمبتكرة، وتشكل ذخيرة فنية كبيرة، أبدعها هذا الفنان التشكيلي المغربي على مدى نصف قرن من الإبداع.
وعبدالكريم الوزاني من أعلام مدرسة تطوان التشكيلية، وأحد أبرز علاماتها، بعد جيل المؤسسين من أساتذته، وفي مقدمتهم المكي مغارة ومحمد السرغيني وسعد بن شفاج، لكن الوزاني سينحت لنفسه توجها فنيا مغايرا، وهو الذي ارتضى النحت اختيارا جماليا للتعبير والتشكيل، إلى جانب براعته وشخصيته المستقلة في عالم الصباغة أيضا.
ومن هنا، يقول المهدي الزواق “سيكون هذا المعرض التشكيلي بمثابة وثيقة بصرية كبرى للاطلاع على واحدة من أكثر التجارب التشكيلية مغايرة ومعاصرة في المغرب”.