“للصحراء أثر..” ..امتداد لمعارض فنية فردية سابقة للفنان والناقد التشكيلي إبراهيم الحَيْسن تناولت مفهوم الأثر بمعناه الثقافي والجمالي البصري…
تميز حفل افتتاح المعرض بتنظيم مائدة مستديرة حول موضوع “تجربة الأثر في الفن التشكيلي” وعرض مشروع كتاب “حراس الأثر- تجارب صباغية عربية” من تقديم الباحث الجمالي عبد الله الشيخ…
بيت الفن
يحتضن الرواق الفني للمركز الثقافي إكليل بطنجة تحت إشراف مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين، منذ يوم الجمعة 16 ماي 2025 معرضا فرديا للفنان التشكيلي والناقد الجمالي ابراهيم الحَيْسن بعنوان “للصحراء أثر..”.
وتميز حفل افتتاح المعرض، الذي سيمتد إلى غاية 3 يونيو 2025، بتنظيم مائدة مستديرة حول موضوع “تجربة الأثر في الفن التشكيلي” سيرها بحس شعري بليغ الإعلامي والشاعر سعيد كوبريت، وشارك فيها نقاد ومبدعون متميزون هم إدريس كثير، أحمد لطف الله، عبد الكريم الأزهر، بنيونس عميروش، حسن لغدش، شفيق الزكاري، يوسف سعدون، السعيد كرماس وإبراهيم مشطاط. كما تم عرض مشروع كتاب “حراس الأثر- تجارب صباغية عربية” من تقديم الباحث الجمالي عبد الله الشيخ. وأهدى النحات محمد قلقازي للفنان الحَيْسن قطعة خزفية بها رسم داخلي بديع لأحد أبرز الحرفيين بمدينة أسفي.
وبمناسبة انطلاق المعرض صدر “كاتالوغ” من القطع المتوسط (44 صفحة)، يضم سيرة فنية وصور الأعمال الصباغية، مع حوار جماعي متنوع حول السياق الموضوعاتي والخصائص التقنية والإبداعية التي تَسِم هذه التجربة الإبداعية المنفردة، أجرته معه نخبة وازنة ومتميزة من الباحثين الجماليين ونقاد الفن من داخل المغرب وخارجه هم طلال معلا (سوريا)، علي النجار (العراق)، محمد بن حمودة، سامي بن عامر، خليل قويعة وفاتح بن عامر (تونس)، مصطفى عيسى، أمل نصر ومحمد مهدي حميدة (مصر)، فخرية اليحيائية (سلطنة عمان)، عبد الرحمن السليمان (السعودية)، محمد العامري (الأردن)، ومن المغرب: عبد الله الشيخ، شفيق الزكَاري، نور الدين فاتحي، بنيونس عميروش، عزيز أزغاي، ادريس كثير، حسن لغدش والسعيد كرماس، إلى جانب نصين باللغة الفرنسية للناقد الفرنسي دانييل كوتورييه والفنان والكاتب حسن المقداد.
يبرز الفنان الحَيْسن أن عنوان هذا المعرض هو امتداد لعناوين معارض فنية فردية سابقة اشتغل فيها على مفهوم الأثر بمعناه الثقافي والجمالي البصري، منها “انعكاس الأثر” (العيون وبوجدور وطرفاية، 1999)، “مغلفات تشكيلية” (الدار البيضاء، 2003)، “آثار مترحلة” (أكَادير، 2017 والرباط، 2019)، “كارتوغرافيا المحو” (الرباط 2018) و”مديح الأثر” (الصويرة، 2020).
لذلك، فإن هذه التجربة الصباغية لا تشذ عن هذا التقليد، حيث تراهن بدورها على الأثر بلوحات صباغية ومجسمات فنية متماهية مع مفازات وأمداء الصحراء..هذا الأثر الذي يظهر ويتبدى، يحضر ويغيب بمقدار اختفائه وانطفائه موشى بترسبات وتطاريز لونية تمنح اللوحة أبعادا بصرية متحولة. بفعل ذلك، أضحى الأثر ذاكرة متجددة تعكس الرغبة في تحطيم الديمومة وتشكيلا لا مرئيا يتجه نحو العبور كخاصية جمالية تتلاءم مع تصور ظهر مع الشاعر الفرنسي شارل بودلير، الذي عاين نزوع الجمال نحو المؤقت والمنفلت والعابر، وأيضا مع فناني الدادائية الذين رفعوا شعار تحطيم لحظات الزمن من ماض ومستقبل والإبقاء على الحاضر العابر. هو هكذا الأثر في الصحراء هاربا ومنفلتا على إيقاع ثنائية الترحال والاستقرار.
الأثر يشكل في لوحات المعرض، حسب الحيسن، حصيلة بحث تشكيلي قام بالأساس على تجريب العديد من الخامات والمواد التلوينية، خفيفة وسميكة (أحبار وأصباغ تقليدية)، واستثمار نتيجة ذلك باستعمال أسانيد قماشية وورقية وخشبية ملائمة، قماش الرسم الجاهز والقماش الخام الذي يصنع منه اللباس النسائي المحلي وورق “الكرافت” بجهتيه الناعمة والخشنة والذي لازمه لسنوات لخصوصيته وتعبيرية استعماله ودمجه في جسد اللوحة، إلى جانب تميزه بامتصاص المواد التلوينية وتدفقها في آن، بل إظهارها على نحو بصري مدهش، ثم الخشب الرقيق المسطح والمجسم ببهائهما وخصائص تطويعهما. ومن ثم، يظهر الأثر في هذه التجربة الصباغية متعددا، ممتدا ومفتوحا على التنويع.