“مروكية حارة” Moroccan Badass Girl.. أو ساندويش سوليمائي خانز وما بنينش

أي مشروعية مرجعية، سواء سينيفيليا أو ثقافيا، أو ما تريدون من نعوت عالمية، لعبث هشام العسري…

هشام الودغيري*

تخيل مع نفسك بأنك (بقدرة قادر) تهيأت لنفسك بأنك كاتب “روائي” مغمور، ولك مؤهلات إبداعية بَوأتك إلى ميدان الإخراج “السينمائي” وفتحَت لك أبواب التمويل العمومي والمؤسساتي المحلي والأجنبي، وتوج ذلك بعرمرم من المعجبات والمعجبين يتابعون جديدك “روتينك اليومي”؛ وهذا يدفع بك إلى الوقوف يوميا أمام مرآة الحمام لتحاورها عن جديد “اللوك” الذي سيفاجئ طابور المعجبات والمعجبين. و”اللوك” وشراء “لايكات” المتابعات والمتابعين وحملات الشبكة العنكبوتية، وصحافة ورق كلينكس يستلزم تمويلا/إنتاجا مستمرا. وأمام شح الجيب وشح تمويل الهيآت العمومية والمؤسساتية، لا بد من وضع إستراتيجية لضرب عصفورين بحجر واحد (حَلب المال وكسب الشهرة).

ولاستمرار توافد “الليكات” والتمويلات تضع خططا إستراتيجية وإنتاجية متعددة الوسائط من بينها خطة “أفلام السوليما المستقلة حاشاكوم” (كما جاء على لسان كاتي) وهي على الشكل التالي:

–  ثلاثة أيام لتَصَور سيناريو فيلم (تسكع بمقاهي أحياء شعبية بهامش المدينة لاستسراق حوارات وكليشيهات جاهزة و”خاسرة” من القاع وعامرة “بوزاݣلو” بالحرور،

–  ثلاثة اقتباسات، أي سرقات (بالتاعرابيت) من 3 أفلام مشهود لها بتميزها الفني كـ”سور أسوار – Mur murs” لآنييس ڤاردا 1981، و”تحت الارض – Underground” إخراج جماعي -1976، و”أجنحة الرغبة – wings of desire” لڤيم ڤانديرس 1987 كنسيج خلفية (تشابه واضح مع الفيلم الأخير في عدة مشاهد من بينها حادثة السير)، مخلوطة على شكل شلاضة مغربية كي لا ينفضح سر السرقة، ويكون داكشي ديال ما بعد الحداثة والخَطابة السوليمائية والفهامة من عين أسردون حتى العلوة، مرورا بـ”حانة نقاض الوضو” لي حدا سوليما ريالطو فكازا،

–  ثلاثة أيام إعداد الإنتاج، من روبيراج وإكسسوارات وطاقم تمثيل (أقل ما يمكن من أثاث و”بريكول”، وممثلين “أمك صاحبتي” و”عاون الفريق”، وكاميرا وآليات من عند منتج “طريطور” “خالتو فالعرس”، وطريپورتور من عند ولد خالة مول الديطاي،

–  ثلاثة أيام تصوير “بالواقفية”، وكل ما يقدمه الممثلات والممثلون من مجهود هو مقبول بالسعة والرحب، جيب حوايجك وزيد كلمات من عندك وحتى “الحرور والمرقة بزايد” لا مشكل (الفن المفتوح oeuvre ouverte)، وسير غير مع الطريق والسور وما تعداش عين السبع كفضاء باش يطلع الكادر بعين سوليمائية ديال السبع لي واكل مخ الضبع، وبلا درون باش ما نعيقوش على ڤانديرس،

–  ثلاثة أيام ما بعد الإنتاج، من تركيب وتوضيب وميكساج (صور الأرشيف موجودة فابور، الموسيقى من يوتوب، لا دروا دوطور ولا تهراس/ضربة فالراس، التولالي والداودية والميطال فالدمة، حبكة التركيب لا حاجة بها فالعمل، هو تصور فني جديييد لما بعد الحداثة العبثية اليسارية بمفهومها الموغرابي بو البادر :”حريرة عسرية”، وداكشي ديال صندوق العجب ديال وقيد معمل تطوان، تحكو يحرق ليك صباعك،

– وثلاثة سنوات كوثيرة إنتاج، بلا تعياق على 40 مليون حَضاي، أو ما فيها باس لا كانو 2 أفلام بميزانية واحدة، و2 فواحد أو واحد قبل من لاخور.

وبقدرة قادر، ها هو الفيلم جاهز بعد 12 يوما بالتمام والكمال. طبعا سبق ذلك وتلاه حملة تواصلية من تحتها في الكواليس الفنية، وأخرى إعلامية وعنكبوتية مع باك صاحبي، ودوز ناخذو قهيوة ولا 2 بيرات ولا ݣاع عصير الباربا، ولا شي واحد دار العصا فالرويضة نوصلوا معاه إلى درجة التهديد باللجوء إلى شكاية لأعلى السلطات، كبرها تصغار.

هذا، وأسوق مجموعة من الملاحظات البنيوية عن الشريط:

– جنريك بداية بطول 21 دقيقة بلا مغزى، ربما يستحق شي شهادة من عند “ݣينيز”؟!

– أوڤردوز مونولوغ حار أو خانز وماشي بنين، خصو أتاي بنعناع كتامة ولا شي نفحة ديال طحين كولومبيا باش يدوز،

– كلام حواري من قاموس مقاهي رأس الدرب بحي شعبي بيضاوي، بوشنتوف ولا درب ميلا، تتخلله لايتموتيڤ كلمة “أتفو” كلازمة سيناريستية لا تفيد سوى تقزيز أذن المتفرج (أنظر الڨيديو المرفق وهو إعلاني يا حصرة، أي مشوق)، وهي بالطريقة المصورة بها (تلفظ كاتي لـ”أتفو” بتخراج العينين فالكاميرا هو مقصود وموجه للمشاهد في نظريات السرد السينمائي) يمكن اعتبارها تحقيرا للمشاهد عموما وللمواطن المغربي خصوصا… ونظرة تعاااالي من طرف مقترف البدعة والتفاااهة (على وزن “اتفو”)، ولذلك وجب وضع الشريط في خانة فوق 16 سنة (لا وجود لتحذير بالعلامة ولا نص مكتوب من قبيل “لا ينصح تتبعه من قبل العائلة”،

– محاولة تجريب افتعال نوع “هارد روك سوليما” بلا مرجعيات محلية أو حمولة ثقافية معاكسة، “داكشي ديال سينما المؤلف حشاكوم” كما جاء على لسان “فدوى الطالب/كاتي”،

– رسائل موعظة باسم العصرانية بوجه “واعظ خوانجي” من وراء لحية روك سطار أو هيئة داعية خليجي 4×4، ودروس توعية بطباشير وصبورة الأستاذ المكبوث (فكريا وجلديا وأجروميا) لنبذ فواحش اجتماعية، بتعميم قدحي على 40 مليون مواطن بروشارج مضاعفة ومجانية على منوال خِطابات الحملات الانتخابية وصراخ بائع عقاقير الحشرات وأدوية الأمراض الجلدية بسوق الخميس ديال الݣارة،

– بعد 40 دقيقة لم ينطلق أو ينسلخ الشريط من عبثيته “أوڤر دوز” ومشاهده الحوارية الدائرة في حلقة مفرغة، أو كما قيل على لسان صالح بنصالح “بازاݣلو” أو بمعنى أصح “زݣل الفولم”،

– عند 43 دقيقة دخول الممثلة “مونية لمكيمل” مع “نونو بنزونة” الكوبل السعيد، كسقوط مظلي في مرجة حد السوالم، وكتصوير مشهد حصة كاستينغ لاختيار ممثلين فشي فولم مور الحيط، “تقليزة 3 D” كما أتى على لسان خديجة/كاتي (فدوى الطالب)،

– أغرب ما عاينته أثناء تتبع الفولم بسينما الرونيسونس بالرباط، مع الدقيقة 49 وفي ظلام القاعة، هو مغادرة شخص لمقعده نافضا يداه للسماء (على وزن آش هاذا؟!)، وما شدني إليه وهو مار بجانبي، هو أن عليه هيئة متشرد شوارع بشعر ملفوف على طريقة بوب مارلي كان يحضر العرض وجالس بالصف الأمامي الأيمن للقاعة، غرييييب وجد معبر بالنسبة لي تايفهم فنظريات التلقي الجماهيري.

وفي حديث آخر :

بخلاف إدعاء/طرح صاحب “مروكية حارة”، أو محاولة اقتباسه/نقله، أو حتى تطاوله على محاولة ركوب موجة فنية/ثقافية في بلاد العام سام؛ الشيء الذي لم يتأتى له، لغياب، حاليا، عوامل نشوء موجة ثقافية عامة ببلادنا السعيدة (ظاهرة “البولڤار” هي فريدة من نوعها واستطاعت زلزلة الوضع الثقافي في فترة ما، لكنها كانت معزولة عن الفنون الأخرى وظلت منفردة. كما تلتها ظاهرة “الصلام” وبقيت محصورة في قوقعة محتضنين متاجرين (حتى هما سوليمائيين) لهم أجندة خاصة بعيدة عن الهم والشأن الثقافي المغربي القح). بالإضافة لتباعد طرح “العسري” المتني/الفني عن الهم الثقافي المغربي (إبحثوا عن شخص مبدع وفنان وله بصمة مغربية/عالمية عن جدارة واستحقاق، ويشتغل في صمت العاكف، اسمه “منير الفاطمي” لتمييز الفرق).

وللإشارة، فالتيار الثقافي الذي اعنيه هنا والذي يحاكيه صاحب “مروكية حارة” كمثال صارخ (كما مجموع دكانه الفولمي) هو موجة كانت في الفترة من عام 1962 إلى عام 1964 هناك ببلاد العم سام، وهي تعتبر لحظة محورية في تطور الفنون والثقافة الأمريكية الشمالية، خاصة في مدينة نيويورك وبأحياء الهارليم والبروكليين والبرونكس، وقد شهدت تلك السنوات، التي كانت حاسمة في تطور موسيقى البوب ​​بَساطة وأداء، ظهور جيل جديد من الفنانين المتطرفين “عكس التيار”، بالإضافة إلى إبراز  الأماكن (التوطين) التي أعطت أعمالهم المتمردة موطنا وسياقا سوسيوثقافيا.

في تلك الحقبة التاريخية والفنية، وما قبلها وما بعدها بقليل، كانت “الأفلام” كوسيط أو دعامة تكنولوجية تمر بتحول خاص وبنمط إنتاجي وإخراجي مغاير للأعراف الجمالية، مِما مَكن إفراز وظهور “سينما مستقلة” حقا مخالِفة وسابقة للموجة الفرنسية قلبا وقالبا، حيث برزت أعمال غير مرتبطة بالأعراف الجمالية والضرورات التجارية للوسيط/السينما، وكان من أشهر فنانيها “أندي وارول”.

تلك الموجة “الثقافة المضادة/المعاكسة” كانت نتيجة فوران فني “المضاد للثقافة السائدة” البورجوازية المحافظة آنذاك (تذكروا معي ظاهرة “ناس الغيوان بالمغرب” ومحاولة الأخوين الدرقاوي “عنوان مؤقت – 1984 / الناعورة – 1982″، والمعنوني “الحال – 1981” الركوب عليها، كذلك حاولا مع الفن التشكيلي في شخص فريد بلكاهية، تلك المحاولات الفاشلة هي التي يكررها “العسري” وبشكلها الفرداني الأناني المتعالي [زائد لمسة “البوز” الحالية] مجردة وغير ذي قاعدة أو سند مَوْجاتي فني سوسيوثقافي)، وهو ما يحاول صاحب الشريط إستنساخه مغربيا، لكن بدون أدواته ولا أرضيته المعرفية، وهكذا سقط في فخ صائد النعام.

وبالتالي فقد أتى شريط “مروكية حارة” إستنساخا هجينا كعمل فيلمي (وليس سينمائي) يدخل في إطار تجريبه الفني وبحثه العبثي/الشيزوفريني (هو حر في ذلك)، ولم يقدم فيه شيئا جديدا عن ما اعتاد طبخه في مختبره السوريالي من “بيصارة أوڤردوز” (وكان وقت طفوحه على الساحة السينمائية بمثابة السراب في الصحراء)، حيث حرمته ربة الإلهام من كراماتها منذ “ضربة فالراس” – 2017 المفرد والمعزول. وما إدعائه بنعت إنتاجه الفولمي هو ضمن موجة “الهيب هوب”، أو تصريحه للمجلة الأمريكية ڤارييتي Variety بخصوص “مروكية حارة” و”كوبل سعيد” [“كلا الفيلمين عبارة عن كوميديا ​​سوداء، على غرار الأخوين كوين”] هو مجرد إستبلاد للقارئ، و/أو فهم خاطئ من طرفه، أو طرح مغالط للمتتبعين الغاوون بنشره لأقاويل فارغة من كل منطق لدر الرماد في عيون بعض مدعي “النقد السينمائي” بهتانا وتطاولا وهم/هن اللاهتون على النقد الرنان أو الصورة مع الفنان.

وكل الدروس والمواعظ والإرشادات الفقهية الواردة بالشريط، وكأننا في برنامج دعوي “ركن السوليمائي” على وزن “ركن المفتي”، والتي يجاهر بها صاحب العمل في الشريط وخارجه، هي من قبيل العبث الشيزوفريني Schizophrenic absurdity بكثير من التوابل الشعبوية السامة فكريا والقبيحة لفظيا والبشعة جماليا واللاسينمائية مشاعريا، محاولا مرة أخرى، وبشكل مضمر ومحتشم، تقليد موجة أمريكية أخرى تدعى الفلوكسيس Fluxus … (أتساءل إن كان ذلك عن وعي او عن لا وعي!؟). وتصريح العسري التالي لأحد المواقع الإلكترونية يفند انفصام شخصيته : “أنا كمتفرج أو كمخرج أفضل دائما الأفلام التي تعيش بشكل أفقي، وليس الأفلام التي تثير الضجة والنجاح ولكن تموت بسرعة”، وهو بذلك يبصم ويوقع على نفسه مقولة “الفقيه اللي نتسناو براكتو دخل الجامع ببلغتو”.

وهنا وفي إطار المقاربة والمقارنة البنيوية المفتوحة، أتذكر رائدا من رواد الكوميديا الشعبوية (الزنقوية) عبد المجيد المراكشي (الحلايقي) ومن لا يعرفه، صاحب “حلقة” بـ”جامع الفنا” بحاضرة مراكش البهيجة، الذي يقدم عروضا كوميدية هزلية شعبية في طابق سخري واجتماعي هاااادف تربويا، أساسه “النكتة الجنسية” والتربية على الثقافة الجنسية (+18 طبعا)، بكل تلويناتها المسرحية والسردية واللغوية، والتي لا يَخجل من تقديمها او تلوينها في قالب فرجوي ساخر وهادف وناطق بالمسكوت عنه من طابوهات مجتمعية (عكس الأصباغ الهجينة و”بوزاݣلو” “بيصارة العسري”)، ويصِر دائما على بدئها وختمها بالصلاة والسلام على أشرف خلق الله (على عادة الحكواتي) لتثبيت مشروعيتها الفقهية (لا حياء في الدين) ورسالتها المجتمعية (حلقة علاج نفسي جماعي).

وختاما أتساءل بتعجب : أي مشروعية مرجعية، سواء سينيفيليا أو ثقافيا، أو ما تريدون من نعوت عالمة، لعبث العسري البيصاري هذا خارج أسوار المتاحف وقاعات عرض الفنون التشكيلية وقاعات سينما “فن وتجريب” أو حتى مِنصة “لبولڤار” أو العروض الخاصة والمدفوعة الأجر حتى في إسرائيل؟؟؟!!!

أي مغزى أو مراد في استمرار دعمه بالمال العام عبر آلية صندوق “التسبيق على المداخيل”، ولا مداخيل إلا لحسابه البنكي الشخصي ؟؟؟!!!

وبنظري فقد استنفذ رصيد 3 أفلام مدعومة، الذي من المفروض أن يكون رقم ثلاثة 3 هذا هو سقف دعم أي مخرج كان.

للتذكير فقد حاز هشام العسري على دعم لجان المركز السينمائي، المتعاقبة منذ سنين، كتسبيق على المداخيل على المبالغ المالية التالية :

-مبلغ 435 مليون سنتيم عن فيلم “كوبل سعيد” في الدورة الثانية لسنة 2019 (صور ولم يعرض لحد الآن)،

– 410 مليون سنتيم كذلك كتسبيق على المداخيل عن فيلم “الأقزام” أو “ضربة فالراس” في الدورة الثالثة لسنة 2013،

– 20 مليون سنتيم كـ”علاوة على الجودة” عن فيلم “النهاية” في الدورة الثانية لسنة 2011،

– و25 مليون سنتيم عن الشريط القصير “حديقة التجاعيد” سنة 2004 ؛ بالإضافة لدعم بعض سيناريوهاته المشتركة التوقيع عن أفلام أخرى (بغض النظر عن التمويلات الخاصة والخارجية – مثلا “مروكية حارة” حصل على تمويل من مهرجاني قرطاج ومالمو السينمائيين، ضمن ورشة عمل أقيمت خلال مهرجان الجونة السينمائي).

تنويه لا بد منه : أنوه بـ”فدوى الطالب” على أدائها البارع والممَيز، والجرأة المهنية العالية، والتي بدونهما لن يكون للشريط أدنى قيمة إنتاجية تذكر (أتمنى أن تعويضها المادي كان في المستوى)، مع أسفيييي كون مجهودها الجباااار ذهب كما تذهب رائحة عطر في كلينيكس مع مجاري الصرف الصحي (حاشاكوم).

الشريط من سيناريو وإخراج هشام العسري، إنتاج مشترك له مع اشرف سعد، 85 دقيقة – سنة 2023.

تنبيه : هذه قراءة من وحي بنية الشريط وحواره الدارجي السوقي، ولذلك يأتي بلغة بها خليط من الدارجة المغربية والعربية الفصحى.

*خبير إعلامي وفني وسينيمائي

عن بيت الفن

شاهد أيضاً

فوزي بنسعيدي وهشام العسري

بنسعيدي والعسري يمثلان السينما المغربية في مهرجان القاهرة

فوزي بنسعيدي يتنافس على جوائز المسابقة الدولية بـ الثلث الخالي وهشام العسري يخوض غمار المسابقة العربية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Protected by Spam Master