ستانداب 2

“كواتشا” “ستانداب”..عربات بدون أحصنة

ملاحظات متحذلقة لا علاقة لها بالتقييم النقدي أو الفني.. تجعل المتتبع لهذا البرنامج يطرح استفسارا عن أسباب غياب اختيار الشخص المناسب للمكان المناسب؟؟؟

مراكش: عبد الله المعاوي

من الضروري أن يتعامل المرء مع برنامج “ستانداب” المقدم على شاشة القناة المغربية الأولى كمدرسة تكون وتخرج مجموعة من الفنانين الصاعدين في مجال الكوميديا المغربية، التي تعاني بشهادة كل المتتبعين من الحموضة  المستخفة بعقلية المغاربة وبمستوى معرفتهم، والسبب كما يعلم الجميع بنيوي ورثناه عن عهد بائد، كان ولا يزال يمارس رعونته بعامل المسؤول عن الخط التوجيهي العام في مجال الإعلام.

وحتى لا نكون سلبيين في موقفنا ونبتعد عن قناتنا التي يدخل توجهها في إطار النسق العام الذي يدفع بالمغاربة إلى الهجرة القصرية سأتناول بحسن نية “اسكتشين” من الموسم السابع الذي قدم في الأسبوع الماضي وهما: اسكتش اللبوءة القادم من مدينة طنجة واسكيتش حمزة النائب عن المغاربة جمعاء.

أول سؤال يتبادر إلى ذهن المتتبع لهذه الحلقة هو: ما هي المقاييس التي وضعت لاختيار “كواتشا” المتبارين في برنامج تفريخ الكوميديين الصاعدين؟ وبقدر ما يتبادر السؤال إلى الذهن بقدر ما نضع السؤال نفسه لكوادر اللجنة التي تشرف على تقويم ما يقدم بالبرنامج.

ومشروعية هذا السؤال منطلقة من طبيعة السكتشين اللذين اخترناهما لهذه المقاربة. وسنخصص المقاربة الأولى لـ”اسكيتش” اللبوءة.

من غريب الصدف  أن أغلب المشاركين في هذه الحلقة تجمعهم المواضيع  القدحية في توصيف الظواهر الاجتماعية وهذا ما كان يميز النكتة الشعبية المغربية التقليدية، التي روج لها وشجعها الحكم الإقطاعي والحكم الاستعماري بالمغرب، الذي يؤجج صراعات السيبة والعنصرية القبلية لخدمة موقع السلطة التي يحقق وجودها في خلق الصراعات الفارغة في المجتمع المغربي.

وقد كانت هذه الممارسة الفنية سارية المفعول بين الحلايقية بسبب غياب الوعي الفكري في بعض الممارسات التقليدية الشعبية التي لا تفكر إلا في الإضحاك فحسب. وهذا ما كان يمارسه   بعض صانعي النكتة بساحة جامع الفنا في وقت معين. وإذا قلت الأداء القدحي لأن المتلقي يعرف بأن مستوى النكتة عرف تطورا أصبح يتجاوز الأداء المنحط اجتماعيا وأخلاقيا، بل وحتى عنصريا، كاللعب على الفر ق بين “العروبي” و”المديني”، وبين “الشلح” و”العربي”، بين “الفاسي” و”المراكشي”، إلى غير ذلك من المفارقات العنصرية أو الرخيصة. وهذا النموذج هو الذي طرحته ممثلة طنجة التي تقمصت شخصية “لبوءة الأطلس” لتطرح في نظرها أسباب دخول جمهور الشباب المتتبع لمباريات كرة القدم النسائية وبدأت تعدد الأمثلة:

– تزاحم الشباب في المقاعد القريبة من حارسة مرمى اللبوءات.

– تحويل مستودع الملابس لقيصارية وامتناع حارسة المرمى من ارتداء “الصباعيات” حتى يظهر رسم الحناء على يديها وهذه الصورة كما نعلم هي من خزانات احتقار المرأة المترسب في العقلية الشعبية المغربية مثلها مثل القدحيات التي ووجهت بها المرأة المغربية التي انخرطت بكل جدارة في سلك الأمن الو طني فجوبهت بنكتة “التصفيرة” التي تحولت إلى “تزغريدة” رغبة في الإضحاك البليد.

ولم يسلم من هذه النظرة الشبقية حتى الحكم أثناء مباراة اللبؤات وهو يتتبع مكانا معينا من أجسادهن.

– وتصل بوهيمية المنخرطين في مشهد تتبع المباراة أثناء لحظة الفار فينخرط حتى الجمهور مع طاقم التحكيم من أجل التأكد من الخطأ المعلن عنه ليتحول الخطأ إلى خطيئة المتفرجين المكبوتين، الذين يفرغون مكبوتاتهم الجنسية في مباراة اللبؤات.

– تعامل الطبيب مع اللبوءات في حالة الإصابة يختلف عن تعامله مع الأسود، حيث يتحول إلى أم حنون.

وتستمر أمينة الطنجوية في كيل اللكمات القدحية للرجل المغربي، خاصة عند اختياره كحكم لدوري نسوي إنجليزي …ويلي ويلي..لتستعرض مواقفه الكبتية وهو يدير مباراة لفرق نسوية بهذا البلد الأوروبي.

بعد العرض الذي قدمته ممثلة طنجة كنت أتمنى أن تتدارك لجنة المشاهدة والتقييم والتوجيه، التي هي من مستوى محمد الخياري ولطيفة أحرار ودنيا بوطاوزلت الانفلات، الذي سجله الموضوع القدحي في هذا البرنامج بحكم موقعهم التوجيهي والتكويني لخريجي الفكاهة من هذا البرنامج. فبدأ الفنان الخياري ملاحظته بالتركيز على البسمة التي تمتلكها أمينة وربطها  بالكوميديا وأردفها بالحكم الذي قال بأنه يتجاوز مجال المجاملة، الذي سيكون عبارة عن ملاحظات.

في بداية الملاحظات قال إن أمينة تتوفر على تشتت هائل في تناول المواضيع، إن هذا المصطلح النقدي الخياري لم اسمع به قط في المجال الفني، خاصة ربط التشتت الهائل وتأتي غرابة هذا المفهوم ثانيا بحكم أن أمينة اللبوءة تحدثت عن المفارقة التي يتصف بها المتتبع  للصنفين اللبؤات والأسود وبمفهوم آخر ركزت على  المنظار الجنسي الذي يتحرك من خلاله المتفرج المغربي في رؤيته لتحرك المرأة في ميدان كرة القدم. أو تعامل الحكم الرجل مع المرأة، خاصة عندما يحكم مباراة للنساء في بلد أوروبي، فأين يكمن التشتت الهائل؟

بالنسبة للفنانة لطيفة أحرار أغرتني بمقدمتها التي كنت أتمنى أن تمارس بها مهمتها البيداغوجية في التكوين وإثارة الانتباه لأهمية الكتابة والإبداع في مجال الكوميديا، والتي يعتبر المتباري في أمس الحاجة اليها، خاصة عندما يكون “الكوتشي” في مستوى “كوتشيات” برنامج “ستانداب”..فبدأت ملاحظتها بتبرير تناول أمينة لموضوعها وحاولت تأطيره بالنكث السائرة بين المتفرجين، ثم أردفت بتوجيه تحيتها لنساء الكرة المغربية وأعقبتها بتوجيه التحية لرجال الكرة المغربية وكانت جد ذكية وموفقة عندما نبهت بأن تناول موضوع اللبؤة هو موضوع ذو حدين وسكتت…بل ميعت ملاحظتها بالسكوت عن إظهار جوانب الحد السلبي في أداء أمينة وانتقلت مع مقدمة البرنامج، التي خلقت مشكلا لمخرج الحلقة سأعود إليه في حينه، للحديث عن خجل أمينة بحكم أنها لأول مرة تواجه الكاميرا وأن لها باع في التعامل مع الصور بحكم أنها صحافية إلى غير ذلك من الأحكام التي لا تفيد المتبارية في شيء.

ونلتقي في نهاية المقيمين للمشهد بالفنانة بوطازولت بإبدائها لملاحظة متحذلقة لا علاقة لها بالتقييم النقدي أو الفني..ملاحظة تجعل المتتبع لهذا البرنامج  يطرح استفسارا عن أسباب  غياب اختيار الشخص المناسب للمكان المناسب. فماذا سيستفيد متكون من مثل قول عضو اللجنة وصياحه وهو يقيم عمل المتباري: “وحق الله إلى أنا حبيتك وأنا تعجبني قوة الشخصية فيك؟” فتضاف هذه الملاحظة إلى الملاحظة السابقة: “عندك ابتسامة زوينة.

لكن عندما طرحت بوطازولت ملاحظتها الموضوعية من زاوية أخرى حكمت على المتبارية بتشتت الموضوع  مع أن الموضوع منذ البداية كان موضوعا وحدا وهو الفرق بين تتبع المشاهد للجنسين وشبقية المغربي مشاهدا ومتفرجا وحكما.

وستبقى في النهاية مجموعة من الأسئلة البنيوية القائمة التي سنتابع بها مقاربتنا لهذا البرنامج الذي نريد أن نكون بمتابعته إيجابيين ومساهمين في تقييم ما يقدم لنا بحسن أو بسوء نية.

عن بيت الفن

شاهد أيضاً

رحلة أبو الغرائب

رواد الخشبة للمسرح والموسيقى يقدمون “رحلة أبو الغرائب” بتازة

عرض من تأليف عبد الكريم برشيد وإخراج حفيظ البدري يزاوج بين الدراما والكوميديا… بيت الفن …