الكلمات ليست هي الشعر لكن الشعر ما تشكله الكلمات من صور ومعاني والشاعر هو من يبني كلماته على المعنى
أسماء لوجاني
يقدم الشاعر والفنان التشكيلي المغربي، فؤاد شردودي، يوم الجمعة 20 أكتوبر 2017 على الساعة السادسة والنصف مساء بدار الفنون بالرباط ديوانه الشعري.
يشكل ديوان “من باب الاحتياط” تجربة خاصة ومتفردة في مسار فؤاد شردودي الشعري، باعتباره عملا يحتفي برؤية جمالية مغايرة، يحضر فيها إلى جانب البوح الشعري بوح بصري خصب، يستحضر فيه الشاعر تجربته البصرية وعوالمه التشكيلية المتعددة، وبذلك تقدم قصيدة شردودي بلاغتها الخاصة وحضورها المتميز في خارطة المنجز الشعري الحديث بالمغرب.
عن ديوان شردودي الجديد يقول الناقد ناظم ناصر القريشي “الكلمات ليست هي الشعر، لكن الشعر ما تشكله الكلمات من صور ومعاني، والشاعر هو من يبني كلماته على المعنى، وهذا ما يخبرنا به الجرجاني بأن (الشعر هو المعنى)، فعندما تقرأ قصائد فؤاد شردودي في ديوان (من باب الاحتياط) الصادر عن منشورات مرسم عام 2016 ستجد نفسك عائما في فيض من الخيالات، تبدأ من دهشته التي لا تكتم أسرارها، ومدى أخلاصه وهو يصنع لغته بلذة سرمدية، تلامس قلوبنا هكذا يبدأ برسم أحلامنا على نسيج القصيدة كلمة كلمة وحين يكتمل المعنى كأنه شجر من غيوم وأغصانها المطر، تسمو وتتطاول في علوها القابض على سر الحياة، فتهدينا ثمارها قصيدة تغادر نحو الحرية نحو الضوء تاركه القضبان السوداء على الورقة، قصيدة كالغيوم التي أنجبتها، فالشاعر كالنهر متسع على ضفتيه يراهن على المغاير ومغادرة المألوف فهو يكتب القصيدة وهي تكتبه، فيجعل منها دميته التي يعشقها وتعشقه كما فعل سترافنسكي في باليه بتروشكا ليخبرنا أن “العمل الموسيقي لا يوصف إلا في ذاته” و أنا أقول القصيدة كذلك “لا توصف إلا بذاتها” فالشاعر فؤاد يمارس شعريا تشكيل لوحة القصيدة عبر لغة تكوينية واسعة تغامر في الابتكار، شاعرية وشفافة، ومنفتحة على آفاق كونية تقارب بين فكره و خياله الإبداعي فهو جعل مساحة التواصل واللقاء الاستثنائية بين التشكيل والإيقاع منفلتة من سلطة النص و على محور الأداء الشعري ذاهبة نحو ممارسة الباليه بهذه الافتتاحية الواسعة التي تسمح من خلال تراجيديا الوقت للتأمل بالنمو مع الكلمات ، هذا التأمل الذي سينمو في برية القصيدة على الورق فيقول في قصيدته المتمردة على ذاتها (مِن بابِ الاحتيَاط) التي منحها عنوانا لديوانه “من بابِ الاحتياطِ”:
نبدأ حَفلتنا دائماً بطعن المسَاء مِن الظهر
ثم ننصب خِيامنا بعيدًا عن مَوانئ الذاكِرة
نجلب أنخابَ النحس لأجسَادِنا المتصدعة
نحن الحواريون
الذين ينبذون الرشاقة و حبات الكاكاو
نرسم ما لا نرى