مهرجان الرباط لسينما المؤلف

مهرجان الرباط الدولي لسينما المؤلف.. دورة لستثنائية بأفلام عالمية

من أقوى عروض الدورة الجديدة الفيلم الإسباني آلكاراس لمخرجته كارلا سيمون، الفائز بجائزة الدب الذهبي (2022) لمهرجان برلين السينمائي. والفيلم الصيني “العودة إلى التراب” للمخرج لى رويجون…

بيت الفن

استمتع جمهور وضيوف مدينة الرباط، بعروض سينمائية عالمية جرى عرضها لأول في المغرب، ضمن فعاليات الدورة الـ27 لمهرجان الرباط لسينما المؤلف، التي انطلقت بعرض التحفة السينمائية للأخوين داردن “توري ولوكيتا” الفائز حديثا بالجائزة الخاصة لمهرجان “كان” السينمائي الدولي.

ومن أقوى عروض الدورة الجديدة، التي تستضيف أزيد من 160 ضيفا من مختلف أنحاء العالم، الفيلم الإسباني “آلكاراس” لمخرجته كارلا سيمون، الفائز بجائزة الدب الذهبي (2022) لمهرجان برلين السينمائي. والفيلم الصيني “العودة إلى التراب” للمخرج لى رويجون، الذي شارك في المسابقة الرسمية لمهرجان برلين السينمائي (2022) وحقق نجاحا ساحقا خلال عرضه في الصين. والفيلم السوري “غيوم داكنة” للمخرج والممثل أيمن زيدان.

كما يعرض المهرجان، الذي تتواصل فعالياته إلى غاية 24 نونبر الجاري، “حكايات البيت الأرجواني” من لبنان والعراق وهو الفيلم الجديد للمخرج الفرنسي العراقي عباس فاضل، ومن إيران فيلم “يوم التفاح” للمخرج محمود غفاري.

ألكاراس” صرخة سينمائية للمزارعين الإسبان في وجه الرأسمالية المتوحشة

بعد فوزه بجائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين (دورة 2022)، “ألكاراس” يتطلع فيلم للمخرجة الإسبانية كارلا سيمون لجائزة “الحسن الثاني” وهي الجائزة الكبرى لمهرجان الرباط لسينما المؤلف.

الفيلم يروي بعمق قصة عائلة مزارعين لها ارتباط وثيق بالأرض، لكن الحداثة أربكت حياتها، فهو بمثابة صرخة سينمائية للمزارعين الإسبان الصغار في وجه الرأسمالية المتوحشة.

يتحدث عن انقسامات عصفت بعائلة متماسكة تتشكل من ثلاثة أجيال (الجد والأب والحفيد) من المزارعين في قرية “ألكاراس” بكتالونيا، حيث المئات من أشجار الخوخ في أراضي تؤول ملكيتها لوريث المالك الأصلي، الذي يقرر اقتلاع الأشجار لتركيب ألواح شمسية مكانها، مخيرا العائلة بين الرحيل أو التكيف مع هذا الوضع الجديد، لكن رب الأسرة يرفض رؤية عالمه ينهار أمام عينيه.

فالأرض التي أخذها الجد من دون عقد رسمي، بعد أن حمى جد الوريث الطموح من القتل في الحرب الأهلية. ومع عدم وجود عقود موثقة سوى كلمة الجد للجد التي كانت تعتبر عقداً في الماضي، تبدأ الأزمة التي ستواجهها الأسرة بالتكشف.

أمام هذا الوضع الصعب يحاول جميع أفراد العائلة التمسك بالأرض، وبعد محاولات متنوعة لإقناع الوريث بالعدول عن مطالبه، يسلمون للأمر الواقع.

يستمد الفيلم قوته من كون المخرجة نفسها نشأت في مزرعة خوخ، إضافة إلى استعانتها بممثلين غير محترفين قامت باختيارهم من القرية وتدريبهم على أداء أدوار الفيلم الذي نجح في إبراز قضية الارتباط الوثيق بالأرض.

العودة إلى التراب” فيلم صيني عن ارتباط الإنسان بالأرض

فيلم “العودة إلى التراب” إخراج لى رويجون، فيلم صيني، تدور أحداثه حول المزارع المتواضع البسيط “ما” و”تشو” القروية الخجولة، تنبذهما عائلتاهما وتجبرهما على الزواج المدبر، لذا يتحتم عليهما أن يوحدا قواهما ويبنيا منزلا حتى يصمدا في الحياة.

تدور أحداث الفيلم، الذي تبلغ مدته 133 دقيقة، بقرية في مقاطعة جانغسو شمال غربي الصين، حول فلاح بسيط، في منتصف العمر، اسمه “ما يو تييه”، لا يملك سوى أنثى حمار (آتان) وعربة صغيرة، يلتقي “جوي بينغ” على مائدة طعام، بغرض مشروع زواج دبرته العائلتان. فـ”بينغ” امرأة وحيدة تعيش حياة مأساوية، بعد طفولة بائسة، فهي مصابة بإعاقة، ولا تستطيع الإنجاب.

تبدأ حكاية “ما يو تييه” و”جوي بينغ”، بزواجهما، ليعيشا حياة بسيطة شاقة لكنها في الوقت نفسه جميلة، لأنها مليئة بالحب الذي جمع بينهما بالأفعال لا بالكلام.

لم يملك الزوجان بيتا خاصا بهما، فسكنا بيوتا مهجورة، تركها أصحابها عندما انتقلوا للعمل في المدن. لذلك اضطرا للانتقال أكثر من مرة، لأن أصحاب البيوت عادوا، حينما علموا بأن الدولة تسعى إلى منح شقق عصرية مكان البيوت المهجورة، فيقرر الزوجان بناء بيت لهما.

في نهاية الفيلم، الذي نجح في إبراز علاقة الإنسان بالأرض والبيئة التي نشأ فيها، وتناغمه معها رغم قسوتها أحيانا، تموت جوي بينغ غرقا في قناة المياه، تاركة ما يو تييه منغمسا في حزن الفقد وألم الفراق.

“العودة إلى التراب”، للمخرج والسيناريست الصيني الشاب لي روي جون، هو فيلمه السادس. ومسقط رأسه كان موقعا لتصوير الفيلم، واستغرق تصويره عاما تقريبا، إذ يمكننا أن نرى تعاقب الفصول واضحا في المشاهد المختلفة.

الحوار قليل في الفيلم، فهو يعتمد أكثر على التمثيل والأحداث، وما أضفى عليه طابعا صادقا هو أداء أبطاله التلقائي، فالبطل الرئيسي للفيلم ليس ممثلا في الأصل، بل فلاحا، وكذلك بعض الممثلين. كما أن بطلة الفيلم، الممثلة خاي تشينغ، جسدت شخصية جوي بينغ ببراعة تفوق الوصف.

شارك فيلم “العودة إلى التراب” في فبراير في مسابقة مهرجان برلين السينمائي الدولي في دورته الـ72، وبدأ عرضه في الصين في يوليوز الماضي، وحقق نجاحا ساحقا.

وفقا لصحيفة “الصين” اليومية تَصدر فيلم “العودة إلى التراب” شباك التذاكر الصيني وتجاوزت إيراداته 80 مليون يوان صيني في يوم واحد، وبلغ عدد مشاهديه 2.28 مليون، وحصل على تقييم جيد من المشاهدين بلغ 9.2.

غيوم داكنة” محاولة وجدانية حول تأثير الحرب على البلاد والعباد

وسط حضور جماهيري مكثف قدم المخرج والممثل السوري أيمن زيدان بقاعة سينما “النهضة” فيلمه السينمائي “غيوم داكنة”، الذي سبق له نيل جائزة “الإبداع” في المهرجان اللبناني للسينما والتلفزيون بدورته الـ11 لعام 2022.

“غيوم داكنة” محاولة وجدانية عن تأثير الحرب على البلاد والعباد من خلال طبيب مهاجر أصر عند شعوره بدنو أجله على العودة إلى مسقط رأسه بريف حمص ليفارق الحياة رغم قساوة الوضع.

إنه فيلم يبرز مسألة الإحساس بالانتماء للوطن رغم الوجع والألم والخراب والدمار الذي أصاب أرواح البشر، والمتغلغل في تفاصيل المكان.

في فيلمه السينمائي الأول راهن أيمن زيدان على سرد بصري ينهض على الدمار الذي أصاب الأمكنة وتغلغل حتى أرواح البشر، بكاميرا تمسح الوجع، وتضع يدها على الجرح الغائر، من دون أن تهدأ، بل ترسم ملامح قرية متعبة، مع ما تبقى من أطلال بيوتها المدمرة، وحيطانها المتصدعة، ومقابرها التي لم تسلم بدورها من الدمار، وحقولها التي ودعت اللون الأخضر إلى غير رجعة، وكأن كل ما في هذه الجغرافيا جفت أوصاله، وبات ميتا أو في طريقه إلى الموت.

يوم التفاح” حكاية إيرانية عن القرابة والمحبة والمثابرة

يروي “يوم التفاح” للمخرج محمود غفاري، قصة الطفل “مهدي” الذي يبدأ مساره التعليمي بتعلم الأبجدية على يدي معلم له طريقته الإبداعية لتأصيل الحروف ودمجها مع الحياة اليومية.ولأن والده بائع تفاح، فقد كان واجبه المدرسي إحضار 23 تفاحة واحدة لكل زميل له في الفصل.

قد تبدو المهمة سهلة، لكنها تغدو صعبة عند سرقة سيارة النقل الخاصة بوالده، الذي أفلس، وهنا يظهر الأخ الأكبر “سعيد” ليكون البطل الذي يقوم بحمل مهمة أخيه الصغير على عاتقه، ويعمل على إتمامها.

وقال مخرج الفيلم محمود الغفاري إن العمل حكاية عن قرابة الدم والمحبة الأخوية والمثابرة، مشيرا إلى أن “يوم التفاح” يناسب جميع شرائح المجتمع وفئاته.

وأضاف أنه في هذا الفيلم يعبر عن رأيه وموقفه من الظلم الاجتماعي، خصوصا حول تردد الرجال في تحمل المسؤولية وكيف يديرون وجوههم عن حاجيات أطفالهم.

ويشارك في تمثيل الفيلم كل من آرين رستكار وجيلا شاهي ومهدي بور موسى وخداداد بخشي زادة وآخرين.

حكايات البيت الأرجواني”.. أي دور للفن؟

في فيلم “حكايات البيت الأرجواني” المخرج العراقي عباس فاضل يستكشف وزوجته اللبنانية الفنانة نور بلوق دولة متعددة الأوجه تبدو على شفا الهاوية، مسترشدين برؤيتهما، يحاول كل منهما، من خلال فنه، فهم جمال ومصاعب بلد كريم يكافح لإطعام أطفاله.

وقال المخرج: هل ينقذنا الفن؟ إنه السؤال الذي نحاول الإجابة عنه، بإيمان راسخ بقوة الصور كما تظهر سفينة نوح في أوقات الطوفان.

مهمة صعبة أمام لجنة التحكيم

وأمام هذه الأفلام الجيدة والقوية، ستكون مهمة لجنة التحكيم، حتما صعبة في تحديد الفيلم الفائز بالجائزة الكبرى للدورة الـ27.

وتتنافس الأفلام الروائية الطويلة المشاركة في المسابقة الرسمية للدورة الحالية على جائزة “الحسن الثاني” أمام لجنة تحكيم تتشكل من سبعة أسماء فنية وثقافية عالمية وازنة يرأسها الناقد الإيطالي كارلو أنطونيو جنتيلي، وتتشكل من الأكاديمي والمنتج الأمريكي ديفيد ماكيلوب والنجمة المغربية فاطمة خير، والفنانة السنغالية مديرة مهرجان داكار السينمائي فاتو جوبيتير توري، والمخرج النيجيري مايكل باريش والمنتجة والمخرجة الكندية فنيسا تاتجانا والمخرج الألباني بوجار أليماني كأعضاء.

ويعرض مهرجان الرباط الدولي لسينما المؤلف هذا العام 93 فيلما من 44 دولة في مختلف أقسام المهرجان، ويستضيف أزيد من 160 ضيفا من مختلف أنحاء العالم.

عن بيت الفن

شاهد أيضاً

“يارا” فيلم عراقي- لبناني شاعري للمخرج عباس فاضل

من أجمل الأفلام العربية الطويلة، التي عرضت ونوقشت مساء الثلاثاء 22 أكتوبر الجاري بسينما...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *