بيت الفن
تختلف السينما عن الأدب، فالرواية هي نتيجة الجهد الأدبي الخاص الذي يقوم به الكاتب وحده، أي عمل فردي، لكن الفن السينمائي يعتمد على مجموعة من الفنانين.
في كتاب “أدباء العالم والسينما” يقوم سمير فريد باستعراض بعض المخرجين والكتاب في أوروبا أو في أمريكا الجنوبية وآسيا، منهم المشهورون ومنهم المغمورون، ومن هؤلاء هنري جيمس، وجونز غراس وكارلوس فونيتس ودورنيمات وهيمنغواي وتشيكوف وآرثر ميللر وبيراند يللو ودستويفسكي ويوكيويشيما ومن خلال هذه الشخصيات والروايات والمسرحيات والقصص القصيرة يعرض لنا المؤلف هذه الروايات، ويتحدث عن الجوائز العالمية التي حصل عليها المؤلف أو المخرج أو السيناريست، والفنانون، ويقوم بتحليل الفيلم والشخصيات ويشرح دور كل منهم، والهدف الرئيسي من النص سواء كان مسرحية أو رواية أو قصة هو معرفة إلى أي مدى عبّر الفيلم عنه بلغة السينما، وليس إلى أي مدى التزم بالنص الأصلي.
العلاقة بين السينما والأدب علاقة قديمة بدأت مع اختراع السينما في نهاية القرن التاسع عشر، وتبلورت مع تحولها إلى فن مع بداية القرن العشرين، وكما يرى سمير فريد فإن هناك ثلاثة أنواع من العلاقات بين السينما والأدب، النوع الأول: الفيلم الذي يصنع من عمل أدبي، لترجمة هذا العمل إلى لغة السينما بدعوى احترام النص الأدبي، كما في العديد من الأفلام السوفييتية مثل “الحرب والسلام” المأخوذ عن رواية تولستوي من إخراج سيرجي بوندار تشوك، الذي وصل على حد تصوير صفحات الرواية المكتوبة، وقلب هذه الصفات وكأن المتفرج يقرؤها، والنوع الثاني من الأفلام هو الذي يستغل شهرة العمل الأدبي لصنع فيلم تجاري.
أما النوع الثالث فهو الفيلم الذي يتعامل صانعه مع الأصل الأدبي كمصدر للوحي والإلهام، ويجد فيه ما يعبر عن ذاته فيصبح إبداعا على الإبداع أي رؤية للعمل الأدبي من دون ادعاء ترجمته، ومن دون استغلاله لمجرد صنع فيلم تجاري، فالعمل الأدبي يبقى بين دفتي كتاب والعمل السينمائي يبقى على الشاشة، ولكل منهما لغته المختلفة تماما.
وهناك من يرى أن السينما تضر بالأدب من حيث إنها تجعل المتفرج يكتفي بالفيلم المأخوذ عن العمل الأدبي ولا يقرؤه، وهذا صحيح بالنسبة لبعض جمهور السينما، لكنه ليس صحيحا بالنسبة لكل جمهور الأدب، فقارئ الأدب لا يغنيه شيء عن القراءة، لكن الأفلام الأدبية إذا جاز التعبير وبكل أنواعها حتى التجارية منها، تقوم بالترويج للأدب وتدفع بعض المتفرجين إلى القراءة والمقارنة بين الفيلم والعمل الأدبي.