توج السنة المنصرمة بجائزة “فورمنتور” العالمية للأدب برسم سنة 2024 في حفل أدبي رسمي، أقامته مؤسسة “فورمنتور” الثقافية الإسبانية بمدينة مراكش…
بيت الفن
فاز الكاتب المجري لاسلو كراسناهوركاي بجائزة “نوبل” في الأدب لعام 2025 عن أعمال وصفها المحكمون بأنها “رائعة تنم عن خيال خصب ومشاعر مركبة تبلغ فيها الكوميديا الإنسانية القمة بشكل مؤلم”، معتبرين أن “لاسلو كرازنا هوركاي كاتب له رؤية وقدرة على التركيز والتعبير عن أصوات متعددة”.
وكان الروائي لاسلو، المعروف بالعديد من النصوص الشهيرة في مجال الديستوبيا (أدب المدينة الفاسدة)، قد توج السنة المنصرمة بجائزة “فورمنتور” العالمية للأدب برسم سنة 2024 في حفل أدبي رسمي أقامته مؤسسة “فورمنتور” الثقافية الإسبانية، بمدينة مراكش، نظرا لقدرته القوية على سرد الواقع المعقد وكشفه تحولاته بلغة عميقة، وغوصه في عوالم النفس البشرية من خلال بناء لغوي وجمالي رائع يغرق القارئ في متاهات الخيال الأدبي المبدع.
واعتبرت لجنة تحكيم الجائزة أن الكاتب لاسلو كراسناهوركاي، مستعينا بسلطته الأدبية، يوقظ في القراء شعلة المطالعة العميقة، ويجدد تقاليد الأدب الأوروبي المعاصر.
وطيلة مساره الأدبي، حاز الكاتب لاسلو كراسناهوركاي، الذي ولد سنة 1954 بالمجر، العديد من الجوائز الوطنية، بالإضافة لجائزة بوكر الدولية. ومن بين أعماله الشهيرة “كآبة المقاومة” (1989)، و”تانغو الخراب” (1985)، و”الحرب والحرب” (1999).
لم يكن الروائي المجري لاسلو كراسناهوركاي يريد أن يصبح كاتبا، لكن نداء شعريا جاءه عبر الأزمان من الشاعر الألماني راينر ماريا ريكله، همس في وجدانه عبر إحدى قصائده أن “غير حياتك” فكتب أولى رواياته.
ويعتبر اسم لاسلو كراسناهوركاي جديدا بعض الشيء على القارئ العربي، رغم مكانته الأدبية الراسخة عالميا، وأعماله كسيناريست محترف قدم للسينما روائع كبيرة، بالاشتراك مع مواطنه المجري بيلا تار، أبرزها “تانغو الشيطان”، عن روايته “تانغو الخراب”، و”تناغمات فيركمايستير”، عن روايته “كآبة المقاومة”.
ولد لاسلو في 5 يناير 1954 في مدينة جيولا في المجر، قبل عامين من دخول القوات السوفياتية إلى بودابست. درس الحقوق واللغة المجرية وآدابها، وبعد تخرجه عمل صحافيا وناقدا أدبيا لفترة قبل مغادرته المجر عام 1987، ليقيم في برلين الغربية لفترات طويلة. كما تنقل بين عدة دول، منها منغوليا والصين واليابان، وأمريكا واليونان وإسبانيا، قبل عودته أخيرا للاستقرار في بلده. وقد تأثرت نشأة لاسلو بفترة الاضطرابات السياسية والاجتماعية التي عصفت بأوروبا الشرقية، وفترة الحكم الشيوعي، ثم انهيار الشيوعية، وقد تجلى هذا بشدة في كتاباته.
تتميز كتابات كراسناهوركاي بفقرات تمتد لصفحات، ذات جمل طويلة متدفقة، فيما يشبه أسلوب الفرنسي مارسيل بروست. وتوظيفه للتكرار، ولمفرادت ولغة وتراكيب وجمل اعتراضية مربكة، بعض الشيء. إضافة إلى خلو جملِهِ من علامات الترقيم التقليدية. جمله الطويلة المتعرجة تخلق تحديا إما أن يجذب القارئ أو ينفره.
رواياته ذات بنية متاهية بعض الشيء، وللعمل أكثر من قراءة. رمزية سياسية، واجتماعية، ونفسية، وطبعا فلسفية. ما يصَعب عملية القراءة، خاصة في ضوء الطبيعة القاسية لموضوعاته وشخصياته المركبة. من هنا، فإن أعمال لاسلو ليست يسيرة القراءة. متطلبة لتفاعل القارئ وليس استسلامه، وللكثير من الصبر والتركيز وإعمال الفكر، للخروج بأكبر قدر من التشويق والمتعة. وقد جرت مقارنة أدب كرسناهوركاي وعوالمه وأسلوبه بكتاب أوروبيين آخرين مثل فرانز كافكا، وصامويل بيكيت.