شاعر من النيجر مقيم بفرنسا حظيت قصائده بالترجمة إلى الكثير من اللغات
أسماء لوجاني
أعلن بيت الشعر بالمغرب عن منحه جائزة الأركانة العالمية لعام 2017، في دورتها الثانية عشرة، إلى شاعر الطوارق محمدين خواد.
وأفاد المشرفون على الجائزة، في بلاغ لهم، أن لجنة تحكيم جائزة الأركانة العالمية للشعر، التي يمنحها بيت الشعر في المغرب بشراكة مع مؤسسة الرعاية لصندوق الإيداع والتدبير وبتعاون مع وزارة الثقافة والاتصال، اجتمعت، يوم 28 نونبر 2017 بالرباط، وقررت منح الجائزة إلى شاعر الطوارق محمدين خواد.
وقالت اللجنة، التي ترأسها الشاعر اللبناني، المقيم في باريس، عيسى مخلوف، وتشكلت من سناء غواتي، وعبد الرحمن طنكول، وخالد بلقاسم، ونجيب خداري، ومراد القادري، وعبد السلام المساوي، ومنير سرحاني وحسن نجمي أمين عام جائزة الأركانة العالمية للشعر، في تقريرها أن “شاعر الطوارق محمدين خواد الذي حرص في قصائده، منذ أربعة عقود، على تحصين المعرفة التي منها تغتذي، وعلى تمكين المقاومة بالكلمة من تشعباتها، وعلى جعل الترحال مكانا شعريا وفكريا لإنتاج المعنى وتجديد الرؤية إلى الذات وإلى العالم”.
الشاعر الفائز محمدين خواد من مواليد سنة 1950 في منطقة إير بالنيجر، ويعيش حاليا بفرنسا، التي نشر بها عددا من القصائد، والملاحم، والأعمال الأدبية، التي حظيت جلها بالترجمة إلى الكثير من اللغات، ومن ضمنها اللغة العربية، حيث ترجم الشاعر العربي أدونيس. منها “وصية البدوي”(Testament nomade)
لا تنفصل التجربة الشعرية لمحمدين خواد عن تجربة الترحل والتيه، على نحو جعل كتابته مشدودة إلى الأقاصي، وإلى شسوع فضاء الصحراء، الذي تحول في ممارسته النصية إلى شسوع معنى.
من حمولات الأقاصي، كانت تجربة الشاعر محمدين خواد تبني المعنى في تفاعل حيوي مع زمنها. لقد توغلت كتابته بعيدا في تأمل الفضاء، لا اعتمادا على التجريد، بل استنادا إلى تجربة ملموسة، فيها تلقى خواد، منذ تربيته الأولى، أبجدية الترحل، ومنها خبر كيفية الانتساب إلى فضاء الصحراء. وهو ما جعل الأمداء والآفاق والأقاصي جزءا من تجربة وجودية ممتدة في الزمن، قبل أن تشهد امتداداتها وتفرعاتها في البناء الشعري والدلالي لممارسة الشاعر النصية. وهي الامتدادات التي انطوت على رفض لافت للفضاء الواحد، وهيأت كتابة خواد للاشتغال ضد النسق.
إن صدى رؤية الشاعر خواد عن الفضاء والتيه والسفر في الذات وفي العالم سار في أعماله الشعرية وفي رسومه كذلك. رؤية جعلت اللانهائي أحد المدارات الرئيسة التي عليها ينبني المعنى في تجربة الشاعر، حتى لتبدو لغته، في تفاعلها مع فضاء الصحراء ومع التيه والترحل، كما لو أنها تروم الإمساك بهذا اللانهائي، الذي بقدر ما يبقى، منفلتا بحكم جوهره، يجتذب اللغة نحو ملامسة حدودها واختبار تجربة تجاوز الحدود.
شعر خواد منشغل بما يتيح للحياة وللغة الاتساع الذي خبره الشاعر من داخل الترحل. انشغال يروم، في العمق، تمكين الآفاق من التعدد. لذلك ظلت موضوعة الأفق، باحتمالاتها الدلالية المتشعبة، حاضرة في طيات أعمال الشاعر خواد، ومستجيبة للترحل بما هو تيه لانهائي، بل إن أعمال الشاعر تكشف أن الأفق الممكن هو التيه ذاته.
لعل الحيوي في تجربة الشاعر محمدين خواد هو أن التيه فيها لم يكن تجربة مع فضاء لا حد له وحسب، بل كان أيضا تجربة داخلية، بها اكتسى تصور المنفى في تجربة الشاعر معنى خاصا، إذ سمحت نصوصه الشعرية بملامسة المنفى بوصفه منفى إراديا، فيه يأخذ الاغتراب دلالة باطنية بعيدة الغور. وهو ما يتبدى من نقل الشاعر لموضوعة الظمأ، التي خصها بأكثر من مجموعة شعرية، من معناها الأول إلى معان لا حد لها.
كتب الشاعر محمدين خواد قصيدته بتمجاغت التي كان يدونها بحرف تيفيناغ. وقد مكن لغته، التي غذاها بتعدد أجناسي لافت، من امتداد عالمي تشهد عليه الترجمات التي عرفتها أعماله، والدراسات التي قاربت هذه الأعمال.