وسائل الإعلام الفرنسية تتهمه بالهروب إلى الجزائر بعد متابعته بعدد من التهم
بيت الفن
بعد إعلان البدء في انطلاق تصوير فيلم تاريخي عن شخصية أحمد باي، لم يخف كثير من الفنانين لهفتهم لمشاهدة عمل سينمائي جزائري تاريخي بالشكل الذي أنتج به فيلم “الشيخ بوعمامة” منتصف الثمانينيات من القرن المنصرم، الذي تدور أحداثه عن حياة أحد أكبر قادة المقاومة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي، وأدى دور البطولة فيه الفنان الجزائري القدير عثمان عريوات.
غير أن لهفة الجزائريين واعتبار فناني الجزائر الفيلم بمثابة بادرة مهمة لإنتاج سينمائي يؤرخ لأبرز شخصيات الجزائر التاريخية، صدم بإعلان منتجة الفيلم سميرة حاج عن اسم أحد أبطال العمل، حيث أعلنت منتجة الفيلم أن الممثل الفرنسي الكوميدي جيرارد ديبارديو سيكون ضمن طاقم الفيلم، لتجسيد شخصية آخر حاكم عثماني للجزائر وهو الجزائري الداي حسين.
ومن خلال صور كواليس تصوير الفيلم التي تم تسريبها، فقد ظهر الممثل الفرنسي بأزياء جزائرية قديمة، يؤدي بها دور حاكم الجزائر الداي حسين، الذي تقول الروايات التاريخية “إنه طرد القنصل الفرنسي من قصره في 29 أبريل 1827.
وتعتبر كثير من الدراسات التاريخية أن هذه الرواية كانت السبب المباشر الذي جعل فرنسا تقرر احتلال الجزائر في 5 يوليوز 1830، وذكرت بأن “الداي حسين استقبل القنصل الفرنسي بيار دوفال، وطلب منه دفع ديون مقدرة بحوالي 24 مليون فرنك فرنسي، عندما ساعدت الجزائر فرنسا عقب حصار الدول الأوروبية لها بعد إعلان الثورة الفرنسية”.
وتضيف الروايات التاريخية “أن القنصل الفرنسي رد على حاكم الجزائر بطريقة غير لائقة ورفض دفع الديون المستحقة على بلاده، فكان رد الداي حسين أن طرده بعد أن لوح بالمروحية التي كانت بيده”، وسميت حينها “حادثة المروحة” التي كانت السبب المباشر لاحتلال الجزائر.
بعد إعلان اسم الشخصية التي تجسد اسم “الداي حسين”، انتقد عدد من المثقفين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي اختيار الممثل الفرنسي جيرارد ديبارديو.
الانتقادات اختلفت في مضامينها، لكنها اتفقت حول طرح تساؤل واحد يتعلق بالسر وراء اختيار ممثل فرنسي لأداء واحدة من الشخصيات الجزائرية التاريخية وفي فيلم تاريخي يؤرخ لفترة الاحتلال الفرنسي للجزائر.
وتلخصت أسباب انتقاد كثير من الجزائريين لمشاركة الممثل الفرنسي جيرارد ديبارديو، وتجسيده شخصية “الداي حسين”، التي في 4 أسباب.
وذكرت مختلف وسائل الإعلام الفرنسية وبعض وسائل الإعلام الجزائرية أن الفنان الفرنسي جيرارد ديبارديو، البالغ من العمر 69 سنة، “هرب إلى الجزائر” في وقت “غير معلوم”، بعد أن قرر القضاء الفرنسي متابعته بعدد من التهم.
وأعرب عدد من المهتمين بالشأن الثقافي في الجزائر عن خيبة أملهم من اختيار شخصية حولها علامات استفهام لأداء دور شخصية جزائرية تحظى باحترام الجزائريين.
اندهش عدد من المتابعين للمشهد السينمائي في الجزائر من طريقة اختيار الممثل الفرنسي جيرارد ديبارديو لأداء شخصية الداي حسين الجزائرية، واستندوا في نقدهم على أن الداي حسين عرف عنه حفظه للقرآن الكريم، وأنه كان واحدا من أكثر الشخصيات التاريخية تدينا، وكان متشبعا بالثقافة الإسلامية، حريصا على الالتزام بأحكام الشريعة، إضافة إلى ملامحه الجزائرية العربية التي لا تمت بصلة إلى ملامح الممثل الفرنسي.
ومن هنا رأى المتابعون أن الدور الذي سيؤديه الممثل الفرنسي لا يشبهه تماما شكلا أو مضمونا، في وقت يوجد في الجزائر عدد كبير من الممثلين الجزائريين الذين سبق لهم أداء أدور تاريخية كبيرة لاقت نجاحا كبيرا داخل الجزائر وخارجها.
كما كشف بعض المهتمين بالشأن الثقافي في الجزائر بأن منتجة الفيلم “تعهدت عند إعلانها عن بدء تصوير الفيلم بأن فريق الفيلم لن يكون إلا جزائريا 100%، وأصرت على أن يكونوا جزائريين”، ليطرحوا بذلك تساؤلات عن سبب تراجعها واختيارها ممثل فرنسي.
من بين الأسباب التي قدمها النقاد لخطأ اختيار الممثل الفرنسي جيرارد ديبارديو، “عدم معرفته بشخصية حسين داي”، وهو ما اعتبروه إساءة للفيلم ولجزء من تاريخ الجزائر.
واندهش البعض كيف لمنتجة الفيلم أن تختار ممثلا فرنسيا “رغم أن الداي حسين لم يكن فرنسيا ولا يتكلم ولا يفهم اللغة الفرنسية، في وقت سيؤدي الممثل دوره باللغة الفرنسية”، وهو ما يعني بحسبهم “أن شركة الإنتاج وضعت نفسها أمام تحد قادم، وهو إن كان المشاهد سيتقبل تلك الشخصية، وقد يكون سببا في انتقادات كبيرة ستنهال على الفيلم السينمائي بعد طرحه”.
واعتبر البعض أن شركة الإنتاج حاولت البحث عن ممثل عالمي بهدف نجاح العمل، لكنهم شككوا في قدرة الممثل الفرنسي على نجاحه في تجسيد شخصية الداي حسين.
وبعيدا عن فكرة الشخصية المقنعة أو المتناسقة مع الشخصية الأصلية، انتبه بعض نقاد السينما لمسألة علاقة الممثل الفرنسي بالمحتل الإسرائيلي، ونشر بعضهم صورا له أمام حائط المبكى وزيارته الأخيرة إلى تل أبيب، والتصريحات التي أدلى بها عن “حبه لإسرائيل”.
الممثل الفرنسي جيرارد ديبارديو حصل على عدد من الجوائز، من أهمها جائزة أحسن ممثل في مهرجان كان السينمائي عام 1990 عن دوره في فيلم “سيرانو دو بيرجيراك”.