نعيمة المشرقة

أيام فاس للتواصل السينمائي تكرم نعيمة لمشرقي

بيت الفن

اختار منظمو أيام فاس للتواصل السينمائي التي تحتضنها القاعة الكبرى لمركب الحرية الثقافي من 25 إلى 27 دجنبر الجاري، تكريم الممثلة المغربية نعيمة لمشرقي، لمكانتها المتميزة في الساحة الفنية المغربية.

وحسب ورقة أعدها الباحث والناقد السينمائي أحمد سيجلماسي فإن نعيمة لمشرقي، المزدادة سنة 1943 بالدار البيضاء، تعتبر واحدة من الممثلات المغربيات اللواتي ساهمن بقسط وافر في ترسيخ فن التشخيص على أسس متينة ببلادنا، سواء على خشبات المسرح أو من خلال ميكروفون الإذاعة أو على شاشتي التلفزيون والسينما. فتجربتها التشخيصية تجاوزت نصف قرن من الزمان، احتكت عبر محطاتها المختلفة بمبدعين كبار من داخل المغرب وخارجه، تأليفا وإخراجا وتشخيصا.

كانت الانطلاقة الأولى للمشرقي، يضيف سيجلماسي، في خمسينيات القرن الماضي منذ مرحلة الطفولة عبر أنشطة مدرسية وغير مدرسية، وتلاها انخراط في مسرح الهواة بمختلف تلويناته وصولا إلى مرحلة الاحتراف وما يرتبط بها من نضج ملحوظ ودراية كافية بطبيعة العمل الفني وتمكن من أدوات التعبير بالصوت والجسد وتقاسيم الوجه ، على الركح وأمام الكاميرا والميكروفون.

وحسب سيجلماسي فإنه من الصعب الفصل في التجربة الفنية لنعيمة لمشرقي بين الأبعاد المسرحية والسينمائية والإذاعية والتلفزيونية وغيرها، لأن حضورها كان قويا في هذه المجالات كلها سواء كممثلة أو كصوت إشهاري أو كمقدمة ومنشطة لسهرات وبرامج إذاعية وتلفزيونية، زد على ذلك حضورها الوازن على الواجهة الاجتماعية كسفيرة للنوايا الحسنة (اليونيسيف) ومستشارة للمرصد الوطني لحقوق الطفل، وعلى الواجهة النقابية كعضوة نشيطة داخل وخارج  النقابة الوطنية لمحترفي المسرح. وعلى الواجهة الجمعوية والثقافية والمهرجانية وغيرها كعضوة في لجن تحكيم المهرجانات المسرحية والسينمائية والتلفزيونية أو في الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري.

ويبرز الناقد السينمائي المعروف بإنجاز بورتريهات ضمن سلسلة بعنوان “وجوه من المغرب السينمائي”، أن اسم نعيمة المشرقي ارتبط بالتلفزيون منذ انطلاقته المحتشمة بالمغرب في مطلع الستينات من القرن الماضي حيث شاركت في بعض الأعمال الأولى نذكر منها بالأساس فيلم “حديث الأجيال” (1964) من إخراج زوجها عبد الرحمان الخياط ومسلسل “التضحية” (30 حلقة) إخراج جماعي (عبد الرحمان الخياط وعبد الله المصباحي والراحلين محمد الركاب وحسن الصقلي)  و مسلسل “المنحرف” (15 حلقة) من إخراج زوجها عبد الرحمان ومسلسل “الاعتراف” ومجموعة من المسرحيات المصورة وغيرها …

وشاركت فيما بعد في أكثر من مائة عمل تلفزيوني لعل من أشهرها مسلسلات “أولاد الحلال” لمحمد حسن الجندي و “عز الخيل مرابطها” و”أولاد الناس” لفريدة بورقية و”الغالية” (2014) لرضوان القاسمي وأحمد بوعروة و”دار الضمانة” (2015) لمحمد علي المجبود و”عائلة رامدام” (مسلسل فرنسي) والسلسلة التربوية “ألف لام”  والأفلام التلفزيونية “آخر طلقة” (1995) لعبد الرحمان ملين و”أكيم” لإسماعيل فروخي و “وتسقط الخيل تباعا” لمحمد الشريف الطريبق و”دوار الشوك” لفريدة بورقية…

في السينما شاهدناها “عرس دم” (1977) لسهيل بن بركة و”44 أو أسطورة الليل” (1981) لمومن السميحي و”أيام شهرزاد الجميلة” (1982) لمصطفى الدرقاوي و”بادس” (1988) لمحمد عبد الرحمان التازي و”حجر الصحراء الأزرق” (1992) لنبيل عيوش و”فرسان المجد” (1993) لسهيل بن بركة و”البحث عن زوج امراتي” (1993) لمحمد عبد الرحمان التازي و”البند الثاني” (1994) من إنتاج محمد عسلي وإخراج الإيطالي موريسيو زاكارو، و “للا حبي” (1996) لمحمد عبدالرحان التازي و”زنقة القاهرة” (1998) لمحمد عبد الكريم الدرقاوي و”فاتن” (1999) لمحمد فاخر و”خط الشتا” (2000) لفوزي بن السعيدي و”وبعد” (2001) لمحمد إسماعيل و”جارات أبي موسى” (2003) لمحمد عبد الرحمان التازي و”الأهالي” (2006) للفرنسي من أصل جزائري رشيد بوشارب و”الدار الكبيرة” (2009) للطيف لحلو و “دم وماء” (2014) لعبد الاله الجوهري و “دوار الدوم” (2018) لعز العرب العلوي لمحارزي…

وفي المسرح استفادت نعيمة لمشرقي منذ سنة 1958 من التداريب التي نظمتها وزارة الشبيبة والرياضة بمركز الفن الدرامي بالمعمورة لفائدة الهواة تحت إدارة الأستاذ بيير لوكا وشاركت في عدة مسرحيات من بينها “كاليكولا” للممثل والمخرج الراحل مصطفى التومي و”البغلة المسحورة” من إخراج شارل نوغيس وتشخيص فرقة المعمورة و”ألعاب الحب والصدفة” من اقتباس وإخراج الطيب الصديقي .

وابتداء من سنة 1962 قررت التفرغ للمسرح بشكل احترافي وانضمت إلى فرقة المسرح الوطني محمد الخامس بالرباط، التي كان الرائد الراحل الطيب الصديقي مديرا تقنيا لها إلى جانب مديرها العام الفرنسي سيليريي.

ومن الأعمال المسرحية التي شاركت فيها لمشرقي كممثلة محترفة ضمن فرقة الصديقي “مومو بوخرصة” و”السيدة كوديفا” و “المغرب واحد” و”مولاي إسماعيل” و”سلطان الطلبة” و”سيدي ياسين في الطريق” و”ديوان سيدي عبدالرحمان المجدوب” و”مدينة النحاس”..وكل هذه المسرحيات كانت من إخراج الفنان الطيب الصديقي.

كما شاركت مع فرقة المعمورة الوطنية في مسرحيتي “الفضوليات” من إخراج عبدالصمد دينيا و”جوج امطارق في الراس” من إخراج زوجها، ومع فرقتي البساتين في مسرحية “درهم الحلال” والمسرح البلدي بالدار البيضاء في مسرحية “بنت الخراز” وهما من إخراج زوجها عبد الرحمان الخياط. هذا بالإضافة إلى مسرحية “الفروع المكسرة” التي أخرجها الفرنسي دومينيك تيريي انطلاقا من نصوص شعرية لإبن زيدون وأدونيس في إطار فرقة فن وتجربة بمدينة روين الفرنسية، ومسرحية “الخادمات” التي أخرجها زوجها سنة 2000 وغيرهما.

وإذا انتقلنا إلى مساهمات الفنانة نعيمة لمشرقي الإذاعية نلاحظ أن صوتها كان أول صوت استمعنا إليه من باريس إبان انطلاق المحطة الإذاعية الجديدة المغربية الفرنسية “ميدي 1″، التي أنتجت لصالحها ونشطت طيلة ثلاث سنوات برامج مختلفة ومتنوعة زيادة على برنامجها اليومي “نعيمة” الذي كانت تستغرق مدة بثه آنذاك ساعتين كاملتين وكانت مواضيعه المختلفة تلقى تجاوبا كبيرا لدى المستمعين. أما بالنسبة للإذاعة الوطنية بالرباط فقد انضمت نعيمة إلى فرقة التمثيل بها منذ سنة 1971 وشاركت في عدد كبير من البرامج المتنوعة والأعمال الدرامية والمسلسلات الإذاعية إلى جانب عمالقة التشخيص بالمغرب آنذاك أمثال أمينة رشيد وحمادي التونسي والراحلون محمد حسن الجندي والعربي الدغمي وحبيبة المذكوري ومحمد أحمد البصري ووفاء الهراوي وعبد الرزاق حكم وحماد الأزرق… وقد تم تتويج مشاركاتها الإذاعية والتلفزيونية بحصولها على جائزة أحسن ممثلة سنتي 1998 (عن دورها في المسلسل الإذاعي “أمينة” من إخراج محمد حسن الجندي) و1999 (عن دورها في المسلسل التلفزيوني “أولاد الناس” من إخراج فريدة بورقية) من المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون بالقاهرة. كما حظيت بتكريمات فاق عددها المائة في مناسبات وتظاهرات فنية وثقافية مختلفة.

وتجدر الإشارة إلى أن الفنان المثقف والمخرج السينمائي والتلفزيوني والمسرحي عبد الرحمان الخياط قد لعب دورا كبيرا، كزوج ومستشار فني، في صقل موهبة زوجته الممثلة نعيمة لمشرقي والارتقاء بها إلى مستوى عال من التميز والتألق، على امتداد أكثر من نصف قرن من الزواج في الفن والحياة.

عن بيت الفن

شاهد أيضاً

رغم الرحيل..محمد الخلفي قامة فنية كبيرة راسخة في الذاكرة والوجدان

بعد مسيرة حافلة بالعطاء الفني حظي محمد الخلفي .. قبيل وفاته بشهور قليلة بتكريم مهم في …