قناة الأمازيغية

التلفزيون الذي ضاق منه خاطرنا..قناة الأمازيغية نموذجا

استنادا إلى تحليل مقارن لنتائج طلبات العروض المعلن عنها من طرف الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية ما بين 2015 و2020، والمتعلقة بالقناة الأمازيغية لوحدها، يلاحظ أن ست شركات تتقاسم الحصة الكبرى من الإنتاج الخارجي للقناة، وهاته الشركات هي..

عمو صالح

لم تعد أرقام وصف حالة مشاهدة البرامج بقنوات الإعلام العمومي، قادرة على الاقناع لما طالها ويطال صدقية إحصاءاتها من شكوك، بدءا من العينات المعتمدة، إلى ترابط مصالح الإعلام بالإعلان، وبالتالي فحرب الأرقام لا طعم لها، على غرار نسبة كبيرة من البرامج المتسمة بالضعف والشحوب وفقر الدم، ومع ذلك اكتسبت المناعة أمام مختلف الأصوات الداعية إلى تشخيص وعلاج داء الرداءة التي ابتلت به قنوات القطب العمومي، وكأن لا أحد في مقدوره إخراج هاته المؤسسات من وضعها التعيس، ولعل شعار “ارحل” المعبر عنه من طرف رواد مواقع التواصل الاجتماعي في وجه المسؤول الأول عن الشركة الوطنية، يعكس حالة الغضب الشديد للمشاهدين ويأسهم من أدنى مبادرة للإصلاح، تجعلهم يقولون أن هذا المسؤول أو ذاك أدى المطلوب منه في الحد من حالة العبث، وأن هناك مؤسسات تقيم أداءه، وتفحص الكيفية التي تدار بها طلبات العروض والتدقيق مدى اعتمادها مبدأ المنافسة الشريفة والشفافية في انتقاء البرامج. وبإمكان أي مؤسسة دستورية كالبرلمان أو المجلس الأعلى للحسابات أو وزارة الاتصال، الرجوع إلى طلبات العروض المنجزة منذ دخول دفاتر التحملات إلى حيز الوجود، لتستنتج بكل بساطة أسماء شركات بذاتها وصفاتها معدودة على رؤوس الأصابع، هي من يحتكر عملية الإنتاج برمتها، بما فيه التمديد من طرف مسؤولي القناة لبعض البرامج بدون سند قانوني أي أكثر من ثلاث مرات.

وعلى سبيل الحصر لا القصر نسوق قناة الأمازيغية كنموذج، وهكذا سنجد بأن أربع شركات للإنتاج التلفزي تستحوذ على 50 في المائة من الميزانية الإجمالية التي تخصصها القناة لشبكة برامجها، وذلك على مدار ما يفوق عقدا من الزمن، فاستنادا إلى تحليل مقارن لنتائج طلبات العروض المعلن عنها من طرف الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية ما بين 2015 و2020، والمتعلقة بالقناة الأمازيغية لوحدها، يلاحظ أن ست شركات تتقاسم الحصة الكبرى من الإنتاج الخارجي للقناة، وهاته الشركات هي كالتالي: (إم. برود، أغلال، سبيكطوب، وردة فيزيون)، التي استحوذت خلال الفترة المذكورة على 50 في المائة من ميزانية الإنتاج، فيما هيمنت (هيد لايت، تازيري، يان برود)، على 30 في المائة من الميزانية ذاتها. فيما تتوزع 20 بالمائة على شركات أخرى فيما بينها بشكل متفاوت وليس بشكل قار كما هو الحال بالنسبة للشركات المذكورة، التي حقق بعضها خلال الفترة نفسها مبالغ مالية طائلة تتراوح قيمتها ما بين 25 و30 مليار سنتيم.

لا بقع رمادية في الأخلاق.. لا منطقة تتوسط بين الأبيض والأسود، وعليه سندع المعطيات تتحدث عن نفسها، وللقارئ أن يستنتج، من خلال عودته إلى نتائج طلبات العروض المعلن عنها خلال السنوات السابقة ويمكن الرجوع حتى إلى المرحلة الأولى لتأسيس القناة الأمازيغية حتى يوم الناس هذا للتأكد مما أشرنا إليه سلفا. كما وجب التنبيه إلى أن الشركات المذكورة استفادت وتستفيد بصيغة قانونية من عملية التمديد لبعض البرامج التي هي في حوزتها، وتنص دفاتر تحملات الشركة الوطنية على أن لا تتجاوز مدة التمديد ثلاث سنوات، لكن إدارة القناة تتجاوز المدة المنصوص عليها قانونا، إلى ترخيص دائم لبعض البرامج التي لا تخضع بالمرة ولو شكليا لطلبات العروض، ومن نماذج ذلك السهرات، فمنذ سنة 2010 إلى الآن، ظلت شركتان تتقاسمان برامج السهرات بمعدل 17 حلقة لكل شركة، تتناوبان في بثها، وتصل القيمة المالية للحلقة الواحدة، إلى 30 مليون سنتيم، أما الشركتان المستفيدتان من هاته الكعكة، فهما : “سبيكطوب” و”يان برود”. هاته الأخيرة تستفيد من برنامجين سنويين على طول السنة وينضاف إليها واحد في رمضان، ديني أو وثائقي، كما هو الحال لـ “وردة فيزيون”.

كما ظلت شركة “إم. برود”، تحتكر منذ 2010 إلى اليوم برنامج “تينوبغا”، بمعدل 200 حلقة في السنة الواحدة، هذه الشركة والتي تحظى بعناية خاصة من طرف إدارة القناة، وقعت 8 عقود خلال سنة 2020 تتعلق بالبرامج الرمضانية فقط دون الحديث عن الموسم الحالي، وتعادل قيمتها الإجمالية مليار ونصف، ففي المعدل العام تحصل “إم. برود” على ثلاث مواد إعلامية في السنة ويتم تمديدها في السنة الموالية كـ “تيماوايه، و”تيمزورة” الخ، وتجني من خلالها ما بين 600 و700 مليون سنتيم للحلقة الواحدة، ونظرا لتراكم ما بحوزتها من برامج، فضلا عن اشتغالها في مجال الدبلجة، فإنها لم تعد قادرة على إنجاز بعض البرامج التي وقعت بخصوصها عقدا مع القناة الأمازيغية سنة 2020، ويتعلق الأمر ببرنامج للأطفال كان مدرجا في الشبكة المخصصة لشهر رمضان من السنة الماضية، لكنها لم تباشر عملية تصوير حلقاته إلا في الربع الأخير من السنة الجارية ولا من حسيب ولا رقيب، والسبب طبعا أن الشركة المعنية مهتمة بإنتاج برامج أكثر قيمة مادية مقارنة ببرنامج للأطفال. والتي بفضلها استطاع المشرف عليها التحول من مصور لحفلات الأعراس إلى ملياردير، يملك اليوم أفخم العقارات ببعض الأحياء الراقية بمدينة الدار البيضاء، آخرها شراء مقهى بالفضاء التجاري “مول” مارينا، ومقهى “تيجيفي” قرب محطة القطار الدارالبيضاء مسافرين، وسياتي الوقت للحديث عن مظاهر النعمة التي بدت على بعضهم من شقق بكل من تطوان ومراكش، وضيعات التمور بتافيلالت وهلم جرا من نماذج.

وعليه فأرقام نسب المشاهدة لا تهم، وحدها أرباح الريع هي التي تهم، وقناة الأمازيغية مجرد فاتحة، وسيأتي الدور على القناة الأولى والثانية وقناة العيون، الخ… وعلى ضوء ذلك يمكننا تقييم الحصيلة على مستوى المضامين، الجيد منها والرديء، لنخصل إلى القيمة المضافة لقنوات لا نقول بأنها ولدت ميتة إلى أن نثبت ذلك أو العكس، دون إغفال عدد الشركات التي تعرضت للإفلاس، وعدد التقنيين الذي هاجروا إلى بعض بلدان المشرق العربي، كالسعودية وقطر والإمارات وأثر ذلك على جودة الإنتاج، هذا فضلا عن التحاق نسبة مهمة من خريجي المعهد العالي للتنشيط الثقافي والمسرحي نحو الإمارات لتدريس الفن المسرحي بالمدارس والثانويات، خاصة فوج 2019 وفوج 2020، حتى نرسم صورة أوضح لمشهدنا التلفزيوني، بوضع الأصبع على مربط الفرس.

عن بيت الفن

شاهد أيضاً

محمد عبد الرحمن التازي

“السينما لغتنا المشتركة”.. شعار المهرجان الدولي لأفلام حقوق الإنسان

يشارك في المسابقة الرسمية للدورة الجديدة 16 فيلما تتبارى على ثلاث جوائز أمام لجنة تحكيم …