بحضور وفود القبائل الصحراوية وعشرات الآلاف من المريدين من مختلف أنحاء المعمور
بيت الفن
حج إلى جبل العلم بقبيلة بني عروس (إقليم العرائش)، وككل سنة، عشرات الآلاف من المريدين، الذين توافدوا من كل جهات المغرب وأقطار العالم، للاحتفال بالذكرى السنوية لشيخ المتصوفة، القطب مولاي عبد السلام بن مشيش، جد الشرفاء العلميين.
وشكل هذا الملتقى الروحي والديني، الذي اختتمت فعالياته، مساء أمس الأحد، فاتح يوليوز2018، حسب نقيب الشرفاء العلميين، عبد الهادي بركة، فرصة للشرفاء العلميين المشيشيين، للتزاور وصلة الرحم مع أبناء عمومتهم في كافة أنحاء المعمور، في موسم تهفو إليه القلوب، وترتاح النفوس، وهي تردد تعاليم القطب الصوفي مؤسس الزاوية المشيشية.
وككل سنة حظيت فعاليات الموسم السنوي لمولاي عبد السلام بن مشيش، بالتفاتة مولوية كريمة، حيث تم تسليم هبة ملكية إلى الشرفاء العلميين، تحت إشراف لجنة تمثل الحجابة الملكية تضم، على الخصوص، محمد سعد الدين سميج ووفد رفيع المستوى مرافق له. بحضور مصطفى النوحي عامل إقليم العرائش ومختلف السلطات المحلية وشخصيات مدنية وعسكرية ومنتخبين.
وتميز الاحتفال الديني بالذكرى السنوية لشيخ المتصوفة، القطب مولاي عبد السلام بن مشيش جد الشرفاء العلميين، الذي بصمت طريقته الحركات الصوفية في المغرب والمشرق، بحضور عدد كبير من المريدين والزوار، وكذا بعض الشخصيات الفكرية والدينية وضيوف المغرب من دول عربية وإسلامية.
وشهد هذا المحج الصوفي، كما هي العادة كل سنة، حضور وفود من الأقاليم المغربية الجنوبية، مترجمة بذلك الرباط التاريخي بين شمال المملكة وجنوبها والأواصر الإنسانية والدينية والروحية التي تؤلف قلوب المغاربة أجمعين.
ويشكل حضور الوفود الممثلة للقبائل الصحراوية للاحتفالات الدينية حدثا بارزا ومتميزا يتكرر كل سنة، خصوصا أن هذه القبائل ترتبط مع الشرفاء العلميين بعلاقة القرابة المبنية على الدم، والارتباط الروحي.
وانطلقت الاحتفالات الدينية بهذه الذكرى السنوية بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، بمشاركة شيوخ وفقهاء وأطفال الكتاتيب القرآنية وعلماء مغاربة ينتمون إلى مختلف مناطق المغرب.
وتم بهذه المناسبة الدينية رفع أكف الضراعة إلى الله عز وجل بأن يحفظ أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بمزيد من الصحة وطول العمر ويبارك خطواته ومراميه، ويقر عين جلالته بولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي الحسن، ويشد أزر جلالته بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وبجميع أفراد الأسرة الملكية الشريفة، وأن يحقق سبحانه وتعالى للمغرب وللشعب المغربي كل ما يصبو إليه من عزة وكرامة وازدهار ورخاء ونماء وتقدم، بقيادة أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس.
كما توجه الحاضرون بالدعاء إلى المولى عز وجل أن يتغمد بواسع رحمته جلالة المغفور لهما الحسن الثاني ومحمد الخامس.
وأعرب نبيل بركة نجل عبد الهادي بركة، نقيب الشرفاء العلميين، الذي غاب ولأول مرة عن هذا الموسم السنوي لظروف صحية قاهرة، بالمناسبة، عن امتنانه وتقديره باسم حفدة القطب مولاي عبد السلام لالتفاتة أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس الكريمة ورعايته الخاصة لحفظة القرآن الكريم وحاملي الذكر الحكيم والعلماء والفقهاء ولسكان جبل العلم، مبرزا أن الهبة الملكية الممنوحة للشرفاء العلميين هي دليل ساطع على عمق الوشائج والأواصر بين العرش العلوي المجيد والشعب المغربي قاطبة، وتشبث هذا الأخير الدائم بأهداب العرش العلوي المجيد وثوابت المغرب الدينية والوطنية.
وأكد نبيل بركة أن موسم الولي الصالح مولاي عبد السلام بن مشيش يشكل فرصة لإبراز قيم الإسلام السمحاء المثلى، التي تعلق بها هذا القطب، والقائمة على التسامح والتعايش بين الأديان، كما أن هذا الموسم يؤكد التزام المغاربة بتبني ونشر المبادئ التي تقوم عليها المدرسة المشيشية الشاذلية وقيمها الروحية.
ويتم بالموازاة مع الموسم الصوفي السنوي تنظيم لقاءات فكرية مفتوحة بمشاركة أقطاب الثقافة الصوفية من المغرب وخارجه، وإحياء أمسيات السماع والذكر الصوفيين والأذكار والأمداح النبوية والصلاة المشيشية والأوراد المنسوبة إلى مولاي عبد السلام بن مشيش.
وكالعادة اختتمت فعاليات الموسم بـ”طلعة مولاي عبد السلام”، وهو الموعد السنوي الذي يحج فيه عشرات الآلاف من المغاربة عامة، وأفراد قبائل بني عروس خاصة، ويقصدون ضريح الولي الصالح عبد السلام بن مشيش، الموجود على قمة جبل العلم بقبيلة بني عروس، من أجل الاحتفال والتبرك والتوجه إلى الله لتحقيق مراميهم وتطلعاتهم ومقاصدهم.
ويعد الموسم، أيضا، مناسبة اجتماعية ودينية سانحة للتعريف بالمبادئ الروحية الكبرى التي يتأسس عليها الفكر المشيشي الشاذلي، باعتباره رافدا من روافد الفكر الديني الصوفي، ويكتسي، كما هو شأن العديد من الطرق الصوفية المغربية، بعدا كونيا بفضل توسع هذه الطرق في مختلف بقاع العالم.