قال قبل رحيله قال “كل ما فعلته في حياتي أداء واجبي تجاه وطني وشعبي لقد كرست كل كلماتي لأجل هدف واحد: نصرة الفقراء والبؤساء والمعذبين في الأرض”
بيت الفن
فقدت الساحة الثقافية العربية والسورية، أول أمس الثلاثاء، أبرز الروائيين في العالم العربي حنا مينة عن عمر يناهز 94 عاما، بعد معاناة طويلة مع المرض.
وقبل رحيله بسنوات كتب مينة في غشت 2008 وصيته مطالبا فيها بألا يحزن أحد على رحيله، قائلا “عمّرت طويلا حتى صرت أخشى ألا أموت، بعد أن شبعت من الدنيا، مع يقيني أنه لكل أجل كتاب”، مطالبا عدم إذاعة خبر وفاته.
ولخص الراحل تجربته في وصيته قائلا “كل ما فعلته في حياتي معروف، وهو أداء واجبي تجاه وطني وشعبي، وقد كرست كل كلماتي لأجل هدف واحد: نصرة الفقراء والبؤساء والمعذبين في الأرض”.
رصد مينة عبر أكثر من أربعين رواية على مدى نصف قرن قضايا الناس، وانتقد فيها الاستغلال والجشع واضطهاد المرأة.
وترك نبأ وفاة الروائي السوري حالة من الحزن والأسى لدى الجماعة الأدبية العربية خاصة أنه واكب أول أيام عيد الأضحى.
ونعت ووزارة الثقافة السورية الثلاثاء الراحل الذي تركزت أغلب كتاباته على قضايا الناس وحياتهم اليومية خاصة في البيئة الساحلية.
من جهته قال الشاعر اللبناني زاهي وهبي “بغياب حنا مينة نخسر مثقفا وأديبا كادحا مكافحا كرس حياته في سبيل تحويل الناس العاديين إلى أبطال شجعان منتصرين في معركة الحياة الضروس”.
وأضاف “ابن الحياة بكل مراراتها وخيباتها ومفاجآتها التي لا تكون دائما مفرحة أو سارة”.
كما قال عنه الشاعر اللبناني شوقي بزيع “كان يجمع ما بين العمق الثقافي والمعرفي، الانتماء والالتزام الأيديولوجي العميق، وبين طراوة الأسلوب وليونته، وهو ما جعله أحد أكثر الأدباء العرب شعبية أو هو المعادل الروائي لنزار قباني في الشعر”.
وأضاف “رحل حنا مينة وأخذ معه غصته أيضا لأنه فاجأنا جمعيا قبل سنوات حين أوصى بألا يسير وراء جنازته أحد من أقربائه، ذلك لأنه كان يشير إلى غربة الكاتب في زمنه”.
وتم تحويل الكثير من أعماله الأدبية إلى أعمال تليفزيونية وسينمائية، كما تم إعداد أفلام وثائقية حول سيرته الأدبية.
ومُنح مينة وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة في عام .2002 وهو أحد مؤسسي اتحاد الكتاب العرب في سورية.
وخلف “شيخ الروائيين العرب” مكتبة زاخرة من الروايات من أهم عناوينها “المصابيح الزرق” و”الشراع والعاصفة” و”الياطر والأبنوسة البيضاء” و”نهاية رجل شجاع” و”الثلج يأتي من النافذة” و”الشمس في يوم غائم” و”بقايا صور”، وغيرها من الأعمال الأدبية، والتي حول بعضها إلى أعمال درامية تلفزيونية.
وساد عنصران مهمان عالم حنا مينة الروائي، أولهما: البحر، الذي، كما يقول واكيم أستور في تقديمه لرواية “الدقل”، هو ميدان لكل الصراعات.
أما العنصر الآخر المهم فهو الحارة الشعبية في مدينة اللاذقية في عالم ما بين الحربين العالميتين.
وكان أبطال أعماله من المغامرين والصيادين وبائعات اللذة وغيرهم ممن يعيشون على الهامش، حسبما قال الكاتب والصحفي فخر أبو بكر.
وحصل مينة على مدى مساره الأدبي على العديد من الجوائز منها جائزة المجلس الأعلى للثقافة والآداب والعلوم بدمشق عام 1968 وجائزة سلطان العويس من الإمارات في دورتها الأولى عام 1991 ووسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة عام 2002.