دار الشعر بتطوان

دار الشعر بتطوان تجمع بين الزبادي ونيني في حفل فني وشعري بادخ

في لقاء استثنائي احتضنه مسرح دار الثقافة بمدينة تطوان، قدم المطرب المغربي فؤاد الزبادي ليلة السبت 25 فبراير 2023، بمسرح دار الثقافة بمدينة تطوان، حفلا فنيا تاريخيا في ضيافة دار الشعر بتطوان…

بيت الفن

في لقاء استثنائي احتضنه مسرح دار الثقافة بمدينة تطوان، قدم المطرب المغربي فؤاد الزبادي ليلة السبت 25 فبراير 2023، بمسرح دار الثقافة بمدينة تطوان، حفلا فنيا تاريخيا في ضيافة دار الشعر بتطوان، جاء تتويجا لتظاهرة “شاعر بيننا”، التي استضافت هذه المرة الشاعر والإعلامي المغربي رشيد نيني لتوقيع ديوانه الجديد “اعترافات تحت التعذيب”، الصادر عن بيت الشعر في المغرب.

وحضر المئات من عشاق الشعر والطرب الأصيل لمتابعة هذه التظاهرة الشعرية والفنية التي انطلقت بعرض لوحة مسرحية أدائية قدمها طلبة الفنون الجميلة والمعهد الموسيقي وماستر السينما بتطوان، اشتغلوا فيها على قصائد الشاعر رشيد نيني، وهي من إخراج المسرحي المغربي يوسف الريحاني.

في البداية، ألقى رشيد نيني نصا سرديا عن أول زيارة له إلى تطوان، منذ تسعينيات القرن الماضي، حين قدم إليها باحثا عن العمل، متعلقا بالأمل المفقود، بعد فشل محاولة الهجرة إلى الجنوب الفرنسي.

عن هذه الرحلة يقول رشيد نيني: “عندما فقدت الأمل كليا في أي مستقبل لي في البلد اتخذت قراري النهائي بالمغادرة. فقد شعرت دائما أنني أعيش نصف عيشة، أسكن في بيت نصف مكتمل، وأعيش على أنصاف الحلول، وكلما بدأت شيئا تركته في منتصف الطريق. تيقنت أن لا شيء عاد يشدني إلى هذه الأمكنة التي ولدت وعشت فيها طفولتي ومراهقتي وبداية شبابي، فصار كل شيء عندي مملا وتافها ومؤقتا. أهملت حلاقة ذقني وتخليت عن محاولاتي الفاشلة في إيقاف تساقط شعري، ولم أعد أجمع فراشي وصرت أنام بكامل ثيابي كأي مبحوث عنه، مؤجلا كل شيء له علاقة بالنظام إلى زمن ومكان لاحقين. فقد فشلت في الحصول على عمل حكومي رغم عام من الصراخ أمام مقر العمالة، وفشلت في العثور على عمل قار في الصحافة، كما حلمت دائما عوض الاشتغال كمتعاون بالقطعة…”.

يسرد رشيد نيني حكاية البحث عن عمل في ورش بناء بمدينة مرتيل، وكيف فشلت المحاولة. ثم يحكي عن العودة إلى تطوان، وكيف غالبه النوم بعد يومين من التعب، فاهتدى إلى فكرة اقتناء تذكرة الدخول إلى سينما أبنيدا، حتى يتمكن من النوم لساعتين على الأقل. حاول رشيد نيني ورفيقه في السفر البحث عن سقف يأويهما إلى أن يعثرا على عمل، لكنهما قضيا يوما واحدا عند صديق من أيام الجامعة، تم تعيينه في سلك الأمن بمدينة تطوان، ثم اضطرا لمغادرة المدينة والعودة إلى مسقط الرأس من جديد…

وبعد هذه المحكية المؤثرة التي تذكرنا بسردية الكتابة الصحافية وجمالياتها عند رشيد نيني، ألقى الشاعر قصيدة طويلة من ديوانه الجديد، وهي قصيدة تخاطب الحب وتتحدث عن مفعوله السحري في الناس وقلوبهم، حيث يستوقف الشاعر قلبه ليحدثه قائلا:

“سمعت أنك تدمي قلوب

من يفتحون لك صدورهم.

سمعت أنك

تطرد النوم

عن عيون من يمنحونك ثقتهم

سمعت أن الرجال

يخوضون الحروب بسببك

ويسفكون الدم باسمك،

ويحرقون الأرض لأجلك…

إلى آخر الحب،

وآخر القصيدة”.

قصيدة تتقاطع مع القصيدة، التي تم تقديمها على هيئة لوحة مسرحية أدائية في هذه الأمسية الشعرية الكبرى، وهي تتحدث عن القلب، من خلال لازمة “لو كان قلبي”، حيث يبدأ كل مقطع هكذا: “لو كان قلبي نهرا” “لو كان قلبي وردة” “لو كان قلبي سفينة” لو كان قلبي بوصلة” “لو كان قلبي حقيبة” “لو كان قلبي بندقية” “لو كان قلبي مزرعة” “لو كان قلبي رسالة” “لو كان قلبي محارة” “لو كان قلبي وطنا” “لو كان قلبي حديقة”…

وقبل ذلك، قدم الناقد والجامعي المغربي محمود عبد الغني ورقة نقدية موضع فيها تجربة الشاعر رشيد نيني ضمن تيار شعري جارف أعلن وجهر بصوته في تسعينيات القرن الماضي، معلنا ميلاد قصيدة جديدة في مغرب يريد أن يكون جديدا، ويريد أن يحقق طفرة وانتقالا، وأن يشهد تحولات في الكتابة والخيال، كما في واقع الحال…

وتفاعل الحضور مع الأغاني الخالدة التي أنشدها فؤاد الزبادي، ومنها “الليل يا ليلى” و”عيرتني بالشيب” و”قل للمليحة” و”الورد جميل” و”الناس المغرمين” “ما بيسألش علي” و”يا محبوبي”…، حيث استعاد الحضور ذكريات الإنصات إلى ما قدمه عباقرة الطرب العربي، أمثال زكريا أحمد ومحمد عبد المطلب وناظم الغزالي وصباح فخري وعبد الهادي بلخياط ووديع الصافي…

وفي الأخير، قدم الفنان التشكيلي حسن الشاعر والشاعر السوري نوري الجراح هدية للمحتفى به، ويتعلق الأمر بعمل شعري تشكيلي، بينما توج اللقاء بتوقيع الديوان الجديد لرشيد نيني “اعترافات تحت التعذيب”.

تطوان التي في القلب 

عن تكريمه قال رشيد نيني في كلمة بالمناسبة “سعيد بالحلول ضيفا على أهل تطوان الطيبين لتقديم ديواني الشعري “اعترافات تحت التعذيب”، بدعوة كريمة من الصديق مخلص الصغير رئيس دار الشعر بتطوان.

وأسعدني أكثر أن أوقع الديوان لقراء من مختلف الأعمار، نساء ورجالا، خصوصا لطفلة في العاشرة من عمرها جاء بها والدها وقال إنها تقرأ لي. مع وجود آباء مثل هؤلاء ستظل جذوة القراءة متقدة في قلوب الأجيال القادمة ولا خوف على الشعر من الانقراض. وهذا ليس غريبا على مدينة تطوان، مدينة الأدباء والكتاب والصحافيين، والتي شهدت دخول أول مطبعة إلى المغرب وصدرت بها أول جريدة في تاريخ المملكة.

شكرا لصديقي الشاعر محمود عبد الغني على تقديمه للديوان والتقاطه بحسه المرهف شعلة الشعر الكامنة في ثنايا القصيدة.

شكرا لطلبة ماستر السينما الذين أبدعوا عرضا مسرحيا مستوحى من أجواء الديوان، وشكرا للفنان التشكيلي حسن الشاعر على اللوحة التذكارية وللشاعر نوري الجراح، رئيس المركز العربي للأدب الجغرافي- ارتياد الآفاق، الذي شرفني بتسليمي إياها.

كما أشكر المنابر الإعلامية المحلية التي غطت الأمسية والجمهور التطواني الكريم الذي تكبد عناء الحضور رغم الأجواء الماطرة والطقس البارد، فقد أعطى حضورهم القاعة دفئا إنسانيا سيظل في قلبي ما حييت”.

عن بيت الفن

شاهد أيضاً

دار الشعر بتطوان تجمع ما بين القصيدة الفصيحة والعامية في أمسية كبرى

ليلة من مائة ليلة وليلة جمعت بين شعراء ينتمون إلى تجارب متجاورة ومتغايرة ويتعلق الأمر …