بيت الفن
شاءت العادة أن يحتفل المركز السينمائي المغربي مع صناع السينما الوطنية باليوم الوطني للسينما كل يوم من 16 أكتوبر، غير أن الاحتفال هاته السنة أخلف موعده، ربما لانشغالات المركز بالإعداد لمهرجان مراكش الدولي، الذي يراهن عليه هاته السنة ليقدم في حلة جديدة، أو لأن الإشكالات والقضايا الكبرى استنفدت النقاش، كما أن سؤال الحصيلة قدم بمناسبة مهرجان طنجة الوطني في نسخته الأخيرة، وظلت الوزارة التي كانت وصية على القطاع تردده بمناسبة وغير مناسبة، وبالتالي لا داعي للاحتفال إذا كان هذا الأخير سيعيد أسئلة مكرورة.
هذه مجرد احتمالات، ومع ذلك فإن خير طريقة للاحتفال هو التفكير في مشاكلنا، كما قال لينين ذات زمان، ومشاكلنا من المساءلة الإبداعية لمنتوجنا السينمائي، مرورا بالبناية السينمائية، إلى وضعية شتات غرف المهنيين وضعف قوتها الاقتراحية، لكونها ربما تعبر عن أشخاص أكثر ما تعبر ذوات جمعية، أو لعدم إقبال المنتجين والمخرجين والفنانين والتقنيين على الانخراط في الغرف والنقابات الفنية، التي هي بقدر تواجدها بالكثرة والزيادة عن اللزوم، بقدر ما تشتغل كجزر معزولة عن بعضها، هذا إذا كانت تشتغل؟
هو مجرد سؤال لا نود من خلاله التعميم أو عقد المقارنة، في غياب معطيات وبرامج يتم التواصل حولها مع المعنين عبر وسائل الاعلام. وبالتالي لا يمكن توجيه اللائمة للمركز السينمائي المغربي في كل محطة، إذا كانت هاته الإطارات قاصرة أو مقصرة في القيام بمهامها، أو تنقص برامجها النجاعة والفعالية. وهو ما يستدعي انفتاح هاته المنظمات على بعضها البعض، وتقييم أداءها، والبحث عن صيغ لتوحيد برامجها عبر صيغة مرنة، تحافظ لكل إطار عن استقلاليته وفي الوقت نفسه تشكيل هيئة تنسيق أو فيديرالية. يكون من مهامها البحث عن خلق نوادي بالبحث عن عقارات وموارد مالية، تسهم في توفير فضاءات للقاء، للتواصل، للترفيه، للتفكير بما يليق بالأسر السينمائية، ولو على الأقل بالبيضاء والرباط وطنجة، ومراكش ووارززات.
نقول هذا لأن سؤال السينما ليس فقط تنظيم المهن، لكنه أيضا وسائل وإمكانيات وفضاءات مفعمة بالحياة، بالثقافة، تشكل جسرا بين الفنانين والكتاب والأدباء والمبدعين والنقاد، فضاء يتوفر على قاعة للعرض ورواقا للمعارض الفنية، وقاعة للندوات، ومقهى ومطعم، توفر له مداخيل للتسيير والتنشيط، وبأن تكون المكتبة السينمائية حاضرة في قلبه، تمد الفضاء ويمدها بالانتعاش، مما قد يعطي زخما للحركة النقدية، ويعطيها زخما للانتشار، تحاور أعمال الفنانين وتتذوقها، وتقربها من القارئ والمشاهد، طبعا خارج العلاقات الشلالية والمجاملات، التي قتلت في أيامنا هاته روح النقد.
هي قضايا كثيرة، لا يتسع لها المقام، غير أن هناك نقطة تظل في باب المسكوت عنه، ويتعلق الأمر بالسينماتيك الوطنية، التي اختير مارتن سكور سيزي السنة الماضية عرابا لها، واختيرت لها المخرجة نرجس النجار مديرة لها وبراتب محترم وتعويضات محترمة أيضا، أما آن الأوان لتقييم هاته المؤسسة، ما هي برامجها؟ ما هي أدوارها؟ كيف يتم تدبير شأنها ووفق أي ميزانية؟ ما دورها التنشيطي في الحياة السينمائية؟ لماذا كل هذا الخمول؟ ألا تتوفر على وسائل تكنولوجية تسعفها للتحرك بعيدا عن شارع المجد، في اتجاه الجامعات والثانويات والقاعات السينمائية والقوافل السينمائية أيضا وفق برمجة مدروسة ومحددة الأهداف من تحبيب السينما للناشئة والشباب إلى تحسيس الطلاب والباحثين بأهمية رصيدها من الأفلام؟ أليس في مستطاعها أن تخلق حدثا بسيطا؟
أسئلة لا نبتغي من وراءها التحامل على مخرجة نحترمها، لكن لا نقبل لها بأن تكون مجرد موظفة شبح وهي المرشحة في الكواليس لخلافة المدير الحالي.
هي مجرد ملاحظات حول جزء من سمات مشهدنا السينمائي أكثر منه تشخيصا واجتراحا وتحليلا لواقعه، هي فقط ملاحظات للتفكير بمناسبة العيد الوطني للسينما، حتى لا نقول عواشر مبروكة و(سدينا).