عللت لجنة نوبل اختيارها أني إرنو البالغة 82 عاما بما أظهرته من شجاعة وبراعة في اكتشاف الجذور والقيود الجماعية للذاكرة الشخصية…
بيت الفن
منحت الأكاديمية السويدية في ستوكهولم، أول أمس الخميس، جائزة نوبل للآداب للروائية الفرنسية أني إرنو، وهي كاتبة معروفة بمؤلفاتها ذات الأسلوب السهل الممتنع والمستوحاة من تجربة الطبقة والنوع الاجتماعي الشخصية.
وعللت لجنة نوبل اختيارها إرنو البالغة 82 عاما بما أظهرته من “شجاعة وبراعة في اكتشاف الجذور والقيود الجماعية للذاكرة الشخصية”.
وتركز إرنو بصورة كبيرة على أعمال السير الذاتية، وكان أول أعمالها كتاب “كليند أوت”(cleaned out).
وأشارت الأكاديمية لدى إعلانها عن الجائزة إلى “التأثير العالمي لعملها الذي يمكن أن يصل للجميع”.
وقال أمين عام الأكاديمية ماتس مالم إنه لم يتمكن من الوصول لإرنو هاتفيا قبل الإعلان عن فوزها.

وجرى اختيار الكاتبة الفرنسية، التي تكتب روايات واقعية، وعن الحياة اليومية، من قائمة تضم 233 مرشحا، لا يتم الكشف عن أسمائهم.
وقال النقاد في مراجعة لرواية “جيتينج لوست” لإرنو، نشرتها صحيفة الغارديان البريطانية الشهر الماضي إن الرواية “أصبحت نوعا من الأمر المقدس بالنسبة إلى العشاق: دليل لمساعدتهم في العثور على توازنهم عندما يشعرون مثل إرنو بالضياع في الحب”.
ووصفت إرنو فوزها بالجائزة بأنه “شرف كبير” وكذلك “مسؤولية كبيرة” أُعطيت لها للشهادة من أجل “الإنصاف والعدالة”.
وقالت للتلفزيون السويدي “أعتبر أنني أُعطيت شرفا كبيرا، وبالنسبة إلي في الوقت نفسه مسؤولية كبيرة، وهي مسؤولية أُعطيت لي من خلال منحي جائزة نوبل”. وأضافت “يعني ذلك إعطاء شهادة عن شكل من أشكال الإنصاف والعدالة في ما يتعلق بالعالم”.
وقد وضع الكثير من النقاد والمراهنين إرنو في مرتبة موالية مباشرة للكاتب الفرنسي ميشال ويلبك، لكن كتاباتها كانت “كتابة ذات حدة نادرة”، وهي كتابة “عالمة أنثروبولوجيا ذاتية”، حتى أن الكثيرين قارنوها بمارسيل بروست.
وكان للظروف الحياتية للكاتبة التأثير الكبير على أعمالها، وقد كتب الشاعر والمترجم اللبناني إسكندر حبش أن “إرنو دون أدنى شك تبدو اليوم واحدة من أكثر الروائيات الفرنسيات حضورا وأكثرهن شهرة على الساحة الأدبية الفرنسية المعاصرة، فكل كتاب من كتبها لا بدّ وأن يسيل الكثير من الحبر والمتابعات الصحافية والنقد. ربما يعود ذلك إلى موضوعاتها التي تتقاطع مع سيرتها الذاتية. هذه السيرة التي بدأت عام 1940 في مدينة ‘ليلبون’ (السين ماريتيم)، حيث نشأت في كنف عائلة متواضعة، في ‘إيفتو’ (منطقة النورماندي)”.
وأضاف حبش أن كتابة إرنو مينيمالية (تبسيطية) “تتركز عبر سبر أغوار الحميمي، أكان ذلك عبر شكل الرواية ‘الأوتوبيوغرافية‘ (السيرة الذاتية) أو عبر شكل اليوميات، إذ تخلت عن كتابة القصة المتخيلة التقليدية، لتركز على تلك الرواية المستمدة أحداثها من سيرتها، حيث تتقاطع فيها التجربة التاريخية مع التجربة الفردية. من هنا أصبحنا نجد أن كلّ رواية من روايات الكاتبة الفرنسية إرنو، تدور حول ‘تيمة‘ معينة. ففي كتاب ‘امرأة‘، (ترجمته إلى العربية الشاعرة المصرية هدى حسين، مثلما ترجمت لإرنو العديد من الكتب الأخرى)، تتحدث الكاتبة عن أمها، وعن الانتظار العاشق في كتاب (شغف بسيط) وعن الإجهاض في كتاب (الحدث)، الخ… عبر لغة خالية من تزيين أسلوبي”.
ويحصل الفائزون بجائزة نوبل في كل فئة على ميدالية وعشرة ملايين كرونة سويدية (حوالي 911400 ألف دولار)، تتم مقاسمتها في حالة فوز أكثر من شخص.
فاز بالجائزة العام الماضي الكاتب المولود في تنزانيا عبدالرزاق قرنح الذي تركز أعماله على محنة اللاجئين وعلى الاستعمار والعنصرية.
وباتت إرنو التي كان اسمها مطروحا منذ سنوات للجائزة المرموقة، المرأة السابعة عشرة التي تحصل عليها، من أصل ما مجموعه 119 فائزا بفئة الآداب منذ منح جائزة نوبل الأولى عام 1901. كذلك أصبحت الفائز الفرنسي السادس عشر في تاريخ نوبل.
ومن بين المقترحات والطلبات المباشرة التي تلقتها أكاديمية ستوكهولم قبل الصيف، تم اختيار خمسة أسماء من قبل المحلفين في أكتوبر، وفقا للقواعد المعمول بها. ولم تكشف الأكاديمية السويدية عن أسماء المؤلفين النهائيين.
وأكدت مصادر متعددة أن الشاعر أدونيس، الاسم المستعار للشاعر العربي من أصل سوري علي أحمد سعيد، أو الروائي الإنجليزي من أصل هندي سلمان رشدي، كانا جزءا من القرعة.
وتعهدت الأكاديمية السويدية في السنوات الأخيرة بجعل الجائزة أكثر تنوعا، بعد فضيحة تندرج إطار موجة “مي تو” شهدتها عامي 2017 و2018 أحدثت هزة قوية فيها وتسببت في تأجيلها لدورة واحدة.
وتتسلم إرنو جائزة نوبل من الملك كارل السادس عشر غوستاف خلال احتفال رسمي يقام في ستوكهولم في العاشر من دجنبر المقبل تزامنا مع الذكرى السنوية لوفاة العالم ألفرِد نوبل عام 1896 الذي أنشأ الجوائز في وصيته الأخيرة.