استرعى انتباه لجنة التحكيم ما تنطوي عليه أعمال رشيد الضعيف من جرأة نقدية…
بيت الفن
أعلن في صبيحة اليوم الثاني للدورة الخريفية لموسم أصيلة الثقافي الدولي عن الفائز بجائزة “محمد زفزاف للرواية العربية”.
وأفاد بيان صحفي أن لجنة تحكيم الرواية العربية دخلت في مداولات معمقة، ومشاورات همت المنجز الروائي لكتاب الرواية من مشرق الوطن العربي ومغربه، وارتأت اللجنة منح “جائزة محمد زفزاف للرواية العربية”، في دورتها الثامنة، بأغلبية أعضائها، لكاتب استطاع، على امتداد أربعة عقود، أن يقدم للمشهد الروائي العربي رصيدا متنوعا وغنيا ومقنعا، إنه الروائي اللبناني رشيد الضعيف.
وترأس لجنة التحكيم الناقد المغربي سعيد يقطين، وضمت في عضويتها الروائيين والأكاديميين، شكري المبخوت من تونس، وسعيد بنكراد من المغرب، وكاتيا غصن من لبنان، وحبيب عبد الرب سروري من اليمن، وحسن بحراوي من المغرب، إضافة إلى محمد بنعيسى الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة.
بدأت المسيرة الروائية لرشيد الضعيف، المزداد سنة 1945، في نهاية سبعينات القرن الماضي. وخاض تجارب روائية عديدة، تغلغل عبرها في الذاكرة، وقارب الحرب اللبنانية من زاوية تفكك الوعي النفسي. وخطى نحو رواية ما بعد الحرب، التي اتخذت طابعا حميميا، عبّر من خلاله عن العلاقة الشائكة بين الشرق والغرب، وعن تناقضات المجتمع الذكوري، ومختلف مؤسساته. كما كتب التخييل الذاتي وخاض تجربة الرواية الفانتازية، وإن تلفعت محكياته أحيانا، بمجازات تراثية. ذلك أن هواجس ما يجري في تربة الجغرافيا المعقدة المسماة “العالم العربي” من التباسات اجتماعية، وتقاطب فكري وعقدي، واحتراب جسدي، وارتداد مطرد إلى أسئلة الغيب، ما هو إلا صيغة أخرى لحرب مخفية بين التلافيف والحنايا، لا تلبث امتداداتها أن تستعر مع ازدهار عوامل النكوص إلى المحافظة وتراجع مكتسبات النهضة.
واسترعى انتباه لجنة التحكيم ما تنطوي عليه أعمال رشيد الضعيف من جرأة نقدية، لا تعيد كتابة ذاتها. إذ اختار، عكس التيار، ألا يدخل الرواية من باب السرديات التاريخية الكبرى، ولكنه قارب فن الرواية والتراث العربي والحداثة وما بعدها وتشظي الفرد والمجتمع، عبر الغوص في ذات الراوي المثقف العربي، وتناقضاته، بأسلوب موارب، يتعمّد الاستسهال ولا يسقط فيه، ويخفي ما أمكن خلفيات النص النقدية، بلغة مصقولة ونافذة الأثر. كما أكدت اللجنة أن أعمال رشيد الضعيف، بما تشتمل عليه من رؤى جمالية وإنسانية فارقة في مسار الرواية العربية اليوم، وباعتبار قيمتها الفنية والفكرية، قد خدمت الثقافة العربية. وبذلك استحقت الفوز بـ”جائزة محمد زفزاف للرواية العربية”.