يحاضر في موضوع ”العدالة العالمية والأخلاق الائتمانية”
بيت الفن
يحل المفكر المغربي طه عبد الرحمن غدا الأربعاء 24 أبريل 2019 ضيفا على أكاديمية المملكة المغربية بالرباط، حيث يلقي بمقرها محاضرة في موضوع ”العدالة العالمية و الأخلاق الائتمانية”.
وأوضحت أكاديمية المملكة المغربية في بلاغ لها أن تنظيم هذه المحاضرة، التي ستنطلق على الساعة السادسة مساء، يأتي إيمانا منها بمبادئ العدالة العالمية السامية، التي تتجلى في التصدي لتحديات الإيذاء البشري، التي أخذت مفاهيمها تتسع للعالم كله، مشيرة إلى أن مفهوم العدالة العالمية استحدث في التسعينيات من القرن الماضي، وحمل عدة معاني اختلفت باختلاف النظريات الأخلاقية التي اهتمت به.
وذكر البلاغ ذاته أن طه عبد الرحمن يعد أحد الوجوه الفكرية المضيئة في الدراسات المنطقية والفلسفية والإسلامية ومنظر “فكر القاعدة الإيمانية المشتركة بين جميع الأديان”. كما يعد المفكر طه عبد الرحمن (من مواليد مدينة الجديدة سنة 1944) الذي تلقى دراسته الجامعية بالمغرب و فرنسا، وحصل على دكتوراه الدولة في الآداب والعلوم الإنسانية من جامعة ”السوربون”، أحد مؤسسي ”اتحاد كتاب المغرب”، وهو رئيس ”منتدى الحكمة للمفكرين والباحثين”.
للمفكر طه عبد الرحمن، الذي يلقب بـ”فيلسوف الأخلاق” أو “فقيه الفلسفة”، عدة مؤلفات ودراسات في ميادين مختلفة كالمنطق والفلسفة واللسانيات والعلوم الإسلامية وفلسفة الدين ومنها “العمل الدينى وتجديد العقل” و”روح الحداثة: المدخل إلى تأسيس الحداثة الإسلامية” و”الحوار، أفقا للفكر” و”سؤال العنف” و”سؤال الأخلاق، مساهمة النقد الأخلاقي للحداثة الغربية” و”ثغور المرابطة”.
درس طه عبد الرحمن المرحلة الابتدائية في مدينة الجدية، وانتقل بعدها إلى الدار البيضاء وأكمل دراسته الإعدادية والثانوية فيها.
حصل في جامعة محمد الخامس بالرباط على إجازة في شعبة الفلسفة، ثم سافر إلى فرنسا لاستكمال دراسته في جامعة السوربون، وحصل على إجازة ثانية في الفلسفة ثم دكتوراه السلك الثالث عام 1972 في موضوع “اللغة والفلسفة: رسالة في البنيات اللغوية لمبحث الوجود”.
رجع إلى المغرب أستاذا في جامعة محمد الخامس بالرباط يدرّس المنطق وفلسفة اللغة، وحصل على دكتوراه الدولة عام 1985 بأطروحة تحت عنوان “رسالة في الاستدلال الحجاجي والطبيعي ونماذجه”.
عمل طه عبد الرحمن أستاذا للمنطق والفلسفة في جامعة محمد الخامس بالرباط منذ عام 1970 إلى 2005.
وهو عضو في “الجمعية العالمية للدراسات الحِجَاجية” وممثلها في المغرب، وعضو في “المركز الأوروبي للحِجَاج”، ورئيس منتدى الحكمة للمفكرين والباحثين بالمغرب.
عبر سنوات من التدريس ومؤلفات عديدة ودراسات ومحاضرات فكرية في المغرب وخارجه، رسم طه عبد الرحمن مشروعا فلسفيا أو رؤية تميزه عن غيره من المفكرين، من خلال الجمع بين “التحليل المنطقي” و”التشقيق اللغوي”، مع الارتكاز على مفاهيم من التراث الإسلامي ونفحة صوفية.
عمل على فك الارتباط بين الفلسفة ومفهوم الحداثة وبين الفكر الغربي كذلك، ليؤكد أن لكل ثقافة وحضارة فلسفتها وحداثتها الخاصة. وجعل الفكر النظري والعمل الأخلاقي وجهان لعملة واحدة، معارضا بذلك الفكر الغربي الحديث الذي يستبعد الأخلاق في شقها العملي.
رفع شعار “الأخلاق هي الحل” أو ما سماه في بعض كتبه -مثل “روح الدين” و”سؤال العمل”- بـ”العمل التزكوي”، واعتبر أن الازدواجية في الفكر الإسلامي العربي شلت قدرة أهله على الإبداع الفلسفي، لاستخدام مفاهيم في الممارسة الإسلامية العربية تحذو حذو المنقول الفلسفي الغربي حذو النعل بالنعل.
طالب بإعادة النظر في كل المفاهيم التي نتلقاها، والاعتماد على مصطلحات وليدة من ثقافتنا، وإبداع المصطلحات والمفاهيم اللازمة لعملية التجديد، لأن المفاهيم هي المدخل للمعرفة وضبط السلوك المعرفي للإنسان.
انتقد نقل الحداثة الغربية للعالم العربي والإسلامي دون ابتكار وتمييز، ودون التفريق بين واقع الأشياء وبين روحها، معتبرا أن الروح تعني في هذا السياق مجموعة القيم ومجموعة المبادئ التي يشكل الواقع تجسيدا لها، وبالتالي فالحاجة لبحث الحداثة كقيم ومبادئ لا كواقع.
لاحظ أن العالم العربي والإسلامي عرف ما سماه بـ”اليقظة الدينية” أو “اليقظة العقدية” منذ أكثر من ثلاثة عقود تحتاج وفقا لما ذكره في كتابه “العمل الديني وتجديد العقل” لـ”سند فكري محرر على شروط المناهج العقلية والمعايير العلمية المستجدة، فلا نكاد نظفر عند أهلها لا بتأطير منهجي محكم، ولا بتنظير علمي منتج، ولا بتبصير فلسفي مؤسس”.
رفض اعتبار العقل كيانا مستقلا لأنه هو فاعلية الإنسان، وشدد على أهمية وضرورة الربط بين الفاعلية النظرية المجردة (العقل) وبين الشعور الذاتي الداخلي (الاحساس أو القلب) والعمل (التطبيق).
سعى لتجديد الفكر الديني الإسلامي لمواجهة التحديات الفكرية التي تطرحها الحضارة الحديثة، ووضع نظرية أخلاقية إسلامية تفلح في التصدي للتحديات الأخلاقية لهذه الحضارة، بعدما فشلت في ذلك نظريات أخلاقية غير إسلامية أو غير دينية.