إسبانيا ضيف شرف الدورة الرابعة المنظمة بالمدرسة العليا للفنون الجميلة ودار الثقافة بالدار البيضاء
أسماء لوجاني
تنظم جمعية إبداع وتواصل الدورة الرابعة الدولي الجماعي “الأيادي التي تبصر” ما بين 2 و11 دجنبر المقبل في العديد من الفضاءات، منها المدرسة العليا للفنون الجميلة بالدار البيضاء، ودار الثقافة.
تتميز الدورة الحالية بمشاركة العديد من الفنانين التشكيليين من داخل المغرب وخارجه في مجالات الصباغة، التصوير الفني، النحت والديزاين، واستضافة فنانين من اسبانيا كضيوف شرف.
وتهدى الدورة خصيصا لروح الفنان التشكيلي الجيلالي الغرباوي (1930 – 1971) الذي يعتبر من رواد الفن الحديث والوجه الرمزي للتجريدية الحركية، بل الغنائية في المغرب.
وقالت زهرة ألكو، رئيسة جمعية إبداع وتواصل، إن “الأيادي التي تبصر حدث إبداعي ذو إشعاع واسع يهدف إلى التعريف بالأعمال الأكثر تمثيلية لصفوة مميزة من الفنانين التشكيليين، من مختلف الأعمار والأساليب. يتعلق الأمر إذن بمنتدى ثقافي يطمح إلى تعبئة أكبر عدد من الزوار، بمن فيهم الأطفال والشباب حول ثراء الإبداع التشكيلي من خلال زيارات منظمة، توقيعات كتب فنية، لقاءات مفتوحة مع الفاعلين الثقافيين والفنيين، محترفات موضوعاتية ونقاشات مفتوحة بالمدرسة العليا للفنون الجميلة بالدار البيضاء ودار الثقافة بالمدينة القديمة”.
وأضافت أن “الأمر يتعلق بحدث إبداعي يقدم فضاء لتقاسم الأفكار والتجارب في مجالات الفنون الجميلة بين المشاركين من هنا ومن هناك ويساعد الزوار أيضا على اكتشاف دينامية التطور السوسيو ثقافي، الذي يعيشه المغرب المعاصر، والتطور الذي يطبع قطاع الفنون التشكيلية بفضل إسهام جميع الشركاء المعنيين، وذلك انسجاما مع التوجه المستنير لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.. فالثقافة تعد اليوم رافعة أساسية للإبداع و للابتكار، وتغذية الروح، و إبراز الشخصية الوطنية، وبالتالي هي المحرك لدينامية مجتمعنا الذي بقدر ما يعتز بتعددية روافده، وبرصيده الحضاري العريق، فإنه يظل متمسكا بتنوع خصوصياته وبانفتاحه على العالم”.
من جهته قال الفنان التشكيلي حميد العلوي، مندوب المعرض الدولي، إن المعرض الجماعي الدولي “الأيادي التي تبصر”، المنظم بشراكة مع العديد من الهيآت العمومية، يلقي نظرة إنسانية عميقة على وجودنا الفعلي. إنه يدافع عن الإبداع في صيغة الجمع عبر وسائل الإعلام الثقافي ذي النشر الواسع بما أن الفن التشكيلي تم تصوره و إنجازه من قبل فنانين من مختلف الآفاق والأساليب”.
وأضاف العلوي “نعتقد أن إنعاش ثقافتنا الجمالية، عبر الأعمال التشكيلية والأنشطة المجاورة، في سياق روح إدماج القيم والرؤى هو الوسيلة المثلى والقوية لتقوية روابطنا وترسيخ التزامنا المتبادل بحياة أفضل تتمحور حول الثقافة.
وخلص العلوي إلى أنه ينبغي التذكير بأن هذه التجربة تسعى إلى أن تكون تكريما تفاعليا واعترافا بقوة الأعمال التشكيلية بمختلف أساليبها وأجيالها، بهدف حميمي هو الحوار والتبادل بين الشعوب والثقافات.
ولد الجيلالي الغرباوي في مدينة جرف الملح التابعة لسيدي بلقاسم في المغرب عام 1930. في سن العاشرة فقد أباه وأمه فكفله عمه. التحق بعد ذلك بميتم ليتعلم مهنة يدوية. اخترق سنوات يتمه ليصل إلى التعليم الثانوي في مدينة فاس، من بعده التحق بمدرسة الفنون الجميلة التي غادرها بمنحة دراسية إلى باريس حيث درس الرسم في المدرسة العليا للفنون الجميلة أربع سنوات ألحقها بسنة قضاها في أكاديمية جوليان.
عام 1956 حصل على منحة من الحكومة الإيطالية لدراسة الفن، وفي سنة 1957 قبل دعوة من الأب دوني مارتان، ليقيم في دير تومليلن بمدينة أزرو، وهو المكان الذي سيعود إليه دائما بحثا عن العزلة والرغبة في أن يكون خالصا للفن. عام 1960 يعود إلى المغرب ولكنه بسبب شعوره الملحّ بالغربة يقيم في فندق صومعة حسان بالرباط.
تشق عليه حياته وهي تمزج الفشل بالنجاح. نجاح فني حيث صار اسمه مكرسا بين الأوساط الفنية وفشل عاطفي قادته إليه الفتاة الفرنسية التي أحبها. عام 1971 يعود الغرباوي إلى باريس ليودّعها ميتا وهو جالس على مقعد عمومي في الثاني من أبريل من العام نفسه. بالنسبة إلى الكثيرين فإن خرافته كان من الممكن أن تنتهي عند حدود رجل موهوب مات في ظروف مجهولة. غير أن لوحاته وقد صارت تباع في المزادات بأسعار تنافس أسعار لوحات كبار الرسامين في عصرنا أعادت إليه الاعتبار رساما فاتحا لا في بلاده، بل في العالم. خرافة فنسنت فان غوخ تتكرر من خلال الغرباوي. الفنان الذي مات فقيرا صار خياله يدر ثروات على أشخاص، ما كان الرسام يسمح لنفسه بلقائهم، لا لشيء إلا لأنه لا يثق بهم.