بيت الفن
قبل انصراف عام 2020 بيومين، انطوت صفحة في تاريخ الموضة العالمية مع وفاة المصمم الفرنسي بيار كاردان عن 98 عاما بعدما طبع العصر بتصاميمه الاستشرافية ومخيلته الخصبة التي استخدمها في تقديم منتجات متنوعة تحمل اسمه.
وفارق المصمم المولود لمهاجرين إيطاليين ورجل الأعمال المعروف عالميا، الحياة صباح يوم الثلاثاء 29 دجنبر 2020 في المستشفى الأمريكي في منطقة نويي غرب العاصمة الفرنسية، حسب ما أعلنته عائلته لوكالة فرانس برس.
وكتبت العائلة في بيان “إنه يوم حزين للغاية لعائلتنا جميعا، بيار كاردان رحل. لقد عبر المصمم الكبير القرن تاركا لفرنسا والعالم إرثا فنيا فريدا لم يقتصر على الموضة”.
وسبق بيار كاردان كثيرين في فتح “زاوية” لتصاميمه داخل متجر كبير وتقديم عروض أزياء رجالية. كما اعتمد على نطاق واسع نظاما للتراخيص كان يوفر له قدرة على الانتشار في أنحاء العالم، واضعا اسمه على منتجات متنوعة تشمل ربطات العنق والسجائر والعطور والمياه المعدنية.
وقال كاردان في تصريحات سابقة “هدفي كان الشارع، أن يكون اسمي وابتكاراتي في الشارع. لم أكن مهتما كثيرا بالمشاهير والأميرات. كنت أحترمهن وأتناول العشاء معهن لكني لم أكن أتخيل فساتيني عليهن “.
وكتب المصمم جان بول غوتييه عبر تويتر “بيار كاردان نجح طيلة حياته في خط مسيرة جميلة كان خلالها مصمم أزياء وسفيرا لفرنسا وعضوا في الأكاديمية (الفرنسية للفنون الجميلة) ومحسنا. شكرا سيد كاردان لأنك فتحت أمامي أبواب الموضة وجعلت حلمي قابلا للتحقق”.
من ناحيته، قال المصمم جان شارل دو كاستيل بال جاك لوكالة (فرانس برس) إن “بيار كاردان كان رجلا استثنائيا. لم يكن هناك قيود على الإبداع لديه أو حدود بين الموضة والتصميم والهندسة. هو شكل محفزا لمخيلتنا”.
وأضاف دو كاستيل بال جاك وهو مصمم الأزياء والمدير الفني لماركة “بينيتون”، “لقد وجدت في بيار كاردان هذه الفكرة بأن التسويق والترويج وطريقة نشر الفن توازي بأهميتها الفن ذاته، من دون أي خوف من نظرة الآخرين”.
بدأ بيار كاردان مسيرته المهنية لدى خياط في مدينة سانت إيتيان في وسط فرنسا، قبل الانتقال سنة 1945 في باريس حيث عمل خصوصا لدى باكان وسكاباريلي قبل الانضمام إلى دار كريستيان ديور، لينشئ بعدها داره الخاصة.
وكان النجاح حليفه منذ البدايات، خصوصا مع فساتينه المستديرة عند الوسط. واعتمد في ذلك خصوصا على تصاميمه الاستشرافية، على غرار مصممين آخرين من أمثال أندريه كوريج وباكو رابان.
وقال كاردان يوما “الملابس المفضلة لدي هي تلك التي أخترعها من أجل حياة غير موجودة، أي عالم الغد”.
وقد ظهرت القدرات الاستشرافية لدى المصمم الفرنسي بعدما كان من أوائل المتجهين شرقا نحو آسيا حيث كان يحظى بشهرة كبيرة. وهو قصد سنة 1957 اليابان في أوج مرحلة إعادة الإعمار بعد الحرب العالمية الثانية، كذلك نظم عروض أزياء في الصين بدءا من 1979.
وحقق كاردان ثروة من خلال اعتماد نظام التراخيص القائم على منح شركة أخرى الحق في صنع منتجات تحمل اسمه مقابل مبالغ مالية ضخمة.
غير أن هذا التنوع الزائد حقق نتائج متفاوتة. ففي مقابل انتشار اسمه على نطاق أوسع، انعكس ذلك أيضا تشتتا في هوية بيار كاردان ما استدعى انتقادات من مصممين آخرين.
وخصص معرض استعادي كبير له نهاية العام الماضي في نيويورك، في خطوة أراد منظموها أن يحيوا من خلالها جرأة بيار كاردان ونظرته الاستشرافية التي جعلته أول مصمم يدخل أكاديمية الفنون الجميلة في فرنسا.
وعلق الأمين الدائم للأكاديمية لوران بيتيجيرار على وفاة بيار كاردان، واصفا إياها بأنها “خسارة كبيرة جدا لنا”.
وعرف كاردان بدعمه للمواهب الجديدة، وهو أطلق في 1993 جائزة تحمل اسمه لتكريم المصممين الشباب دون سن 35 عاما.
وهو اشترى في منطقة لاكوست في جنوب فرنسا آثار قصر من القرن الحادي عشر عاش فيه الفيلسوف والروائي الفرنسي ماركي دو ساد. كما خاض مجال الاستثمارات العقارية في المنطقة التي كان يحلم بجعلها “سان تروبيه الثقافة”، في إشارة إلى المنطقة الساحلية الشهيرة في الريفييرا الفرنسية، ما أثار غضب جزء من السكان.
ويعود آخر ظهور علني له إلى شتنبر المنصرم لمناسبة عرض وثائقي عن مسيرته في مسرح شاتليه في باريس، بحوضر حوالي 1500 مدعو وقفوا طويلا للتصفيق له.
وعلقت المغنية الفرنسية ميراي ماتيو على رحيل كاردان، قائلة لـ(وكالة فرانس برس) “أنا حزينة للغاية لأننا كنا صديقين منذ بداياتي في 1965. لقد ألبسني” و”صمم أجمل الفساتين التي ارتديتها على المسرح”.
ووجهت عارضة الأزياء السابقة كارلا بروني عبر “إنستغرام” تحية إلى المصمم الراحل كتبت فيها “سيد بيار كاردان، لقد رحلت لتنضم إلى جان وبعض الملائكة”، في إشارة إلى الممثلة جان مورو التي عاش معها كاردان قصة حب استمرت أربع سنوات.