سماء أخرى

“سماء أخرى” مأساة إنسانية كونية تتكرر في كل المجتمعات

مسرحية مستلهمة بكل حرية من “يرما” تمثل المغرب في مهرجان المسرح العربي

بيت الفن

تحتضن المملكة الأردنية الهاشمية خلال الفترة الممتدة من 10 إلى 16 يناير الجاري، فعاليات مهرجان المسرح العربي للمرة الثانية، بمشاركة 15 عرضا مسرحيا من مختلف الدول العربية، 9 منها تتنافس لحصد جائزة الشيخ سلطان القاسمي لأفضل عمل مسرحي عربي، و6 في مسار المهرجان غير التنافسي.

ويشارك المغرب في الدورة الـ12، التي تنظمها الهيئة العربية للمسرح، بـ3 عروض مسرحية واحد منها في المسار غير التنافسي للمهرجان ويتعلق الأمر بمسرحية “سماء أخرى” لمسرح أكون المستلهمة بكل حرية من مسرحية “يرما” للكاتب الإسباني فيديريكو غارسيا لوركا.

عن هذه المسرحية، يقول المخرج محمد الحر، الذي توج أخيرا بجائزة الإخراج من أيام قرطاج المسرحية، “تبتعد أحداث مسرحية (سماء أخرى) المستوحاة بكل حرية عن مسرحية (يرما) للكاتب الإسباني  فيديريكو غارسيا لوركا، عن إسبانيا القرن الماضي لتستقر في بيت حديث في ضواحي مدينة الرباط اليوم، حيث تتخذ بطلتنا من فناء مسكنها البورجوازي استديو للتصوير نزولا عند رغبة زوجها، الذي يرفض عملها خارج المنزل. تعمل البطلة فنانة فوتوغرافية لا تستطيع خلق الحياة في صورها الجامدة بينما يعمل زوجها مهندسا مشهورا، لكنه لا يستطيع خلق بيت وأسرة .

ورغم زواجهما منذ سنوات، لا يتمكنان من إنجاب أي طفل. و مع ذلك  لا تفقد الزوجة الرجاء وتحاول بكل السبل الحصول على طفل دون ان تخون زوجها رغم إعجابها بصديق طفولتها. كل شيء يدور بينهما من خلال الصمت. وشيئا فشيئا يصبح البيت صحراءا من الصمت، وتنفسح الفجوة بينهما ليصبح كل منهما غريبا في بيته. غربة تدفع يرما نحو التمرد والقتل.

ويؤكد الحر أن “سماء أخرى” مسرحية إنسانية كونية تتكرر في كل المجتمعات، هي مرآة عاكسة لوجع كل امرأة تعيش في غربة روحية، هي محاولة لرسم عزلتنا اليوم في مجتمع يسجننا في قوالب جاهزة ترفض كل اختلاف و كل ابداع جديد”.

وعن التصور الإخراجي للمسرحية يوضح الحر “بأننا نحتاج  اليوم إلى توليد كتابتنا المشهدية وأجوبتنا الخاصة على هذا الكم الهائل من القلق، الذي يسكن الانسان المعاصر. هذا يعني أننا  بحاجة إلى قراءة النصوص الكلاسيكية التي بإمكانها ان تمنحنا منظارا حيا يتجاوب مع أسئلة عصرنا. ويرى الحر أن محرك المسرحية يكمن في كونها لا تتحدث فقط عن امرأة حكم عليها بالعقم، بل عن إنسان يائس يصبو لأن يكون محبوبا. فالحديث عن العقم هنا يصبح، حسب الحر،رمزيا بامتياز، ويمكن أن يجعل من أي فرد يرى أحلامه موءودة، انسانا مختلا وخطرا على الاخرين.

ويبرز الحر في حديثه عن التصور الإخراجي للمسرحية “أن المقترح النصي والإخراجي يبحث عن البساطة والتكثيف الرمزي من خلال الصمت الممتلئ ومن خلال توليفة متماسكة بين الصورة والضوء والديكور والأزياء والموسيقى، في حكاية واحدة لها القدرة على التفجر في الفضاء”. ويضيف “يختار التصور الإخراجي هنا الاعتماد على شاعرية الجسد والصورة للتعبير عن الأفكار المسطرة في المتن النصي، بالعمل على تجريده من نزعته الإسبانية، لنجعله حاضرا في الرباط المعاصرة، ونجعل شخصياته، رجالا ونساء، أناسا يمكن مصادفتهم في أي مكان من المدينة.

وفي حديثه عن التصور السينوغرافي، يؤكد (الحر) أنه اختار  العمل على البساطة والتكثيف والتجريد باستغلال رموز عديدة (الماء، التراب، المهد، الجدران، آلة التصوير التي تصبح سلاحا..).على الخشبة، الفناء الداخلي لڤيلا بورجوازية أصبح استوديو للتصوير ليرما. أرضية كبيرة تمتد متسعة حتى مقدمة الخشبة ممتزجة بحوض مائي طويل بينما يحدها جداران في الخلف.

على الحوض مباشرة، آلة تصوير احترافية تفتح أمامنا إمكانيات جمالية عديدة لزرع اسقاطات سينمائية على جدران هذا الفضاء الحميمي، الذي يصبح فيه البيت والوطن سجنا مفتوحا.  فضاء مفتوح ومغلق في الوقت نفسه، لا يؤثث عريه سوى مجموعة من التفاصيل الحديثة والمكثفة التي تتضمن احتمالات جمالية و دلالية متعددة. هو أقرب إلى فضاء ذهني، متخيل، فضاء امرأة مسجونة داخل العنف المديني، وداخل رغبتها نفسها. أما الملابس فتنحو بدورها الى نفس الاختزال والتكثيف الشعري. ملابس حديثة تجاور الواقعي والفنتازي. ملابس تسمي الشخصيات وتفضح نفسياتها أيضا، إنها ملابس وظيفية ورمزية في الآن نفسه.

يشار إلى أن “سماء أخرى” دراماتورجيا وإضاءة إخراج محمد الحر، وتشخيص: جليلة التلمسي، هاجر الحامدي، سعيد الهراسي وهاشم بسطاوي، سينوغرافيا: مصطفى العلوي، ملابس: اسلام نبيل، تصميم الصوتيات والمرئيات:يوسف المكي، إدارة الخشبة: مصطفى العلوي، المحافظة العامة: عمر زاهيد، تقني صوت و فيديو: سفيان واكريم.

عن بيت الفن

شاهد أيضاً

ملكات

القاعات السينمائية تعرض “ملكات” ياسمين بنكيران ابتداء من 17 ماي 2023

فيلم سينمائي مغربي جديد من بطولة نسرين الراضي وجليلة التلمسي يرصد رحلة هروب مثيرة لسيدتين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *