أضرم النار في نفسه بسبب تأخر مستحقاته عن مسلسل بث في 2017
بيت الفن
بعد أسبوعين على إضرامه النار في نفسه في مقر محطة تلفزيونية بسبب ديون كان يطالب بها، توفي أمس الحميس المنتج والمخرج الجزائري يوسف قوسم بالعاصمة الجزائرية.
وأضرم المخرج يوسف قوسم النار في نفسه في السابع من يناير في مقر “دزاير تي في” بسبب عدم تلقيه مستحقات مالية من القناة الخاصة عن مسلسل بث في 2017.
وتأسفت القناة التي يملكها رئيس نقابة رجال الأعمال علي حداد المعروف بقربه من رئاسة الجمهورية، “لتحول خلاف تجاري الى مأساة”.
وأضاف أن قوسم أضرم النار في نفسه بعد خروجه من لقاء مع المدير الجديد للقناة “الذي طمأنه أن “الادارة ستدرس طلبه في الغد”.
بعد الحادثة أصدر نحو مائة مخرج ومنتج وممثل ومؤلف رسالة موجهة “إلى السينمائيين أنفسهم وإلى الآخرين” نددوا من خلالها بـ”المشاكل التي يواجهونها أثناء الإنتاج، أو تلك التي تعيقهم عن العمل أو الديون العالقة الى أجل غير مسمى”.
كما أصدروا رسالة تضامنية مع الراحل، وقال المخرج والمنتج سعيد مهداوي إن صديقه المخرج يوسف قوسم أضرم النار في نفسه في 7 يناير في مقر “دزاير تي في” الخاصة بسبب عدم تلقيه مستحقاته المالية عن مسلسل “سأنسى وأعود” الذي بث في شهر رمضان 2017.
و”سأنسى وأعود” أول مسلسل جزائري سلط الضوء على يوميات وتضحيات العمال في مجال الحماية المدنية وحربهم المستمرة ضد الحرائق ومختلف الحوادث.
واصطدم المشهد الدرامي في الجزائر بأزمات مالية حلت على بعض القنوات التي فاجأت جمهورها بإلغاء بث أو تصوير العديد من الأعمال الدرامية الضخمة.
ومن الملاحظ، حسب الإعلامية الجزائرية لمياء ورغي، أن الإنتاج الدرامي الجزائري شهد خلال المواسم الاخيرة عددا محدودا جدا من الأعمال.
وأدى التراجع التدريجي لأداء ومستوى الدراما الجزائرية خلال السنوات الأخيرة، إلى تقلص حظوظها في منافسة نظيراتها في التلفزيونات العربية والقدرة على إنتاج النجوم.
وهاجرت العديد من الوجوه الفنية الجزائرية إلى العواصم وشركات الإنتاج العربية بحثا عن مساحة أكبر من الشهرة والأضواء والمال.
وقع الرسالة التضامنية غالبية المخرجين والمنتجين الجزائريين، من بينهم بشير درايس الذي يواجه هو أيضا مشاكل مع السلطات بعد منع بث فيلمه التاريخي “بن مهيدي” ومطالبته بتعديل بعض المشاهد.
ورفعت وزارة المجاهدين من خلال المركز الجزائري للدراسات والبحوث حول الحركة الوطنية، وهو المركز المسؤول عن متابعة الأفلام السينمائية والوثائقية حول الثورة التحريرية الفيتو في وجه فيلم “بن مهيدي”.
وطلب المركز من المخرج على وجه الخصوص إبراز “جميع الجوانب التاريخية” المتعلقة بحياة العقيد العربي بن مهيدي، أحد مؤسسي جبهة التحرير الوطني وتفاصيل اعتقاله وتعرضه للتعذيب من قبل الجنود الفرنسيين في الجزائر، وإعدامه في مارس 1957 تحت قيادة الجنرال بول أوسارس (الرواية الرسمية الفرنسية تميل الى انتحاره).
وقال المخرج “إنهم لا يعرفون السينما، لا يعرفون أن الفيلم يدوم قرابة الساعة الواحدة وخمسين دقيقة، حيث نحكي قصة من زاوية محددة”.
ويذهب الكثير من النقاد إلى الحديث عن غياب صناعة سينمائية متكاملة وإنتاج تلفزيوني قادر على شد انتباه المتفرج في الجزائر.
ويقر صناع السينما وعشاقها أن الشاشة الكبيرة في الجزائر تعيش أزمة مزمنة طال أمدها، وهي بحاجة إلى إرادة قوية لإعادة بعث مشروع ثقافي يعيد مجدها السابق الذي عاشته في الستينات والسبعينات من القرن الماضي.
ومن أهم العقبات التي تواجه الدراما والسينما في الجزائر الركود الاقتصادي وغياب السيناريو الجيد وغلق الكثير من دور العرض الى جانب مشاكل مالية.
ويرى الفنان الجزائري عبدالنور شلوش أن الأزمة التي تعيشها الدراما والسينما ليست مرتبطة بموضوعها، بل بالجهاز البيروقراطي الذي يشل كل إرادة لإطلاق عجلة الإنتاج.
وحسب شلوش فإن أزمة السينما في الجزائرية ليست مرتبطة بالتمويل فقط بل أيضا بالتكوين الذي توقف منذ نهاية الثمانينات من القرن الماضي.
ويرى النقاد ان السينما الجزائرية تعاني من الرقابة على المواضيع المطروحة ولها قائمة تابوهات ولدت لدى المخرجين رقابة ذاتية.
ونددت 16 شخصية جزائرية من أوساط السينما بالرقابة الممارسة في الجزائر وبتقييد حرية التعبير على خلفية منع عرض العديد من الأفلام من طرف السلطة.