المحفوظ فضيلي
لا يزال فتيل الأزمة مشتعلا بين اتحاد كتاب المغرب واتحاد الكتاب والأدباء العرب في شخص رئيسي الهيئتين المغربي عبد الرحيم العلام والإماراتي حبيب الصايغ، اللذين لا يفوتان منذ نحو عامين أي فرصة لتبادل أقسى الاتهامات وأقدح النعوت والصفات، إذ يصف كل منها الآخر بالدكتاتور والفاقد للشرعية على رأس هيئته.
وفي أحدث تلك المواقف التصعيدية بين الجانبين، قرر اتحاد الكتاب والأدباء العرب مقاطعة المؤتمر العام لكتاب أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية بمدينة طنجة شمالي المغرب، على خلفية ما اعتبره أزمة الشرعية في رئاسة اتحاد كتاب المغرب بعد إخفاق مؤتمره التاسع عشر في يونيو الماضي بطنجة في فرز قيادة جديدة.
وبعد تأجيله لمرات عدة، التأم ذلك المؤتمر لكنه انفض في الساعات الأولى بسبب حالة الفوضى والتخبط التي شابت جلسته الافتتاحية وتنامي الاحتجاجات والأصوات المطالبة برحيل رئيس الاتحاد الذي ظل في منصبه طيلة تسع سنوات بينها أكثر من ثلاث سنوات دون شرعية انتخابية.
وعلى أثر ذلك أصدر اتحاد الكتاب والأدباء العرب بيانا عبّر فيه عن قلقه إزاء ذلك المؤتمر، وانطلاقا من تشكيكه في شرعية الهيئة القيادية الحالية قرر مؤخرا تجميد عضوية عبد الرحيم العلام بصفته نائبا لحبيب الصايغ.
من جهته لم يفوت العلام أي فرصة لإطلاق تصريحات نارية وبيانات حادة تستهدف بالأساس شخص الحبيب الصايغ، وتشكك في شرعيته على رأس اتحاد الكتاب والأدباء العرب، وتتهمه بأنه الأمين العام الفاشل والمتهور وغير المنتخب.
وقال العلام في بيان حديث ردا على مقاطعة “الأدباء العرب” لمؤتمر كتاب أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، إن الصايغ لم يُنتخب أصلا بطريقة ديمقراطية منذ مؤتمر أبو ظبي عام 2015 ولم يصوت أحد لفائدته، بل تنازل له اتحاد كتاب المغرب عن “المنصب الوهمي إثر مساع حميدة من بعض رؤساء الاتحادات العربية”.
وذهب العلام في انتقاداته للصايغ إلى اتهامه بالسعي لما سماه تهريب المؤتمر المقبل للاتحاد العام إلى أبو ظبي بدل تنظيمه بالمغرب، وإبعاد اتحاد كتاب المغرب من المشاركة في المؤتمر الاستثنائي الأخير المنعقد بالقاهرة، ومن المشاركة في المؤتمر العام المقبل المهرب إلى أبو ظبي.
وكان الخلاف بين الطرفين قد احتدم العام الماضي على خلفية ما انبثق عن اجتماع التأم في إمارة العين بالإمارات اعتبره “الأدباء العرب” مؤتمرا عاما استثنائيا، لكن اتحاد كتاب المغرب قاطعه وقال إن “اجتماع المكتب الدائم للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب” تم تحويله بطريقة غير شرعية وغير قانونية إلى “المؤتمر العام الاستثنائي”، وهو ما يعني بطلانه وبطلان ما ينبثق عنه.
وبالإضافة لطبيعة المؤتمر وسنده التنظيمي، اشتعل الجدل بين الطرفين بشأن مضمون البيان الختامي الذي نص على إدانة النظام القطري، ودعا إلى مقاطعته ومقاطعة الشعب القطري ومثقفيه وأدبائه، في تماهٍ واضح مع موقف الإمارات والسعودية والبحرين ومصر التي فرضت حصارا على قطر في يونيو 2017.
وقد بادر اتحاد كتاب المغرب لرفض البيان جملة وتفصيلا، واعتبره سعيا لإقحام الجميع في صراع سياسي إقليمي على حساب المبادئ والقيم التي تأسس عليها اتحادنا العام والهادف لتمتين الصلات وتقوية روح التعاون والتضامن بين الأدباء والكتاب العرب بدل الدعوة إلى إذكاء الصراعات وتكريس التفرقة فيما بينهم.
وفي انتظار المؤتمر المقبل لكل من اتحاد كتاب المغرب واتحاد الكتاب والأدباء العرب، ستبقى شبهة انعدام الشرعية لصيقة برأسي الهيئتين إلى أن يثبت العكس، وهو ما يستبعد حصوله بطريقة شفافة وديمقراطية في ظل حالة الاضطراب السائدة في كثير من ربوع العالم العربي.

العلام والصايغ