المهرجان الدولي لسينما الجبل بأوزود يبرز العلاقة بين الفضاء الجغرافي والإبداع السينمائي…
بيت الفن
ضمن فعاليات المهرجان الدولي لسينما الجبل، الذي اختتمت فعالياته أمس الجمعة بشلالات أوزود التابعة لإقليم أزيلال بجهة بني ملال خنيفرة، التأم نقاد وسينمائيون في ندوة بعنوان «الجبل والسينما..علاقة الفضاء بالإبداع السينمائي».
وتمحورت الندوة، التي أدارها الناقد محمد طروس وأضاء محاورها الناقد مولاي إدريس الجعايدي والباحث الحبيب الناصري، حول تيمة الجبل كفضاء فيلمي، وعن العلاقة بين الجبل كمكان جغرافي وطبيعي، خارج فيلمي، وكيفية تحويله إلى فضاء فيلمي يؤدي وظائف حكائية ومعرفية وجمالية وتنموية، وتطوير اللغة الفيلمية، وقدراتها الإبداعية والتعبيرية. وهو ما يقود إلى تحديد كيفية تحقق حضور الجبل في الأفلام السينمائية.
انطلقت الندوة من أرضية اعتبرت أن الجبل في السينما قد يكون مجرد ديكور عابر، بجانب غيره من الفضاءات، بحيث لا يشكل رهانا أساسيا في الحكاية الفيلمية. وأن الأمر يتعلق بنوع فيلمي، يشكل فيه الجبل المكون الجوهري، والمحوري للحكاية الفيلمية، حيث يمثل رهانا رياضيا أو دراميا أو رمزيا أو شعريا أو رومانسيا أو فلكلوريا. وهذا التحقق هو ما يهم بالأساس، سواء اتخذ شكلا وثائقيا أو تخيليا.
الأمر يتعلق، حسب أرضية الندوة، بنوع سينمائي واضح المعالم، يشكل فيه الفضاء الجبلي مكونا أساسيا وتتشكل من خلاله اللغة الفيلمية الخاصة، تلائم بين الفضاء الفيلمي وطبيعة الفضاء الحكائي. وفي هذا الإطار تحركت محاور الندوة، لتعميق هذه الملامح العامة ولمساءلة الممارسة السينمائية وعلاقتها بالفضاء الجبلي.
وفي ورقة في الموضوع، استعرض الناقد مولاي إدريس الجعايدي مشاهد من أهم المنجزات الفيلمية العالمية التي اعتمدت الجبل تيمة منذ بداية القرن الـ20، مبرزا علاقة الإنسان بالجبل في مختلف الحضارات الإنسانية، إذ يتخذ الجبل في تحققاته الوظائفية العديد من الدلالات، فقد يشكل فضاء رمزيا مرتبطا بالآلهة والديانات وطريقا للخلاص، أو فضاء للمغامرة والمخاطرة، أو ديكورا مثاليا للأحداث الدرامية والملحمية، أو فضاء للتحدي البشري. وفي كل الحالات، يؤدي الجبل وظيفة تشخصية حكائية، تعمق الأحداث وتغذي الصراع الدرامي.
وأبرز الجعايدي أن السينما تعاملت مع الجبل في بداية القرن المنصرم بطريقتين، الأولى للدعاية أو الترويج السياحي، حيث تم تأطيره في لقطات ثابتة، وفي حركات سائرة أو بانورامية. والثانية تبئير الصراع الدرامي، وتوظيف الجبل للإثارة في الأفلام العاطفية البوليسية أو الجاسوسية.
أما في الثلاثينيات من القرن المنصرم، فقد ظهر نوع ثالث من الأفلام الجبلية، يؤطره متسلقو الجبال، الذين يقومون بتصوير ذكرياتهم ومغامراتهم الرياضية، إذ أصبح صعود الجبال في قلب الحكاية الفيلمية، وأصبح الممثلون متسلقين حقيقيين، وأصبحت الكاميرا مجرد مصاحب لصيق بالإنجاز، ومخاطرة للإثارة والتشويق.
من جانبه، اعتمد الباحث الحبيب الناصري في مداخلته على فيلم «الجبل» (1965) للمخرج المصري خليل شوقي، مركزا على حضور الجبل كتيمة محورية في الفيلم.
وتتحدث قصة الفيلم عن مهندس موهوب تكلفه الحكومة ببناء مجموعة كبيرة من البنايات، ليؤسس قرية لأهل الجبل، الذين يرفضون الأمر جملة وتفصيلا، لارتباطهم الكبير بالجبل الذي يعد مصدرا لرزقهم، إذ ينقبون عن الآثار من أجل بيعها لمهربي الآثار الأجانب.
وتساءلت مداخلات المشاركين في الندوة عن مدى حضور هذا الفضاء في منجزاتنا الفيلمية؟ وكيف يمكن تقييم هذا الحضور أو تقييم السينما المغربية من خلاله؟ وأي دور يمكن أن يلعبه هذا النوع الفيلمي في تطوير المناطق الجبلية وإنعاشها سياحيا وثقافيا؟ وكيف نجعل من مواقعنا الجبلية وجهة لجلب المنتجين السينمائيين العالميين؟