إطار فارغ

مهرجان آسوان الدولي لأفلام المرأة والمشاركة المغربية

آسوان: صفاء أغا

احتفاليات عديدة مكثفة تشهدها مدينة آسوان، على مدى أيام المهرجان الدولي لأفلام المرأة، احتفاليات تعنى أساسا بتكريم الوجوه والتجارب السينمائية، وتقديم الإنتاجات الفيلمية النسائية العربية والدولية، وجعل حاضرة النيل والمعابد الفرعونية في قلب الأحداث الثقافية والمعرفة الخلاقة لكل السينمات العالمية، ولعل السينما المغربية واحدة من السينمات الحاضرة بقوة، سواء من خلال الأشرطة المشاركة ضمن المسابقتين الرسميتين، أو حضور وجوه إبداعية وثقافية متنوعة.

مشاركة الفيلم الروائي القصير “حياة الأميرة” للمخرج الطنجاوي الشاب فيصل الحليمي، صنع الحدث وأثار الانتباه لتجربة شابة تتلمس لنفسها طريقا مختلفا، طريق يقطعه اليوم عشرات المخرجين المغاربة الشباب بكل قوة وإصرار، فالفيلم وبرؤية فنية محترمة ومقاربة إخراجية ذكية يقارب واقع حياة شابة في سن المراهقة، تقضي معظم وقتها على مواقع التواصل الاجتماعي تحاول إظهار حياتها كمسار رائع متفرد. مسار يغري من يطلع على صفحتها ويجعل العديدين يتطلعون لصداقتها.. صداقات واهية خاصة أن معظمهم لم يقابلها في الواقع، بل حتى قصة حبها مجرد افتراض في عالم وهمي، عالم أزرق مغري بألوانه البهية.

أما الفيلم الروائي الطويل المشارك في المسابقة الرسمية يحمل عنوان “إطار فارغ” للمخرجة والممثلة سناء عكرود، فيلم لم يعرض بالمغرب إلا مرة واحدة، في حفل افتتاح مهرجان الفيلم العربي بالدارالبيضاء، فيلم يأتي كإضافة ضمن مسار من يطلق عليها الجمهور المغربي لقب عيشة الدويبة (عيشة الدويبة شخصية تراثية أبدعت سناء عكرود في أدائها ضمن أحداث مسلسل يحمل نفس العنوان)، إضافة من حيث الكم، حيث يعتبر الفيلم ثاني الأفلام الروائية، ضمن الفيلموغرافية السينمائية، لهذه الفنانة كمخرجة، و إضافة من حيث نهج أسلوب سينمائي يستعير إلى حد بعيد نفس السينما الإيرانية (كما لاحظ العديد من النقاد والصحافيين الحاضرين بالمهرجان)، على الأقل في اختيار الموضوع ومعالجته سناريستيكيا، يحكي الفيلم حكاية بسيطة لكن عميقة عن واقع المرأة القروية في مجتمع محافظ لا يرحم، امرأة وجدت نفسها في مغامرة لا قبل لها بها، مغامرة البحث عن الذات والوجود وتحقيق مطلب بسيط، مطلب يسمح لشيخ قريتها في استعادة القدرة على قراءة الرسائل، فـ”فاطيم الحامل في شهرها السادس، تسافر إلى المدينة لتركيب عدسات نظارات تخص شيخ قريتها، تنتقل من محطة إلى أخرى تواجه عراقيل تزيدها تصميما على ملئ الإطار الفارغ إلى أن تفقد جنينها بسبب مظاهرة شعبية، مظاهرة لا علاقة لها بها، اللهم الصدفة التي جعلتها تكون في قلب الحدث، الحدث الذي يغير مجرى حياتها ويجعلها امرأة ضائعة في مجتمع لا يرحم”.

بعد الفيلم الذي عقبته ندوة مناقشة قالت مخرجته سناء عكرود “إنها حاولت قدر الإمكان أن تخرج أفكارها في الفيلم بأفضل شكل ممكن بعيدا عن التعصب الديني، وأنها من خلال هذه التجربة حاولت أن تسلط الضوء على حقوق المرأة، وتعلمها كيف تحصل عليها، وعملت جاهدة على أن يكون الفيلم مختلفا، لذلك لجأت لمدرسة العبث واستخدمت الأحداث لتكون ككرة التي تتدحرج وتكبر بسقوطها من القمة.

وعن الإيقاع الدرامي البطيء الذي أحسه الجمهور قالت عكرود إنه مقصود حيث أحبت أن يعيش معها المشاهد ما يمر به النساء يوميا وأن يشعر بما يحدث لهن والجهد الذي تبذلنه لعيش يومهن وسط مجتمع يعاني من فقر الإمكانيات والخدمات، وكان الأهم لها في الفيلم هو التكرار العبثي للأزمة التي تمر به بطلة الفيلم “فاطيم” ليشعر بها صناع القرار، وأنها لم تحاول استعراض إمكانياتها كمخرجة بقدر رغبتها في استعراض الشخصيات التي تدور من خلالها أحداث الفيلم.

إلى جانب الفيلمين المشاركين، يحضر وفد سينمائي مغربي لتمثيل السينما بالمغرب، وتقديم تصور عام عن تطورها و تراكماتها، وفد يتقدمه نورالدين اشماعو رئيس مهرجان أفلام المرأة بسلا، والأكاديمي عبد الرزاق الزاهر كعضو لجنة تحكيم الفيلم المصري، والمخرج المغربي عبد الإله الجوهري، الذي لا يكل ولا يمل من الانتقال بين القاعات للمشاهدة والمساهمة في النقاشات وتقديم تصور عام عن السينما بالمغرب، والإعلامية فاطمة النوالي آزر، مديرة مهرجان الفيلم العربي الدارالبيضاء الحاضرة للتعريف بمهرجانها الوليد وتعميق العلاقات والشراكات مع مديري المهرجانات الحاضرين خلال هذه الدورة.

المثير في الحضور السينمائي المغربي هو الإشعاع الذي حققه / ويحققه بفضل التواصل مع باقي الوفود العربية وباقي المكونات الثقافية السينمائية بمصر، حيث يلاحظ كل ضيوف المهرجان مدى تواصل السينمائيين المغاربة مع غيرهم من نظرائهم العرب والأجانب، بل في كثير من الأحيان تجدهم إلى جانب إدارة المهرجان يشتغلون كأن المهرجان يقام على ارض مغربية، وذلك ليس بغريب بالنظر للحب والاحترام الذي يؤلف بين القلوب، قلوب اللجنة المنظمة التي يتقدمها رئيس المهرجان عبد الخالق و المدير الفني حسن أو العلا، وقلوب كل المغاربة الحاضرين الحاملين لقيم الوفاء لكل فعل سينمائي عربي حقيقي.

عن بيت الفن

شاهد أيضاً

عبد الإله الجوهري ضمن لجنة تحكيم مهرجان أورآسيا السينمائي الدولي

اختيار يؤكد أن السينما المغربية وصل صداها لبلدان جد بعيدة لم يكن للسينمائيين المغاربة من …