بيت الفن
بعد مرور حوالي نصف قرن على نشرها لأول مرة بمجلة “الكواكب”‘ تصدر دار نهضة مصر “مذكرات كاريوكا”، بالتزامن مع تنظيم معرض القاهرة الدولي للكتاب في الفترة من 22 يناير إلى 5 فبراير 2019.
يضم الكتاب مذكرات الراقصة المصرية الشهيرة تحية كاريوكا (22 فبراير 1919 – 30 شتنبر 1999) التي سجلها الكاتب الراحل صالح مرسي سنة 1970، وأخرجها الكاتب والباحث المصري محمد توفيق إلى النور بعد رحلة شغف وبحث طويلة.
يقول توفيق إنه كان يقرأ كتاب “هم وأنا” للراحل صالح مرسي فلفت نظره ثناء الأديبين الراحلين نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم على أسلوب كتاباته لمذكرات تحية كاريوكا، حتى إن محفوظ قال له إن تلك المذكرات عمل أدبي، ونصحه بتقديمها تحت عنوان “قصة راقصة”.
من هنا التقط توفيق الخيط لوجود مذكرات عن تحية كاريوكا، فبدأ البحث عنها، وعلم بنشرها في مجلة “الكواكب” على مدار 30 حلقة، مشيرا إلى أن اختيار مرسي لسرد مذكرات كاريوكا جاء في إطار اهتمام كبار الكتاب آنذاك بظاهرة الراقصة الشهيرة، فضلا عن أن مرسي يعتبر أشهر مَن كتب في أدب الجاسوسية، واقترن اسمه طويلا بعمله “رأفت الهجان” الذي تحول لعمل درامي بارز، كما ترك مذكرات فنية لافتة من أبرزها ما كتبه عن الفنانة ليلى مراد.
ويبرز توفيق أن التحدي الصعب الذي واجهه هو الوصول إلى أعداد مجلة “الكواكب” الصادرة خلال الفترة من شتنبر 1970 حتى مارس 1971، التي وجدها في النهاية متفرقة ما بين دار الكتب والوثائق ومكتبة الإسكندرية وسور الأزبكية.
ومحمد توفيق له باع في الكتب البحثية، والتي يستند كثير منها إلى حواراته المُطولة مع العديد من كبار الكتاب، وأنجز في هذا السياق العديد من العناوين أبرزها “الخال.. عن سيرة عبدالرحمن الأبنودي”، “أيام صلاح جاهين”، “أحمد رجب ضحكة مصر”، و”صناع البهجة” وغيرها.
ويعتبر توفيق أن شغفه بالكتابة والكتاب هو أبرز ما حرضه على رحلة “مذكرات كاريوكا”، ويتابع أنه محب لصالح مرسي وأعتبره أحد أعظم الكتاب على الإطلاق، وكان مُتعلقا بفكرة أن يكون سببا في إحياء عمل له لم يعرف عنه الجمهور شيئا، علاوة على أن صاحبة المذكرات هي تحية كاريوكا التي لا تزال مثار اهتمام كبير.
وتتناول مذكرات صالح مرسي حياة كاريوكا منذ ميلادها وحتى قبل ثورة يوليوز، وضمت تفاصيل حياتها الشخصية والمشهد العام في مصر. يقول صاحب الكتاب: “كتب صالح مرسي المذكرات بأسلوب سردي أدبي وليس تقريرياً”.
وروى الباحث في مقدمة الكتاب قصة بحثه عن المذكرات التي كتبها صالح مرسي، ثم رصد بعدها سيرة كاريوكا في ما بعد ثورة يوليو، لاسيما علاقتها برؤساء مصر، وفترة السجن التي مرت بها. ويوضح: “قدم الراحل صالح مرسي لنا كاريوكا التي لا نعرفها، وحاولت أن أتوقف باحثاً عن كاريوكا التي وصلت إلينا، ومحاولاً البحث عن كاريوكا ما بين الحقيقة والأسطورة”.
ويبدو أن الشغف بحضور تحية كاريوكا، التي رحلت عام 1999، يجد أصداء واسعة في المنجز الأدبي الراهن، فتجد الراقصة الشهيرة ماثلة في أعمال أدبية حديثة مثل رواية “المولودة” للكاتبة نادية كامل التي سلطت الضوء على فترة سجن كاريوكا وكشفت عن وجه إنساني لافت، وكذلك في رواية “الزوجة المكسيكية” للدكتور إيمان يحيى التي وصلت أخيراً للقائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية، وبها مر على سيرة تحية كاريوكا ضمن مشهد واسع يضم شخصيات مصرية كبيرة حاضرة في المشهد آنذاك مثل يوسف إدريس، عبدالرحمن الشرقاوي، عبدالرحمن الخميسي، حسن فؤاد، وصلاح حافظ وغيرهم.