ليلى سليماني

صدور النسخة العربية من “أغنية هادئة”

بيت الفن

تواكب الكاتبة الفرانكومغربية ليلى سليماني في روايتها “أغنية هادئة” التي فازت بجائزة غونكور 2016 وصدرت ترجمتها العربية، أخيرا، تداعيات تفشي ظاهرة المربيات المستأجرات في المجتمع الفرنسي بوصفه نموذجا لمجتمعات حديثة حيث تشخص حالة النساء اللائي يتكفلنَ برعاية الأطفال الذين عندما يشبَون عن الطوق لا يتعرفون عليهن، كأن بالكاتبة تشير إلى نوع جديد من العمال وهم مغْتَربون بما ينتجونه، وهذا يبدو واضحا حين تتحدث صاحبة “في حديقة الغول” عما تتخيله بعض المربيات التي كلما صادفن مراهقين ربينَهمْ لما كانوا صغارا بأنهم يعرفونها لكن الخجل هو ما يمنع التواصل بين الطرفين.

لا يمكن توصيف ما تستهل به الرواية، حسب الناقدة كه يلان محمد إلا بأنه صادم لأن المشهد الذي يصور مسرح الجريمة يأتي مناقضا مع ما يوحي به العنوان، إذ ما تراه يذكرك ببدايات أفلام الجريمة التي يغيب فيها الحوار، وتنقل لك الكاميرا صور سيارات الإسعاف ورجال الشرطة وأشرطة تعزل مكان الحادث عن المارة تمهيدا لإجراء التحقيقات.

تبدأ رواية ليلى سليماني على هذا المنوال أيضا حشد من الناس ومقتل طفلة ونقل أخيها إلى المستشفى، فالأخير يعانى ضيقا في التنفس، والأم في حالة الإغماء ومن ثم يتوالى عرض الظروف التي اختارت فيها الأسرة لويز مربية لطفليها إذ أتصل بول بمشغلتها السابقة لمعرفة المزيد عن شخصية المربية، يبدو أن ما يسمعه والد الطفلين مشجعا فعلا أن تعامل المرأة مع (ميلا، آدم) يفيض بالمودة وتملأ ما يتركه غياب مريم من الفراغ العاطفي، فالأخيرة قررت مزاولة العمل عقب لقائها بزميلها الجامعي باسكال وتجاذبا أطراف الحديث وتلقيها رسالة نصية منه بعدما عرفت بأن باسكال تدير مكتبا للمحاماة مبديا استعداده لمناقشة فكرة عودة زميلته إلى العمل إن هي لديها رغبة في ذلك الأمر.

وجدت مريم في عرض باسكال فرصة للخروج من رتابة حياتها العادية سرعان ما انغمست في تفاصيل عملها، أحيانا تقتضي طبيعة العمل بأن تغادرَ البيت للاحتجاج على قرار اعتقال أحد المتهمين، وبذلك تطول أوقات العمل ما يجعل اللقاء بينها وبين زوجها بول أمرا نادرا فهو بدوره يقضي جل وقته في استديوهات ملبيا مطالب المغنيين في تسجيل الأصوات وتوزيع الموسيقى، لذا تنظم المربية شؤون البيت بل تعوض الوالدين في حضور الاجتماعات المدرسية، تقوم لويز حتى بما ليس ضمن لائحة واجباتها، ويذيع صيتها كطباخة ماهرة بين أصدقاء بول، على الرغم من توبيخ مديرة مدرسة (ميلا) لمريم متهمة الآباء والأمهات بالإهمال كما حملتها حماتها مسؤولية مرض الابنة، غير أن كل هذا لم يَعدْ يؤثر على مسار المحامية النشيطة.

لكن بجانب الهدوء الذي يسود عالم أسرة (بول ومريم) حيث ساهمت لويز في بنائه ثمة عالم آخر مشحون بالتوتر والتوجس من تضخم المشاكل تتداعى أركانه يوما بعد اليوم هذا هو شكل الحياة الخاصة للمربية لويز.

إذا يتنقل الراوي العليم الذي هو وجه آخر من الذات الكاتبة بين حيوات لويز، ويستبطن سرائر شخصيتها.

إضافة إلى ذلك يمتاز أسلوب الكاتبة بالتناوب بين المشاهد بحيث لا يسترسل السرد في رصد موقف معين إنما يتحول من مشهد إلى آخر بعدما يصحَبك الراوي في رحلة أسرة (بول) إلى اليونان برفقة المربية والاستجمام.

ويحسب للكاتبة دقة الاختيار للموضوع ومن ثم أبانت مشكلة لم يسبق لغيرها مقاربتها بهذا الأسلوب المكثف والمشوق، كما برعت الكاتبة في توزيع مادتها بطريقة تولد فائضا من المتعة أثناء قراءتها.

عن بيت الفن

شاهد أيضاً

ليلى السليماني تعتزل مواقع التواصل الاجتماعي

أعلنت الكاتبة المغربية المقيمة بفرنسا، ليلى السليماني، اليوم الثلاثاء 20 أكتوبر 2020، أنها قررت...