السينما الأسترالية

مهرجان مراكش الدولي للفيلم يحتفي بالسينما الأسترالية

بيت الفن

تحل السينما الأسترالية، ضيف شرف المهرجان الدولي للفيلم بمراكش في دورته الثامنة عشر، المنظمة خلال الفترة بين 29 نونبر و7 دجنبر 2019، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.

وستحتفل دورة هذه السنة كسابقاتها بفنانين وبأفلام من جميع أنحاء العالم “لتشكل بذلك لقاءا مهما وشعبيا للسينما العالمية” حسب بلاغ للمنظمين.

ويواصل المهرجان خلال النسخة الجديدة، أحد تقاليده، التي بدأت في 2004 لتكريم السينما العالمية من خلال تسليط الضوء على بلد وتعبير سينمائي فريدين، حيث يكرم المهرجان السنة السينما الأسترالية التي تعتبر من بين الأقدم في العالم، إذ أنتجت أول فيلم روائي طويل في التاريخ، ولديها العديد من الأعمال الرائعة، التي جالت جميع أنحاء العالم، مثل “داد كالم” و”موغييل” و”بالروم دانس” و”أنيمال كينغدام”، بالإضافة إلى أفلام حققت نجاحا مبهرا في شباك التذاكر مثل “ماد ماكس” و “كروكوديل داندي”.

وأضاف البلاغ أن المناظر الطبيعية للسينما الأسترالية موجودة بقوة في العديد من الإنتاجات العالمية، وأماكن ملهمة ذات روح وحضور قوي على الشاشة، مثل آيرز روك الأسطورية، والصحاري المليئة بالحياة التي لا نهاية لها، والغابات الغامضة والموحشة، بالإضافة إلى أن أستراليا، أنجبت مجموعة من مواهب هوليود التي منحت السينما الأنجلوسكسونية العديد من النجوم الكبار، مثل نيكول كيدمان، كيت بلانشيت، ناومي واتس، جاك ثومبسون.

وبمناسبة هذا التكريم “الاستثنائي”، سيحل وفد كبير من الممثلين والمخرجين الأستراليين بمراكش.

ويعود تاريخ السينما في أستراليا الى عام 1896 حين عرض على الشاشات الاسترالية وللمرة الأولى في العالم أول فيلم روائي Salvation Armys Soldiers of the Cross من بطولة والتر بارنيت وفرينشمان ماريوس سيستير، وقد صور هذا الفيلم أول سباق للخيول حدث في استراليا.

في هذا الفيلم استفادت استراليا بشكل كبير من التكنولوجيا الحديثة آنذاك فاحتوى الفيلم على الكثير من الصور والشرائح والموسيقى المؤثرة، كما انه جاء نتيجة لتشجيع الحكومة الاسترالية للكثير من المصورين السينمائيين لتقديم أفلام تمجد الحكومة الاسترالية الفيدرالية. هذا الفيلم الذي عرض في عام 1901 كان في الواقع توثيقيا تجميعيا وليس روائيا كما يزعم المؤرخون الاستراليون، ولكن هذا لا يفقد الاستراليين شرف تقديم أول فيلم في العالم.

في عام 1906 تم عرض فيلم The Story of the Kelly Gang الذي أنتجته شركة تايت بروذرز، ورغم أن هذا الفيلم لم يتبق منه سوى بعض المشاهد.

ورغم ان بدايات السينما الاسترالية كانت قوية فقد ترجعت بعد ذلك، ويعود السبب في ذلك للخطوة التي قامت بها شركة أسترالاشيان للأفلام، اول شركة توزيع في استراليا، إذ عقدت الشركة اتفاقا في عام 1911 مع عدد من الشركات الأمريكية يقضي بتوزيع الأفلام الاسترالية بأسعار رخيصة في الخارج، واستمر الحال كذلك حتى فقدت الافلام الاسترالية أية قيمة لها، ومع نهاية العشرينات أصبحت الأفلام الأمريكية تصدر بمعدل اربعين فيلما في الاسبوع، وهكذا سيطرت الأفلام الخارجية على السوق في استراليا وأصبحت الأفلام الاسترالية تعرض كأفلام ثانوية.

ظلت السينما الامريكية مسيطرة على الثقافة الاسترالية حتى السبعينات حين تأسست أول حركة لإحياء السينما الاسترالية أو كما يطلق عليها الكثير من المؤرخين أول نهضة استرالية.

خلال منتصف السبعينات خضعت الأفلام لرقابة الحكومة التي بدأت في تمويل ما ترتضيه من النصوص السينمائية، وقد كانت الحكومة تميل للأفلام الدرامية التاريخية التي تقدم الصورة الصحيحة عن استراليا على الأقل بما يتناسب مع أجندتها السياسية، التي تثبت امتلاك استراليا تاريخا عريقا وثقافة خاصة بها، وهكذا ظهرت الكثير من الأفلام مثل Hanging Rock (1975).

ورغم جميع الجهود التي بذلتها الحكومة لتشجيع السينما الاسترالية في تلك الفترة إلا أنها كانت تواجه مشكلة واحدة وهي تقيدها بأسلوب أفلام هوليوود، إذ كانت تصور البيئة الاسترالية من منظور إعلامي هوليودي وأوروبي بحت. كل هذه الأفلام التاريخية أنتجت في منعطف القرن وعادة ما كانت تصور في المناطق الريفية لعرض نماذج من الأساطير القديمة والنماذج الواقعية في المجتمع الاسترالي لتعزيز الانتماء للهوية الوطنية.

لكن معظم تلك الأفلام كانت ترسم صورة عن الحضارة الأوروبية والتراث البريطاني، عدا الافلام التي أنتجها سكيفيسيز، حتى أن بعض لجان الافلام المحلية رفضت أن تستثمر أموالها في أي فيلم يحتوي على شخصيات تمثل دور سكان استراليا الأصليين.

في الفترة من عام 1971 حتى عام 1977، كان عدد الافلام التي أنتجت 87 فيلما 10 منها فقط تناولت موضوعات جدية تتعلق بثقافة المدينة السائدة في استراليا، إذ كان الأمر المشوق هو كون استراليا من أكثر الدول الغربية تمدنا إذ يعيش ما يقرب من 87,5 في المائة من سكانها في مجتمع حضري متمدن.

حتى عام 1982 لم يكن هناك أية هجمات سينمائية ضد الثقافة الأمريكية، لكن الكثيرين اعتقدوا بان فيلم بريسفورد Baker Morant كان تعليقا مباشرا على حرب فيتنام، إذ انتقد الفيلم استراليا لدعمها بريطانيا عسكريا خلال الحرب في دولة بعيدة عنها جغرافيا.

ولكن في عام 1983 تحرر الاستراليون من سطوة أمريكا وبدأت الهجمات المباشرة من قبل الأفلام الاسترالية على الثقافة الأمريكية ووجهت لها انتقادات لاذعة بشأن ولائها للدول الحليفة. ومن أشهر الأفلام المعادية للسياسة الأمريكية كان فيلم Phar Lap لسايمون وينسر، الذي يصور في نهايته موت أسرع حصان سباق في أستراليا على يد الأمريكان، إذ يلمح الفيلم الى تدخل عصابات المافيا الأمريكية في العملية.

في هذه الفترة بالذات أصيبت الأفلام الاسترالية بشيء من الركود حتى أن الكاتب جراهام شيرلي علق قائلا: “لقد دخلت السينما الاسترالية في مرحلة التّدهور في الوقت الذي فشلت فيه الهويّة الوطنية في التطور”. ومع ازدياد حركة التمدن وارتفاع عدد السكّان في المدن بدرجة كبيرة، فان الغالبية العظمى من الاستراليين لم ترق لهم الافلام التي تصور الحياة في الأماكن الريفية والشخصيات القديمة التي كانت تقدم لهم على الشاشة، خصوصا الأجيال الجديدة من المهاجرين، الذين قدموا من منطقة البحر الأبيض المتوسط في فترة الخمسينات، لذلك فان اقبالهم على المشاركة في الافلام القديمة كان معدوما.

لكن منتجي الأفلام الاسترالية غفلوا عن هذه الحقيقة وبدلا عن الاستعانة بممثلين محليين فقد اتخذوا طرق أخرى لزيادة أرباحهم إذ اتجهوا الى سوق صناعة الأفلام في الخارج بالاستعانة بأشهر الممثلين الأمريكيين، ومن أشهر الأفلام التي أنتجت كان فيلم uigley لسايمون وينسر عام 1991 وفيلم The Man from Snowey River بطولة كيريك دوغلاس عام 1982 وفيلم Roadgames بطولة جايمي لي كورتي الذي أنتج عام 1981. لكن أهم الأفلام التي أنتجت كان فيلم Crocodile Dundee الذي أنتج عام 1986، وقد صورت نصف مشاهد الفيلم في استراليا لكن النصف الآخر صور في مدينة نيويورك والمثير في الامر أن هذا الفيلم حقق أضخم الأرباح في تاريخ السينما الاسترالية إذ سحق جميع الأفلام الأجنبية الأخرى التي أنتجت في السوق الأمريكية، ورغم هذا النجاح الهائل فان الحكومة الاسترالية رفضت التصديق على الفيلم للطريقة التي صور بها الاستراليين.

في منتصف الثمانينات كان الوقت ملائما لإعادة تنظيم صناعة الأفلام الأسترالية إذ بدأ تشييد البنية التحتية لهذه الصناعة التي سرعان ما أصبحت مبنية على أساس مالي أقوى بمساهمة الكثير من الناس الذين بدأوا في الاهتمام بدراسة السينما الاسترالية واكتساب المهارات في مجال الانتاج والتصوير السينمائي باستخدام وسائل الإنتاج المتنوعة وأفضل تقنيات التكنولوجيا. ثم برزت أهمية استعمال وشراء أفضل معدات التصوير من خلال التعامل بالدولار الأمريكي لتمويل الانتاج الاسترالي. وفي النهاية نجحت استراليا في الحصول على جميع الوسائل التي تمكنها من الاستمرار في صناعة الأفلام بقوة وما أن بدأت صناعة الأفلام في النجاح حتى انسحب جميع المخرجين والمنتجين من الساحة الإعلامية.

لقد انتقل الكثير من مخرجي الأفلام الاستراليين البارزين إلى هوليوود ليحققوا نجاحات واسعة في اخراج الافلام خلال فترة منتصف الثمانينات حتى نهايتها فقد أخرج بيتر وير أفلام ناجحة عدة مثل فيلمي Witness و Dead Poets Societyاللذين أنتجا في العامين 1985 و1989. وأخرجت جيليان آرمسترونغ فيلم .Mrs Soffel عام 1984 كما أنتج فريد سكيبيسي فيلمRoxane العام 1987، وأنتج بروس برسفورد فيلم Driving Miss Daisy وهو الفيلم الذي فاز بجائزة الأوسكار لأحسن تصوير سينمائي العام 1991. هذا النجاح الهائل الذي حققه المخرجون الاستراليون في الخارج جاء نتيجة لترعرعهم في استوديوهات هوليوود واكتسابهم الصنعة من المتابعة المستمرة لأفلام هوليوود، كذلك ساعد فهمهم واستيعابهم للثقافة الأمريكية على الإنتاج السينمائي الخصب لدرجة أنهم كانوا أكثر جدارة وخبرة من المخرجين الامريكيين أنفسهم في التصوير الواقعي لحياة الأمريكيين، ولكن للأسف فقد اعتبر الكثيرون ان استراليا خسرت النخبة السينمائية التي أنتجتها في الثمانينات لصالح هوليوود، إلا أن الوضع تحسن في ما بعد. في نهاية الثمانينات، ظهر في المقدمة جيل جديد من الأستراليين، الذين عاصروا أفلام فترة ما قبل الثمانينات بأفكارهم وتفسيراتهم الجديدة الداعية للتمسك بالهوية الوطنية وأطلق على هذه المجموعة اسم الموجة الثانية لعصر نهضة الأفلام الاسترالية والذين بدأو في إبداء وجهات نظرهم المختلفة تجاه ثقافة استراليا ونيوزيلندا.

افتتح فيلم جو كلين مورهاوس عصر النهضة عام 1991 إذ انتقد بشدة الأسلوب الذي تتبعه شخصيات هوليوود السائدة في تلك الفترة والتي تركز في معظم أفلامها على تمييز شخصية البطل المحبوبة دائما.

الاتجاه الجديد الذي ساد في السينما الاسترالية هو أن جميع الشخصيات في أي فيلم لها ما يميزها من الصفات وما يجعلها محببة وفي الوقت ذاته فقد تبدر عنها تصرفات غير محبذة من قبل الجميع ما جعل الشخصيات السينمائية الاسترالية اقرب للواقعية بعكس أبطال هوليوود المزيفين، الذين اعتاد الجمهور الأسترالي على مشاهدتهم.

ثم جاء فيلم Strictly Ballroom الفيلم الذي أنتج العام 1992 لباز لورمان واعتبر نسخة استرالية مطابقة لأفلام الرقص الأمريكية في الأربعينات. الفيلم أصبح مهما لأنه صور استراليا بمجتمع حضري متعدد الثقافات. يعقد لورمان في الفيلم مقارنة بين أسلوب حياة عائلتين الأولى هي عائلة فران المكافحة القادمة من منطقة البحر الأبيض المتوسط، التي تعيش تحت خط الفقر والثانية هي عائلة سكوت هاستينج ذات الثقافة البريطانية التي تنتمي للطبقة العاملة.

عن بيت الفن

شاهد أيضاً

مهرجان مراكش للفيلم يمنح نجمته الذهبية للمخرج الفلسطيني إسكندر قبطي

الإضافة إلى الجائزة الكبرى (النجمة الذهبية)، قررت اللجنة برئاسة المخرج الإيطالي لوكا جوادانيينوتتويج تتويج ينعاد …