الموسيقى المغربية الأصيلة

المغرب من البلدان التي حافظت على موروثها الموسيقي

بيت الفن

أجمع ثلة من الباحثين المختصين في علوم الموسيقى، بفاس، على أن المغرب يعد من بين أكثر بلدان العالم التي تمكنت من الحفاظ بأمانة على موروثها الموسيقي الأصيل، انطلاقا من الوعي العميق بأن التراث الموسيقي هو مكون جوهري للهوية المغربية الأصيلة.

وأوضحوا خلال ندوة نظمت في إطار منتدى مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة، ضمن محور “الفنون والإبداع”، أن المغرب ظل محافظا بأمانة على موروثه الموسيقي الأصيل، على اعتبار أن الموسيقى بمختلف مشاربها وأجناسها، لاسيما العريقة منها، هي بمثابة “موروث لامادي قيم يجسد هوية الأمم ويمنحها أصالتها وطابعها الثقافي المتفرد”.

وقال المختص في الموسيقى الروحية السيد جيرارد كورديجيان، في مداخلة له، إن الموسيقى كباقي الفنون والأنماط التراثية الأصيلة “تصاب بالصدأ والتآكل” بفعل النسيان وسيادة الأنماط الهجينة، وأحيانا بسبب غياب رؤية تروم صيانة هذا الموروث والحفاظ عليه سعيا إلى إيصاله في أبهى حلة للأجيال “الحاضرة والمستقبلية”، التي تظل في أمس الحاجة إلى التوفر على هوية ومرجعية ثقافية تميزها.

من جهته، أوضح الباحث في علوم الموسيقى أحمد عيدون، أن الموسيقى المغربية تتميز بغنى وتنوع لا مثيل له من حيث الإيقاعات والأساليب والأنماط الغنائية، التي تجد تفسيرها في التنوع الحضاري والإثني الذي ميز المغرب على مر التاريخ ومنحه طابعا متفردا من حيث اللحن والأداء والمتن الغنائي.

وسلط عيدون الضوء على العلاقة الوثيقة القائمة بين الحرف التقليدية والموسيقى المغربية الأصيلة من قبيل لوني “الملحون” و”الطرب الأندلسي”، التي كان الصناع / المعلمون أول من ابتكرها وطورها ووضع قواعدها.

وفي هذا الصدد، أوضح الباحث في علوم الموسيقى أن جل المصطلحات المستعملة لتعريف الكثير من مكونات وآليات هذه الموسيقى مستوحاة من القاموس الغني للحرف التقليدية، على غرار “الصنعة”، و”القياس”، و”المرمة”، و”الحربة”، و”النشبة”، و”البروالة” …إلخ.

من جانبه، قدم نبيل الرحموني، مهندس معماري مختص في التراث، لمحة تاريخية مقتضبة حول مدينة سلا، التي تعد إحدى أعرق حواضر المملكة وأكثرها غنى من حيث الموروث المعماري والحضاري والأثري، مستعرضا في هذا السياق عددا من المحطات التاريخية البارزة في تاريخ هذه الحاضرة التي تعد مدينتها القديمة النواة الأولى لنشأة العدوتين (الرباط وسلا) في شكلهما الحالي.

كما سلط الرحموني الضوء على الحمولة التاريخية الكبرى التي يكتسيها عدد من المعالم الأثرية المميزة للمدينة، من قبيل موقع “باب المريسة” و”المسجد الأعظم”، و”برج الدموع”، بالموازاة مع إبرازه لعدد من المحطات المفصلية المميزة لنشأة وتطور سلا، مرورا بمختلف الدول والسلالات التي تعاقبت على حكم المغرب ابتداء من القرن الثامن ميلادي.

يشار إلى أن هذا المنتدى الذي أقيم بالتوازي مع مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة من 23 إلى 25 يونيو الجاري، شهد مشاركة ثلة من الباحثين والكتاب والفلاسفة المرموقين الذين سلطوا الضوء على روح التسامح والتعايش من خلال الفنون والموسيقى.

وتتواصل فعاليات الدورة الـ 24 لمهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة، إلى غاية 30 يونيو الجاري تحت شعار “معارف الأسلاف”.

عن بيت الفن

شاهد أيضاً

عباس الجراري

الساحة الثقافية العربية تفقد أحد أعلام الأدب والتراث المغربي عباس الجراري

أكاديمي وباحث متفرد خبر أسرار “الملحون” واستحق لقب “عميد الأدب المغربي“… بيت الفن فقدت الساحة …