الفيلم الأول للمخرجة المغربية/الفرنسية مريم بن مبارك تعرض للانتقادات بعد عرضه في مسابقة نظرة ما “صوفيا”
بيت الفن
فاز فيلم “صوفيا” للمخرجة المغربية / الفرنسية مريم بن مبارك بجائزة أفضل سيناريو في مسابقة نظرة ما للدورة الـ71 من مهرجان كان السينمائي، الذي تختتم فعالياته مساء اليوم السبت.
ورغم تتويجه لم يرق الفيلم الأول لبن مبارك “صوفيا” إلى تطلعات النقاد الذين وصفوه بـ”الفيلم المخيب للآمال”، حيث كتبت وسائل الإعلام الفرنسية “كان الترقب كبيرا لهذا الشريط، لا سيما أن الحضور العربي هذا العام في كان قوي ويجلب الاهتمام. فكان حجم الخيبة بقدر التشوق الذي سبقها”.
وأضافت المصادر ذاتها أن “بنمبارك قيدتنا بالقضايا التي طفح كيلنا من تكرارها بهذا الأسلوب في السينما العربية، اختارت المخرجة نهجا يبدو “داخليا” في محاولة رسم لوحات ذات معان عامة في محاولة لم تكن موفقة جدا… هكذا الأفلام العربية التي تتناول مسألة حقوق المرأة والفرد بصفة عامة مترددة في الذهاب أبعد مما يجب لكسر الأشكال النمطية”.
فالشخصية الرئيسة “صوفيا” تنتمي إلى عائلة بورجوازية. نرى أفراد العائلة مجتمعة حول مائدة الغذاء والفتاة تقدم لهم مختلف الأطباق. عدم انسجام السيناريو مع الكاستينغ يجعلنا نفكر في الأول أن “صوفيا” هي العاملة المنزلية. وفي بضع اللحظات نجد أنفسنا مع صوفيا وابنة خالتها لينا في رحلة بحث عن مستشفى أو عيادة يقبل بمساعدة صوفيا على الولادة!
بداية أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها غير منطقية… طبعا تفسر هذه الولادة المفاجأة بأن صوفيا، وهي غير متزوجة، كانت تعيش أعراض نفي غير واع لحملها. نية المخرجة تبدو فضح نفي المجتمع المغربي ككل لحمل امرأة غير متزوجة. رسالة الضغوط والقيود الاجتماعية واضحة منذ الصورة الأولى التي تنقل على الشاشة نص القانون الذي يعاقب العلاقات الجنسية المقامة خارج الزواج.
فكرة الدفاع عن الحريات جيدة، لكن طريقة صياغتها سينمائيا بالية ومجترة. تكشف صوفيا أنها حملت من عمر، شاب من الأحياء الفقيرة. ترغم عائلتها الشاب على الاعتراف بالمولود الجديد وبالزواج من ابنتها للتستر على “الفضيحة”، كما تدفع رشوة لرئيس مركز الشرطة حتى لا تتورط صوفيا في قضية فساد.
الفساد والتفاوت الطبقي في المغرب من المسائل التي تطرحها مريم بن مبارك، فنمر في جولة على متن مرسيدس لينا من الأحياء الفقيرة في الدار البيضاء إلى فيلاتها الفخمة المطلة على البحر. جولة سطحية لا تسبر أغوار البؤس الذي ينهش حياة المهمشين.
ثم في تطور “درامي” سهل، نكتشف أن عمر ليس أب المولود ولم يقم علاقة جنسية مع صوفيا، فقط رضي بالصفقة لتحسين مستواه المعيشي. ربما هذه هي إحدى الخطوط القوية للفيلم، فكأن عمر هو المغتصب، ونرى في مشاهد نادرة في السينما المغاربية رجلا يبكي أمام الخيار المفروض عليه بدوره والذي يقبله بسبب وضعه المتردي. الشباب المغربي ضائع بين أيدي مجتمع جائر ومحكوم بالماديات يسلبه حريته ويرغمه على الرضوخ لقدر عبثي. حالما يحصل عمر على بعض المال يقرر زيارة “بائعة هوى”، تشير مريم بن مبارك بدورها إلى البؤس الجنسي الذي يعانيه الشباب.
الحقيقة هي أن صوفيا تعرضت للاغتصاب من أحمد، شريك والدها في مشروع فلاحي واعد. كذبت صوفيا بشأن عمر من أجل “الحفاظ على شرف العائلة” وعدم تعطيل مشاريع والدها. “الرجل” عمر ضحية، وصوفيا شاركت في الخديعة. المرأة تساهم في توثيق القيود عوض الكفاح من أجل حريتها، هذا التغيير في زاوية النظر التي عادة ما تصور المرأة على أنها مظلومة مهم ويبرز أنها، على عكس ما تفكر الأغلبية، جزء من النظام الصدأ/الصدئ… وتنتهي القصة بزواج بهيج كما جرت العادة.
يشار إلى أن “صوفيا” هو الفيلم الروائي الأول للمخرجة مريم بنمبارك، بعد عدة أفلام قصيرة، أشهرها “نور” و “جناح” الذي حصلت منن خلاله على عدة جوائز ورشحها لأوسكار أفضل شريط قصير سنة 2015. وهو أيضا فيلم التخرج بعد دراستها السينما في المعهد الوطني لفنون الفرجة لبروكسيل.
“صوفيا” إنتاج فرنسي قطري للمنتج أوليفيي ديبوسك، وحصل على تسبيق على المداخيل من المركز الفرنسي للسينما يقيمة 470 ألف أورو، كما حصل على دعم مؤسسة الدوحة للأفلام.
شخص أدوار الفيلم سارة الدحماني العلوي التي برزت في “الزين لي فيك” لنبيل عيوش، لبنى أزبال بطلة “لحظة ظلام” لعيوش أيضا، و”كودباي موروكو”، وسارة بيرليس التي تعرف عليها الجمهور من خلال “بورن آوت” للخماري، و”الفراشة” لحميد باسكيط، وحمزة كفيف، والمخرج والممثل فوزي بنسعيدي وسعيد باي.