وليد السجعي
يحتفي رواق صندوق الإيداع والتدبير بالرباط، بالفنان التشكيلي المغربي بوشعيب هبولي في الفترة الممتدة ما بين الخميس 14 شتنبر الجاري والجمعة 20 أكتوبر المقبل.
ويشارك في هذا الحدث الفني أربعة تشكيلين مغاربة هم رشيد باخوز، وعزيز سحابة، وحسن أبارو، وأنس بوعناني، سيقدمون أعمالهم ضمن المعرض الذي يحمل عنوان “نظرات فنانين”، بطاقة بيضاء للفنان التشكيلي المغربي الكبير بوشعيب هبولي.
يأتي هذا المعرض على خلفية ما يسمى بالبطاقة البيضاء التي يقدمها صندوق الإيداع والتدبير لبعض الفنانين المغاربة، الذين بصموا مسارا حافلا من العطاء أو هؤلاء الذين يشقون طريقهم عبر اشتغال مهم ودؤوب وغني بالإبداع. هذا وتعد هذه التجارب متنوعة ومختلفة من تجريد وتصوير صباغي وإبداع على أسندة متنوعة ومتعددة.
وتعد تجربة بوشعيب هبولي (من مواليد سنة 1945) من التجارب المؤسسة للأفق التشكيلي بالمغرب منذ منعرجاته الأولى، إذ سيختار هذا الفنان على خلفية تجربة أثارت العديد من الأسئلة والملاحظات.
خصص بوشعيب هبولي ذاته وروحه للفن، في بداية تجربته الصباغية تعامل مع القماشة كمحمول فني، وفي ما بعد اختار أن يغوص في مصدر آخر ألا وهو الورق، الذي انسجم كليا مع تقنيته.
يعمل هبولي بطريقة مختلفة للوصول إلى جوهر وجوهه الرمادية وكائناته الفنية، علما أن الفنان له كامل الفرادة في اختيار مواضيعه تماما كما أسندته، التي هي بالطبع الورق في أحجامه الصغيرة ويِؤثرها بلون واحد.
ويرى النقاد أن هناك توجها رائعا وجميلا في الصباغة المغربية الحالية نحو اعتماد اللونين الأسود والأبيض، من خلال تقسيمهما أو بروز اللون الرمادي في بعض الحالات بطرق خاصة وتقنية تشكيلية احترافية. لكن بالنسبة لهبولي فالرمادي لون يفرض ذاته وخصوصيته، ولإبراز هذه الخصوصية وهذه الذاتية، يشحنه ببعض الأسود والأزرق والأخضر.
في السنوات الأخيرة، بدأ هبولي يستعمل زيت المحركات المستهلك، ينظفه من الشوائب، ويسكبه على الورق، من أجل الحصول على تدرجات الرمادي الغني بالضوء، بل استعمل في هذه التجربة، أيضا، نوعا من القماش الشفاف.
ويؤكد النقاد أن هبولي رسام اللون الرمادي، نادرا ما نجد بعض التشكيليين يوظفون هذا اللون، من هنا يأتي اختيار هبولي لوحاته الصغيرة الحجم بهدف خلق التميز في الساحة التشكيلية المغربية، وإبداع هذه الوجوه التي رسمت بتقنية مختلفة عن كل أشكال الإبداع الأخرى، مدركا أن أنجاز هذه اللوحات يتطلب الاستعجال، بهدف القبض على لحظات زمنية للاعتكاف على تيمات أخرى ومواضيع تفرضها الصيرورة الفنية.
حين أراد الفنان العالمي أرنورف رينر أن يصور فان غوغ، بدأ رسمه أولا بالرمادي، وكأن وجه فان غوغ حقيقيا وليس تقليديا، أو يدخل في خانة الديكور، ويمكن القول إن هبولي ملك ناصية تحقيق مرامي التصوير الواقعي من خلال عرض مجموعة من الصور الفوتوغرافية مابين 2008 و2010، معتمدا على الورق والحبر الصيني، باعتبارهما مادتين تدخلان في تجربته الصباغية، إنها رسومات لوجوه رمادية.
بشكل عام رؤوس هبولي المصبوغة عام 2011، تركت الفنان يبدع وجوها بعيدة عن الواقع وقريبة إلى الخيال، فهو يكشف من حيث يدري أن ما يقدمه هو ثورة ضد البؤس وضد العدم.